سودانيون في القاهرة.. غلاء الأسعار والحنين إلى الوطن تسلبان فرحة العيد

أكثر من ثمانية ملايين سوداني هجروا بلدهم منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023م ، يعيشون الآن في مصر بصفة لاجئ ، باغتتهم الحرب ولم تسعفهم الظروف للإعداد الجيد لهذه الرحلة كما في السابق حيث كان السودانيون يدخلون مصر لقضاء الإجازات والعطل وأحياناً العلاج والسياحة ، وكان لهم مطلق الحرية في العودة للوطن خلال عطلات الأعياد الرسمية لاسيما عيد الأضحى الذي يشكل حدثاً فريداً تجتمع فيه الأسر من كل أنحاء الدنيا ليشهدوا منافع لهم خاصة وأن عيد الأضحى يعتبر موسم لتنظيم مناسبات الأفراح لدى معظم الأسر السودانية. تراوحت أسعار الخرفان بالقاهرة بين “8 – 13″ ألف جنيه مصري ، هذا المبلغ شكل حجر عثرة أمام كثير من الأسر السودانية في مقدرتها على شراء خروف الأضحية مع الوضع في الاعتبار معظم الأسر تعتمد في مصروفاتها على تحاويل ذويهم من السودان ومع تدهور سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الجنيه المصري أصبح الوضع يفوق طاقة أرباب الأسر، وأظهر استطلاع لـ”مداميك” أن معظم الأسر السودانية عادة تتكون من الأم والأبناء مع بقاء رب الأسرة بالسودان لظروف العمل ، وقالت المواطنة منى محمد وهي أم لأربعة من الأطفال إنها لأول مرة تحتفل بعيد الأضحى خارج السودان و بعيدة عن وطنها و أسرتها الكبيرة وأنها عانت من إحساس الغربة القاسي في ظل ظروف إقتصادية صعبة حرمتها من شراء خروف الأضحية ، وتحكي لـ”مداميك” أنها حاولت أن تظهر مظاهر الفرحة بالعيد مع أطفالها وقاموا بشواء اللحوم التي حصلوا عليها من الملحمة بعد وقوف وانتظار طويل في الصفوف حتى ساعات صباح العيد بجانب حصة من اللحوم وصلتها من جارتها المصرية التي قامت بتسجيلها في جمعية لتوزيع لحوم الأضاحي . و تضيف منى أنها منذ عيد الفطر الماضي تفتقد الإحساس بالعيد مع الجيران والأهل وقالت “لايوجد إحساس بالعيد سوى شعيرة علينا تعظيمها” .
عقب موجة اللجوء الكبيرة للسودانيين إلى مصر وخاصة العاصمة القاهرة التي تشهد أكبر تجمع للسودانيين ، صاحَب ذلك قيام مشاريع مثل المتاجر والمطاعم ذات الطابع السوداني ومن ضمن ذلك إفتتاح “مذابح أو ملاحم” سودانية ، وهذه شهدت خلال أيام العيد زحمة كبيرة وطوابير ممتدة بدأت عمليات الذبح عقب صلاة عيد الأضحى وحتى اليوم الثالث للعيد وبلغ سعر الذبح “600” جنيه مصري ، المواطن عبد المنعم السيد قال لـ”مداميك” إنه قام بحجز خروف الأضحية من واحدة من الملاحم السودانية بالقاهرة بسعر “11” ألف جنيه إضافة لمبلغ “600” جنيه مقابل عمليات الذبح والسلخ ، وتمكن من استلام الخروف ثاني أيام عيد الأضحى وأقاموا مائدة دعوا لها أهلهم ومعارفهم بالقاهرة .
وتضيف سلمى زوجة عبد المنعم أن إحساس العيد مختلف بعيداً عن الوطن وأنها تفتقد البيت الكبير الذي يسع أعداد كبيرة من الأهل والضيوف وهو البيت الذي يشهد ذبح عشرات الخراف خلال عيد الأضحى وسط فرحة الأطفال والكبار. المواطنة أماني علي ينطبق عليها ما سبق ذكره ، حكت أنها كانت مقيمة في مصر قبل أربعة سنوات وكان يمر عيد الأضحى كبقية أيام السنة لعدم وجود معارف وأهل ، إلا أن هذا العيد جاء مختلف بعض الشئ بالنسبة لها نظراً لوجود كل أسرتها الممتدة ومعارفها وأصدقائها بالقاهرة بسبب ظروف الحرب ، وقالت لـ”مداميك” إنها احتفلت بالعيد مع أسرتها وسط اللمة وإحياء سنن و طقوس عيد الأضحى مثل “الشية والشربوت” خاصة وأنهم أسرة ذات وضع إقتصادي مستقر، لكنها أضافت أن التفكير في الوطن وما آلت إليه الحال بسبب الحرب يسلب كل فرحة وقالت إنها تتمنى أن يأتي العيد القادم والسودان خالي من الحروب والصراعات وكل الشعب السوداني في أمن وسلام . وعلى الضفة الأخرى ، هنالك بعض الأسر السودانية تتلهف لوصول ذويها القادمين من السودان عبر الصحراء في رحلة لاتقل فظاعة من أهوال الحرب التي تركوها خلفهم ، إلا أنه لم يكتب الله لهم الوصول إلى القاهرة ، وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد ضجت قبل أيام قليلة من عيد الأضحى بقصص عشرات السودانيين ممن أجبرتهم الحرب إلى سلك طرق وعرة عبر الصحراء لينتهي بهم المطاف قتلى بسبب العطش والتعرض لحرارة الشمس الحالية.
وآخرون ضبطتهم الأجهزة الأمنية وصلوا إلى الأراضي المصرية بطريقة غير شرعية قبل أن تقرر ترحيلهم إلى بلادهم، وفق وسائل إعلام مصرية وسودانية ، وكانت وكالة الأنباء السودانية كشفت عن استقبال أكثر من 700 سودانياً مرحلاً من مصر عبر معبر أرقين الحدودي لمخالفتهم الدخول بالطرق غير الشرعية.
مداميك