أخبار السودان

مع الأحداث..ود المكي.. تكريم مستحق

بابكر عيسى

الله يا خلاسية

يا حانة مفروشة بالرمل

يا مكحولة العينين

يا مجدولة من شعر أغنية

يا وردة باللون مسقية

بعض الرحيق أنا

والبرتقالة أنت

..الخرطوم تحتفل هذه الأيام بعودة ابنها الشاعر الرائع والمتفرّد محمد المكي إبراهيم بعد غربة امتدّت سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية، وتلك بلاد خبرها عندما كان سفيرًا بوزارة الخارجية السودانية، حيث ارتحل من عاصمة إلى أخرى حاملاً الوطن في حقيبته وفي قلبه وفي خلاياه وهو دائم الثقة بأن فجرًا جديدًا سيولد، حيث تتطهر الأرض وتعود كافة العصافير المُهاجرة لتغني نشيدًا للأرض وتجعل رايات المجد ترفرف خفاقة فوق السماء وفي كل المحافل الدوليّة ليفتح الوطن أحضانه لكل أبنائه الذين شردتهم الدروب ويعود السودان إلى سابق عهده.

ود المكي العائد إلى أرض الوطن بالحلم والبشارة سيتم تكريمه بصورة تليق بمقامه في مدينته التي أحبّها بإدمان.. مدينة الأبيض.. التي شهدت خطاه الأولى وهو يحبو في “فريق القبة” قرب ضريح إسماعيل الولي عطر الله ثراه.. وشاعرنا الكبير ولد في مطلع عام 1939 في بيت علم ودين، وتفجر إبداعه وهو بعد طالب بمدرسة خورطقت الثانوية، والتحق بكلية الحقوق بجامعة الخرطوم عام 1960.

وصدر للشاعر محمد المكي إبراهيم حتى الآن أربعة دواوين شعرية هي على التوالي: أمتي 1969، بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت 1972، في خباء العامرية 1986، ويختبئ البستان في الوردة 1988، وقد تمّ جمع هذه الدواوين في سفر واحد مرتبة حسب الأسبقية الزمنية، وصدرت عن مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي بالخرطوم.

وود المكي هو شاعر الأكتوبريات، وأروع من غنى لثورة أكتوبر المجيدة “1964” وتغنّى له الفنان المُبدع الكبير محمد وردي “أكتوبر الأخضر”، وردّد المتظاهرون في شوارع الخرطوم “من غيرنا أعطى لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصر”.. وكانت أمتي الوعي والحلم والغضب.. وغنى للشهيد القرشي حتى انتصر.

مدينة الأبيض، أو عروس الرمال كما يحلو لأهلها أو من يحبها أن يسميها على موعد مع حدث كبير هو الاحتفاء بابنها محمد المكي إبراهيم الذي يعود إليها بعد غيبة سنين “عريانًا إلا من محبتها” ولأنها تعشقه وتعشق كلماته وأنفاسه وشاعريته ستفتح أحضانها الدافئة لتستقبله بكل الحب والود والإخاء.

لا نعرف الكثير عن خطط ود المكي المستقبليّة، ولكننا نحتاجه هناك ليكون تاجًا على رؤوسنا وحتى يعرفه الجيل الجديد ويرتوي من نبعه، ويقود قافلة المُبدعين نحو فجر جديد يتطهر خلاله الوطن من دنس السنوات.

وكم أتمنّى لو ينظم شاعرنا الكبير ود المكي جولة مفتوحة في عدد من العواصم العربية ليقدّم جزءًا من أعماله الشعرية للذين لم يسمعوا به من قبل وليعكس صورة السودان الناصعة ثقافة وعلمًا وأدبًا ودبلوماسيةً، فود المكي وأقرانه الدرر هم الواجهة الحقيقية للسودان المُتطلع للعُلا والقادر على النهوض لينفض عنه غبار الاتكالية والخمول والتخلف.

التحية من هنا أبعث بها إلى أهلي الرائعين في مدينة الأبيض، وعلى مبادرتهم الرائعة بتكريم محمد المكي إبراهيم، ذلك المُبدع الذي ملك ناصية البيان وأبدع وأجاد، وجعل وجهنا مشرقًا في الدروب المظلمة وأهدانا كوكبة من القصائد المتوهجة والعامرة بالبشر والبشارة.

الراية

تعليق واحد

  1. التحية لك استاذ عيسى
    نردد خلفك الترحاب ونحي الأستاذ محمد المكي ابراهيم العائد من حضوره البعيد لحضوره القريب! فالرجل لم يغب عنا وإن لعدت الشقة بل كان بيننا فله التحية مرة أخرى في الغابة والصحراء

  2. اكتوبر الأخضر
    شاعر الاكتوبريات / محمد المكي ابراهيم

    اسمك الظافر ينمو في ضمير الشعب ايمانا وبشرا
    وعلى الغابة والصحراء يلتف وشاحا
    وبأيدينا توهجت ضياء وسلاحا
    فتسلحنا بأكتوبر لن نرجع شبرا
    سندق الصخر ..
    حتى يخرج الصخر لنا زرعا وخضرا
    ونرود المجد ..
    حتى يحفظ الدهر لنا إسما وذكرا

    بسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني
    الحقول اشتعلت قمحا ووعدا وتمني
    والكنوز انفتحت في باطن الأرض تنادي
    بسمك الشعب انتصر ..
    حائط السجن انكسر ..
    والقيود انسدلت جدلة عرس في الأيادي

    كان أكتوبر في أمتنا منذ الأزل
    كان خلف الصبر والأحزان أحيا ..
    صامدا منتظرا حتى إذا الصبح أطل
    أشعل التاريخ نارا واشتعل
    كان أكتوبر في نفضتنا الأولى
    مع المك النمر
    كان أسياف العشر
    ومع الماظ البطل
    وبجنب القرشي
    حين دعاه القرشي حتى انتصر

    بسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني
    الحقول اشتعلت قمحا ووعدا وتمني
    والكنوز انفتحت في باطن الأرض تنادي
    بسمك الشعب انتصر ..
    حائط السجن انكسر ..
    والقيود انسدلت جدلة عرس في الأيادي
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    جيل العطاء
    القامة الفذ / محمد المكي ابراهيم

    من غيرنا يعطي لهذا الشعب
    معنى أن يعيش وينتصر
    من غيرنا ليغير التاريخ
    والقيم الجديدة والسير
    من غيرنا لصياغة الدنيا
    وتركيب الحياة القادمة
    جيل العطاء المستجيش
    ضراوة ومقاومة
    المستميت على المبادىء مؤمنا
    المشرئب إلى النجوم لينتقي
    صدر السماء لشعبنا
    جيلي أنا ..
    هدم المحالات العتيقة
    وانقضي سيف الوثوق مطاعنا
    ومشى لباحات الخلود
    عيونه مفتوحة
    وصدوره مكشوفة
    بجراحها متزينة
    متخيرا وعر الدروب وسائرا
    فوق الرصاص منافحا
    جيل العطاء لك البطولات الكبيرة
    والجراح الصادحة
    ولك الحضور هنا
    بقلب العصر فوق طلوله المتناوحة
    ولك التفرد فوق صهوات الخيول روامحا
    جيلي أنا ..
    جيل العطاء لعزمنا
    حتما يذل المستحيل وننتصر
    وسنبدع الدنيا الجديدة وفق ما نهوى
    ونحمل عبء أن نبني الحياة
    ونبتكر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..