رواية {أموشي } لوحة ادبية زاهية و سمفونية موسيقية رائعة

*ستظل رواية {أموشي} الحائزة علي جائزة الطيب صالح العالمية للابداع الكتابي ــ الدورة الخامسة ــ 2015م للكاتب والفنان التشكيلي والروائي عصام عمر ابراهيم الشهير { بعصام قــيسان } في طبعتها الأولي الأنيقة والتي تم تدشينها ظهراليوم الثلاثاء 19/يناير/2016م بفندق الهلتون سابقا بواسطة شركة زين للاتصالات الراعية للجائزة العالمية , وبحضور مميز لأهل واصدقاء واحباب الكاتب , ستظل واحدة من اعظم الانجازات الأدبية علي الساحة المحلية والاقليمية و العالمية , وعظمة رواية اموشي تكمن في تقديرنا في واقعيتها , وان بطلها الأسطوري { أموشي } شخصية معاصرة كان يمشي بين الناس , ومسرح احداثها مدينة قيسان وروابيها ووديانها وتلالها ونهرها الخالد { تمت } وحدائقها الوارفة الظلال وبساتينها اليانعة الثمار ومروجها الخضراء . وجبلها الأشم { قشن } وكذلك في خصوصية التنوع الخطابي والخصوصية السردية , كما ستظل واحدة من اللوحات الفنية الزاهية الخالدة التي اعمل فيها الروائي العظيم ازميله كفنان تشكيلي ببراعة فائقة تنم عن تمكنه وامكانياته المتعددة والمتنوعة ولغته ومفرداته المنتقاة بعناية ودراية , و { سينفونية} موسيفية رائعة سيتردد صداها علي امتداد ومحيط جبل {قشن} ووادي خور تمت الخالد و سيتناقلها الأجيال علي مدي الازمان, وذلك ما يفاجئ القارئ للرواية من الوهلة الأولي , لقد كانت دهشتي عظيمة وانا انتقل بين سطور وصفحات هذا السفر الخالد الذي علي مائتي صفحة من الحجم المتوسط وكأنني أكتشف من جديد تأريخ هذه البلدة العظيمة التي تدور علي مسرحها احداث هذه الرواية وهنا تكمن عظمتها, ـ المسرح والشخوص والابطال والاشجار وكل الامكنة التي تحرك فيها و معها بطلنا الأسطوري {أموشي} كما اشرنا كانت معروفة بالنسبة لنا وعاصرناها لكن ليس بهذا العمق وهذه التفاصيل المذهلة, لقد اذهلنا الصديق عصام قيسان بقدراته المتفجرة وامتلاكه لناصية المفردة الناصعة الأنيقة التي يضاهي بها أعظم الروائين العالميين ولاسيما وان هذا العمل يعتبر باكورة انتاجه الادبي علي النطاق الواسع , باستثناء مئات القصص القصيرة المنشورة في كافة الوسائط الاعلامية الورقية والأسفيرية هنا وهناك , وما يتبادر الي الاذهان مباشرة لكل من يتصفح هذه الرواية هو لماذا تأخر عصام كل هذه المدة وحرم محبيه هذا الفيض العذب ؟؟, و أقرأوا كيف بدأ الرواية { أموشي} في اليوم الأول كتب يقول
{{… السماء منذ الأمس تمارس الاحتقان, فالقطرات تساقط بتأن, و {رف القطية*} يستقبلهن بنفس البرود ثم يرسلهن متتابعات نحو محيطها , دخان الطلح المنبعث يغادر تلك الأشكال المخروطية في تحد واضح يلمع الفراغ كلما نظمت خيوط الشمس , القطرات الذائبة في مزيج الأزرق النيلي المشرب بخضرة التركواز,…….الخ ثم يضيف وفي نفس الأسطر الأولي للرواية ….. السماء تغالب سحبا ممانعة تربض بينها وطين الأرض الخصيب , الكل ينتظر , فالأغنام لم تغادر دفء مساكنها أسفل الجبل , كانت تدق أظلفها علي أرضية أعواد { القنا} المنسوجة بدأب صيور لا تبالي لسيقانها المحشورة أحيانا بين العيدان… الكل باق علي قلقه المتطاول والسماء علي موقفها ……..الخ }}
وتتوالي الاحداث وتحت عنوان وسكت المطر يتحفنا الراوي بهذه الصور البديعة الرائعة التي تنقلنا وتعيد عقارب الساعة الي تلك الفترة الزاهية ونحن في ريعان شبابنا في تلك البقعة العزيزة , وتمتلأ معاقينا بالدموع وعصام يفجر فينا ينابيع الذكريات , وحكايات الطفولة المحفورة في الأعماق اذ يقول …
{{ اللواري التي وصلت عند أول توقف للمطر غطاها الوحل بالكامل , البلدة انتظرت ثلاث ليال تتناقل اخبارها ,بداية الموسم يتكرر المشهد وينشط ـــ يني الكمسنجي وشريكه حسين دلس ـــ فيبدأون بمضايقة بشير ود ابو حلة لاخلاء باحة الموقف والعمل علي تسوية الأرض من شقوق طين الخريف وتلك التي تحدثها أحذية مرتادي السوق . الحمالون كانوا أسعد الناس , فهاهم قد نفضوا عن ظهورهم كسل الخريف وأختفت حفر {السيجا} وأموشي شاركهم الفرحة وعقد صداقات جديدة مع صديق سكسكه سائق الداؤودي وحسن محمود سائق السفنوج والثلاثة الذين معهم وكأنه كان ينتظرهم ويعرف مقدمهم . السمك المقلي الذي امتلأت به صناديق الزوادة في اللواري كان يزين مائدة أموشي ومن ثم ينتقل الزيت الي العراقي ليضيف نكهة السمك }}
*لقد استطاع عصام المترع حبا لبلدته قيسان, ان يترجم هذا العشق و يؤكده بهذه العمل العظيم , الذي يعتبر توثيقا لتأريخ البلدة ولجغرافيتها وتضاريسها ولمكونات نسيجها الاجتماعي المتفرد , ولمتانة روابط التعايش والتداخل بين مختلف المكونات الاثنية التي احتضنتها قيسان بدفء وحب وحنان , وتخليدا لتلك الرموز والشموع من أهالي قيسان الذين كان يتحرك بطلنا الأسطوري {أموشي} في ساحاتهم وضمن حدودهم وبالتحديد في السوق الكبير المسرح الرئيسي للأحداث أو سكنهم , علاوة الي كونه جهدا ادبيا وفنيا مميزا , ولوحة جمالية ستكتب لها الخلود .
وستظل كافة الأساطيرالتي كانت تلاحق وتحيط بالبطل أموشي حافزا لمزيد من البحث والابداع , من أين أتي ؟ وكيف وصل الي قيسان وكيف خرج منها ؟ وما هو سر عزوفه عن الحديث وضحكته المميزة ذات المقطعين ؟ ولماذا ظل محبوبا ومقبولا بالرغم من قصر قامته وملابسه الرثة ؟؟ وماهو سر قوته الهائلة وقدرته لحمل تلك الكتل الضخمة؟ وماهو سر تفاؤل الفتيات به ومحاولات التودد والتقرب اليه منهن ؟؟ ما هي طبيعة الجينات التي كان يحملها , اذا انه لم يمرض الا مرة واحدة , حسبما كان متداولا انذاك , عندما اوصيب بداء {اليرقان} الذي كان قاتلا في ذلك الزمن في حالة تعاطي المصاب به اللحوم بأنواعها والزيوت, الا انه ظل بمنأئ عن خطر الموت بالرغم من عدم امتناعه عن تناول اللحوم والاسماك , كما ظل سليما وبعيدا من لدغات ولسعات الافاعي والاقارب وما اكثرها كما أكدت الرواية ؟؟
وكما كان تأريخ 19/فبراير 2015م يوما خالدا , حيث تم فيه الاعلان رسميا عن تتويج رائعة { أموشي } بوشاح العالمية , ومنذ ذللك التأريخ ظلت اعناقنا مشرأبة واروحنا تواقــــة لمعانقة السفر الخالد .
واليوم الثلاثاء 19/يناير 2016م تم التدشين الرسمي للرواية ايذانا بنزولها الي المكتبات وايدي القراء وكان عصام بحضوره البهي الأنيق , فارسا مقداما , ملأ العين, وعاشقا ومحبا وفيا , أعطي بسخاء وأجزل العطاء والوفاء .
شكرا عصام , شكرا وانت تخلد هذه البلدة الرائعة ـــ قيسان ـــ درة النيل الازرق وزهرة المدائن التي ما تزال في الوجدان رغم مرارة الحرمان , وستظل أنت ايها الرائع شامة مميزة علي وجناتها , وتاجا علي رأسها. هنيئا لها ولكم ولنا , وحق لنا ان نباهي بكم وبرائعتك الأمم.
انها فرصة للتواقين لمعانقة الجمال , واحتضان الروعة , واستحضار الماضي التليد بعبقه وأريجه , لربطه بالحاضر لاستكشاف سر روعة جمال قيسان ووفاء أهلها وتشبثهم بها , ودعوة صادقة للجيل الجديد , جيل التضحيات , للألتقاء جيل البطولات ,,,,,,, 19/1/2016م

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..