الجنرال.. صالح عام

بشفافية

الجنرال… صالح عام

حيدر المكاشفي

هديمك يا وليد مقدود
وصابحنا الفقر والجوع
صِبِح جلد البطن مشدود
شِنْ بِتسو
وأخوك من شهر مرفود
قالوا صالح عام
عشان قال العوج في العود
هذا مطلع قصيدة للمبدع هاشم صديق بعنوان «صالح عام» هجا فيها نظام الانقاذ هجاءً موجعاً إبان تسونامي «الصالح العام» الذي تشرّد بسببه الآلاف وفقدت البلاد الكثير من كفاءاتها وخبراتها العملية في مختلف المجالات، ومن جهة أخرى تسبب في ذيوع لافت لظاهرة «النفاق» وممالأة الحكام الجدد، إما لكسب ودهم أو لإتقاء شرّهم، وإنتشرت تبعاً لذلك ظاهرة إطلاق اللحي فيما أُصطلح على تسميته شعبياً بـ «دعوني أعيش» و«من أجل أبنائي»، كما شاع بين هذه الفئات محاولة «التأدب» بـ «أدبيات» جماعة الانقاذ التي كانت معروفة الهوى والهوية منذ يومها الاول رغم إجتهادات كاتب مقال «هل هؤلاء الرجال جبهة»، فأصبحوا يكثرون من ترديد عبارات مثل «جزاك الله خير» و«أحسب أن….» وما شاكلها من عبارات وأدبيات ما إن ترد على لسان أحد لا يخالجك أدنى شك في إنتمائه لهذه الجماعة، تماماً مثلما أنك لن تجد أدنى مشقة في معرفة إتجاه من ترد في حديثه عبارات مثل «في الحتة دي» و«فكرة إنو» و«الطفيلية الرأسمالية»، وقد تصرخ بعفوية «أمك حزب أمة» في وجه من تسمعه يُكبّر فلا يقف عند حدود «الله أكبر» ولا يهنأ ولا يرتاح إلا أذا أكملها هكذا «الله أكبر ولله الحمد»، وهكذا دواليك فمن تجده ينشد «يا ربي بهم وبآلهم عجّل بالنصر وبالفرج» فهو بلا ريب ختمي إتحادي وربما يرتدي «جلابية بلياقة»، وهلمجرا فالاتجاهات السنة أيضاً وأدبيات وسمات وملامح، تعرفهم من أحاديثهم وأشكالهم…
في الانباء أن الاستاذ حسن فضل المولى الذي يلقبه صحافيو الفنون بـ «الجنرال»، مدير عام قناة النيل الازرق قد تقدم باستقالة ظلت حيثياتها التي دعته لتقديمها طي الكتمان حتى الآن إلا من بعض التسريبات والتفسيرات التي إتفقت جميعها في أن السبب العام للاستقالة هو ما وجده الجنرال من مضايقات وانتقادات من جهات عليا «حزبية وتنفيذية» في الآونة الأخيرة، بينما إختلفت هذه التفسيرات في بعض التفاصيل، ومنها ما يذهب إلى ان سبب إستقالة الجنرال هو النقد العنيف الذي جوبه به من قبل زمرته في «التنظيم والحكومة» جراء إذاعة قناته على الهواء مباشرة قصيدة هاشم صديق «صالح عام» التي أوردنا مطلعها في مطلع هذا «العمود»، وهي عندي إن لم تكن كل السبب فهي على الاقل أحد اهم جزئياته، ولسبب بسيط هو أن الحكومة وحزبها لم يحتملا في يوم ما إلا على «مضض» أي إنتقاد علني يوّجه اليهما، فكيف بهما يحتملان أن يمر ذلك عبر «بني تنظيمهم» والمنابر القومية التي سيطروا عليها، ولو تذكرون فإن مثل هذه الممارسة الحضارية كانت قد أطاحت من قبل بكل من القياديين في الحكومة والحزب الحاكم، مكي علي بلايل وأمين بناني نيو وقذفت بهما خارج أسوار الحزب والحكومة ليكوّنا حزباً مشتركاً كان ثالثهم فيه لام أكول، ثم من بعد ينفرد كل من ثلاثتهم بحزبه…
فهل أطاحت «صالح عام» بالجنرال وأعادت ذكرى سيء الذكر «الصالح العام»، لا أو نعم، ذلك ليس هو المهم، المهم هو أن لا يخسر المشاهدون كفاءة وسطية ومعتدلة مثل الجنرال الذي لا أعرفه ولا يعرفني ولكني اعترف بفضله وتميزه بين أقرانه وبني جلدته العاملين معه في ذات المجال…

الصحافة

تعليق واحد

  1. أولاً تحية حارة جدا للشاعر هاشم صديق
    رغم اني لم اقرا له كثيرا ولا حتي هذه القصيدة لم اسمعها كاملة الا قراءتي لهذا المقطع………….
    وتحية حارة جدا جدا جدا للسيد مدير القناة الذي استقال…………
    والله ان هذا لهو شرف له ان يستقيل علي ان يمارس الخضوع لرغبة اي كان……….
    حتي وان كان سبب الاستقالة غير الذي ذهبت اليه فهذه والله محمدة نرجو ان تعم كل من به ذرة من حياة فتوقظ فيه وازع الضمير وتدفعه الي السمو بهذه الروح التي كرمها الله وطهرها واعلي من شأنها…….
    مالنا نغمس ارواحنا فى وحل الذل والخنوع؟؟؟!!!!! والمهانة ؟؟؟
    هل لان الذي بيده القلم هو الوالي!!!!!!!!!!
    وهل نسينا ان للوالي والي أولي منه……….!!!!!!!!!!!!!!
    كثيرون يعلمون انهم يمارسون التذلل خشية (الصالح العام) وينسون ان الارزاق بيد مقسمها
    العادل الذي لا يظلم الناس بل هم انفسهم يظلمون……….

    أكرم الي الانسان ان ينأي بنفسه عن التذلل والخضوع والتبعية من اجل حفنة من الدنانير تكون وبالاً عليه يوم الحشر العظيم
    يوم تلقونه فرادي…………. لا حامي ولا مدافع ولا شفيع ( الا من اتي الله بقلب سليم)
    اللهم ارزق كل خائفاً طمأنينة تمكنه من الجهر بالحق
    وتزيل عنه الخوف من جور الظالمين….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..