الدستور الظلامي والألفاظ السوقية

سليمان حامد الحاج

المهاترات وسقط القول هي أسلحة العاجز الذي لا يستطيع مقارعة الحجة بالحجة وتستعص عليه الإجابة على الحقائق بالأسانيد والبراهين، لهذا يلجأ إلى ما ينضح به:

هذه العبارات (حنفقع مرارتهم ونحرق فشفاشهم) و (الأحزاب المعارضة ترلة للحركة الشعبية) و (مخطط جنوب كردفان يقوده السكارى والحيارى) و (الشمال حيعمل كشه على الجنوبيين إذا لم يعودوا إلى الجنوب) و (أي جنوبي يشعر بعدم الراحة يتخارج) هذه وما لا حصر له من مثيلاتها لم يتلفظ بها مواطنون ? لم ينالوا حظاً من التعليم ? . ولم ترد على لسان مجموعة من الصبية المشردين الذين يتعاطون (السلسيون) ليتناسوا البؤس والظلم الذي حاق بهم وهم محشورون في قاع المجاري. بل هي تصريحات تلفظ بها مسؤولون في قمة السلطة وعلى رأسهم نائب رئيس الجمهورية الحاج آدم يوسف ومساعد رئيس الجمهورية د. نافع علي نافع.

نحن في الحزب الشيوعي نربأ بأنفسنا من الخوض في مثل هذه العبارات ولن نجاريها، لأننا نعرف أهدافها ومراميها، فهي من جهة تتعمد عن قصد إلهاء المعارضة عن واجباتها النضالية مع الجماهير وقضاياها ومعاناتها اليومية نتيجة للتردي الذي وصل إليه حال البلاد. وهي محاولة لوقف تصاعد السخط الشعبي وتراكمه ووقفه من الانفجار.

ومن جهة أخرى فإنهم يبحثون عن أطواق نجاة لانتشال نظام الرأسمالية الطفيلية من الغرق. وهم يعتقدون إن الدستور الظلامي المسمى زوراً وبهتاناً بالدستور الإسلامي هو أحد الأطواق المنقذة، قال بذلك رئيس الجمهورية في أكثر من مكان وردده نائباه ومعظم مساعديه في معظم المناسبات التي تحدثوا فيها، وظهرت مقدماته في التبشير بمنع الاختلاط في الجامعات والمركبات العامة. وفي الضرب الوحشي بالرصاص الحي ومواجهة المظاهرات السلمية بأقصى درجة من العنف، وما حدث لطلاب جامعة بحري وضرب الطالبات بالسياط وخراطيم المياه. وليت من فعلها كانت الطالبات ضد بعضهن البعض، ولكن أن يأتي هذا الفعل المشين من عمداء لكليات في الجامعة، فهذا لم يحدث في تاريخ التعليم في السودان. ويا له من منظر قبيح ومعيب أن ترى مربياً يهرول حاملاً سوطه ? كما يفعل رعاة البقر ? خلف إحدى طالباته. ما أسوأها من مقدمات لدستور تجري صياغته باسم الإسلام يمارس من خلاله القمع الوحشي وحجر حرية التعبير والرأي الآخر وحرية الصحافة وحظر إقامة الندوات السياسية والثقافية في الأماكن العامة، إنه يدوس على كل الحقوق التي كفلتها المواثيق الدولية، بل نص عليها الدستور الانتقالي لعام 2005م بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل. إنه دستور ظلامي، هدفه الأساسي هو المحافظة على الغنائم من قصور وأموال مكتنزة فيها وفي البنوك الخارجية وترف الحياة الدنيوية وملذاتها عبر المحافظة على هذه السلطة.

كيف يستطيع من يعيشون هذه الحياة أن يقنعوا شعب السودان بأنهم زاهدون في الحياة الدنيا بعد أن انكشف شعارهم المخادع (هي لله لا للسلطة ولا للجاه).

ومن حقنا أن نعجب كل العجب ممن لازال يماري في صحة التفسير المادي لتحويل المجتمعات. وممن لازالوا يتمسكون بالتفسير الطوباوي لأحداث التاريخ ويعتقدون حتى اليوم أو يظنون مجرد الظن إن الشعوب تتبدل أحوالها بتمسكها بالنصوص المعجزة. بل هناك من يتمادى فيرى إن التاريخ عملية استردادية، فليس على من يعيشون في المعاناة وشظف العيش إلا استرجاع الماضي الذهبي والاحتذاء به والسير على منواله. وكل المصائب وضنك الحياة ومآسيها ستزول إذا ما عدنا إلى تلك الحقبة المثالية. ولا أحد من دعاة الدستور الإسلامي استطاع أن يوضح كيف يتسنى استرجاع فترة ولّت منذ خمسة عشر قرناً، وكيف يستطيع من هو في القرن الواحد بعد العشرين أن يعيش بالطريقة نفسها التي كانت سائدة في القرون الوسطى؟

وهل سيتنازلون عن قصورهم الشامخة وحدائقهم الغناء وعرباتهم الفارهة وأموالهم المكدسة في القصور والبنوك وترفهم الدائم.

يا هؤلاء، إنكم لا تخدعون الشعب بل أنفسكم تخدعون. فشعب السودان ملامس ومتابع فسادكم الذي تنشره القنوات العالمية والصحف المحلية. ويشهد عراككم على كراسي الحكم في المركز والولايات. وهو عراك لا لإحقاق الحق ولا لنصرة الدين أو لترسيخ العقيدة، إنما ليظفر كل منكم بأكبر نصيب من الكعكة. خاصة بعد أن بدأت تصغر حجماً يوماً بعد الآخر.

ولهذا أصبح التضليل باسم الإسلام هو شعار الساعة الذي يرفعه كل من هب ودب ممن هم أكثر جشعاً وطمعاً في المغانم الدنيوية، وهم الأكثر تفانياً في العمل للإسراع بوضع مثل هذا الدستور الظلامي، وإقراره بعيداً عن مشاركة الشعب السوداني. بل تمادى بعضهم قائلاً: بأن يحكمنا رئيس الجمهورية بالإسلام! ولا داع لتكوين لجان تصنع دستوراً وتقدمه لحاكم مسلم. فإما أن يحكم بالإسلام أو يذهب غير مأسوف عليه.

شعب السودان لم يعرف الإسلام من حزب المؤتمر الوطني. بل ظلت تقابة القرآن متقدة في كافة أركان البلاد منذ مئات السنين وقبل أن يولد أجداد أجداد من نصبوا أنفسهم بأنفسهم أوصياء على الإسلام ومسؤولين عن توزيع صكوك الغفران ودمغ خصومهم بالكفر والإلحاد ووصفهم بالسكارى والحيارى. بينما هم، بممارساتهم في الحياة اليومية أبعد عن الدين وما نهى عنه الشرع الذي عرفه الشعب السوداني منذ القدم.

إن الواجب المقدم والمُلح الذي يقع على عاتق كل رجال الدين المستنيرين الذين يعون ( إن الدين لله والوطن للجميع) صرف النظر عن جنسهم ودينهم ولغتهم، هو وقف تمرير هذا الدستور بكشف وتعرية خداعهم للشعب باسمه.

وهو واجب أيضاً على كل جماهير شعبنا التي ذاقت مرارة الحرمان وشظف العيش والفقر المدقع جراء ما سمي بالمشروع الحضاري والحكم باسم الشريعة.

فلتتحد كافة قوى المعارضة لفرض دستور ديمقراطي يحترم المواطنة وحقها في العيش الكريم دون بطش أو قهر.

الميدان

تعليق واحد

  1. التحايا للحزب الشيوعى والذى على مر السنوات ظل يقدم ومازال خيرة من مفكرى هذا الوطن من كتاب وسياسيين وادباء وفنانين اما فى الجزء الذى تفوه به المدعو نافع بأنهم معارضة تتكون من السكارى طيب سلمنا جدلا بقوله ماهى عقوبة شارب الخمر فى الدنيا ؟ وفى الاخرة ؟ من القران ايها القراء والمعلقين وماهى عقوبة الظالم فى الدنيا؟ وفى الاخرة؟ وبرضو من القران …. وايضاعقوبة من يدعى العلم بالدين وهو ابعد منه كثيرا ويشرع حياة الناس والبشر على انه امام وممسك براية الدين والحق ؟ بعد ان تجدوا الاجابات وكلها موحودة فى كتاب الله القران الكريم المقدس وبعدها قارن وبذهن نقى وبدون ضغوط ستعرف اين انت واقف و بالظبط

  2. ( واذا قيل لهم لا تفسدوا فى الارض قالوا انما نحن هصلحون الا انهم هم المفسدون ولكو لا يشعرون )..

    هذا حال لجنة دستور الطيب مصطفى والشيخ صادق عبدالماجد..بعد اعلان وصايتهم عن 30 مليون سودانى ..

    اذ لم يكف الطيب اذكاء روح الفتنة وشق البلد لشطرين وهو يعود لزرع مزيد من الفتنة التى قد تؤدى الى تشظى باقى البلد لعدة دويلات .. اليس منكم رجل رشيد ..

    ولاحول ولا قوة الا بالله

  3. ياجماعه الكلام الكتير والتنظير الكتير مامنو فائده شبعنا كلام من اى حزب موجود في السودان مش من اى حزب من اى زول عرف طريقه لصحف اوالازاعه او التلفزيون او لم يعرف طريقه للوسائل دي اى عبر التجمعات سوا اكانت في الجامعات او المقاهى اوالنوادى اوالماتم والافراح معروف السودان بلد المليون سياسى السودان الان مهيا لقيام الثوره يعنى الصوره مكتمله من ناحيه التدهور الحاصل في شتى المجالات ابتدا من الصحه والتعليم ووووووووو الى قفه الملاح والفساد المستشرى والظلم عينى عينك والحقاره الفايته الحد داكلوا ونحن لسع بنظر المهم فى الكلام انو اضعف حلقه فى عدم قيام الثوره المواطن نفسه بما فيهو المواطن الفرد او ككيان يتمثل في المعارضه اصحوا وعينكم للفيل ماتضعنوا ضلوا

  4. نحن مسلمون ومن واجبنا تحكيم شرع الله فهو مقتضى إيماننا وخلط الأوراق لا يجوز نحن مع محاربة الحكومة الظالمة المجرمة لأسباب كثيرة من أولها أنهم لم يحكموا شرع الله ومن هذا نتجت كل الظلامات التي أصابة الشعب السوداني لأنه في رأيننا إذا حكم شرع الله لكانت العدالة والمساواة والحرية والكرامة للشعب أما أن يقول شيوعي متفذلق متبع لفكر الكفار والملحدين أن الدين لله والوطن للجميع أخبري عن آية أو حديث أم أنه قول لينين وماركس الملحدين الدين لله والوطن لله ( قل إن حياتي ونسكي ومحياي لله رب العالمين ) نحن لن نتنازل عن اسلامنا ولا عن عقيدتنا ولا عن شريعتنا بسبب أن مجموعة من المنافقين وأصحاب الهوى تاجروا بها ولن نتنازل عنها بسب أن مجموعة من العلمانيين والملحدين لايرغبون فيها بل أنفسنا وأرواحنا وأجسادنا فدا لشريعة الله سبحانه وتعالى ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم

  5. نعرف وجودكم فقط يا عزيزي سليمان الحاج عبر كتاباتكم ودعوتكم لمعارضة هذا النظام .. لكن في ارض الواقع غير موجودين .. كل هذه الالفاظ انتم المقصود بها ولكنكم تعلنون رفضكم لها من وراء حجاب .. اصبحت السلطة تستهزء بكم لانكم اصبحتم ضعاف .. انا عن نفسي وجيل الثمنينات اصبحنا نكفر بكم فماعدتم انتم الذين قرانا تاريخكم النضالي المرموق اصبحتم تعملون في الخفاء تحت الحفر كانكم تعارضون قوم ياجوج وماجوج وتبحثون عنهم في باطن الارض .. هولاء الاسلاميون استعانوا ببلطجية الكلمات السيئة وانتم تتدعون انكم اعلي منها حاربوها بمثل ما تحاربكم .. هذا عنكم اما عن سماحة الامام المهدي وفضيلة المرغني فقد ماتو سياسيا في نظر السواد الاعظم من السوديين .. فصبح يطلق على الامام تمومة الجرتق وعلى صاحب المقام المرغني مسئول علاقات عامة … وانا اسالك من تقصد باتحاد المعارضة .. ليس هناك معارضة مخيفة في السودان للتوحد انتم صفر على الشمال ولا وزن لكم .. والحس كوعك لو اتحدت المعارضة

  6. …الصورة المصاحبة تبدو بمركز شرطة,والمكيف وسخان ومغبّر شديد!والقش الظاهر ماتبدّل من سنين ,النظافه والنظام لازم عنوان للشرطة!لكن….فاقد الشئ…!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..