اربعينية المحجوب

اليوم يجتمع احباب محجوب في اربعينيته و اغيب انا واغيب انا في اربعينية ابو مريم ومي الحبيب يتكامل اليوم عقود المحبين وهم يضيئون ليالي ام درمان بالنشيد ويرفعون اصواتهم مع الكورال الذي يردد اهازيجه وتختلط نوبة الصوفيين الصداحه مع صليل اجراس الكنائس وهي تقرع نوبات الوداع لرجل طالما احترم تعدد بلاده الديني والسياسي فكان يسير حبا وضحكة مجلجلة تقرع بالفرح كل ابواب الحزن
اليوم تتزين الحاره 21 بالشبا ب من تلاميذ محجوب وهم يجتمعون على ذكراه يتذكرونه كما احب دائما ان يتذكره الناس هاشا باشا كريما ووالدا رائعا وعطوفا
ويا لحزني لانني سأكون احد الغياب من احباب محجوب
اليوم تصدح اصوات نساء السودان رافعات ايديهن المعروقات من كد العمل او رؤوسهن المكدودات من كدح الفكر وهن يقلن لمحجوب انه ليس وحده تحت التراب لانه قد قام من بين الاموات ليسكن في قلوبهن ليكون والى الابد ناصحا وداعما ومواسيا كما كان اوان حياته
اليوم تجتمع الفتيات ليس لخفلة عابثه او لاستعراض للازياء لان الزي الموحد لهن اليوم سيكون منسوجا من قماش المحبه والستره والعفاف الم يقل لهن الراحل
(((( حبو غنو الدنيا مازالت نديه)))))
اليوم يزحف الشيوعيون من كاقة خنادقهم النضاليه وسيظهر كهول لايعرفهم احد قد خرجو من الاختفاء ساعات ليودعو الزميل الذي احتفى بهم وكتب لهم اجمل مناحاته
(((((( المختفين في الناس)))))
وسيندهش البعض من هذه الوجوه التى رسم النضال اخاديده فيها وهم يرفعون في شمم وعزم قديم هاماتهم الشامخه بينما اجسادهم النحيله تواجه الاعاصير وهم يرفعون قبضاتهم في ذكرى الرحيل
اليوم يجتمع اساتذتنا النقابيون وكهول دفعتنا وهم يرفعون شعارنا الذي اضاء ظلمات السجون والمعتقلات ((( عاش نضال الحزب الشيوعي___عاش نضال الطبقه العامله))))
يتزااحم اولئك الذين قال فيهم صلاح احمد ابراهيم ذات نهار دامي وبعيد
نتماسك الحزز والدنيا واقفه بتشهد
والعمال كتل هداره ماليه المشهد
اولئك الذين انحاز لهم محجوب طوال عمره وهم بأجسامهم التى رسم النضال تاريخه عليها وهم يغيرون برنامج الاحتفال كما سيغيرون تاريخ العالم كله يأتون زاحفين من المصانع والورش ونوادي العمال وفروع العمل والسكن ومن عمق المعاناه يصرون على الحضور رغم كل العوائق لانه يوم حبيبهم محجوب
ويظل مقعدي شاغرا ترنو ابنتي مريم اليه حزينه
اليوم يزحف الطلاب شيوعيون وديمقراطيون ووطن ومن كافة الاحزاب والهيئات المختلفه والتى رغم ذلك تتفق على محبة محجوب يأتون وهم يحملون لافتات المستقبل القادم بكل عنفوانه وحماسه وهم يشعلون الاحتفال بالحماس وبروح الشباب الحيه التى تعطر حتى مساء اربعينية محجوب
وتقلب ابنتي مي عينيها فلا تصافحان وجهي الكليل
اليوم يحضر السودانيون __جنوبيون قاومو الانفصال يودعون انسانا سعى للوحده وكتب من اجلهم ((ميري كلمينا)) يترنمون بكل لغاتهم ويرتلون من اجل راحة نفسه كل ترانيم الاديان السماويه والافريقيه ويذكرونه رمزا لوحدة بلادهم ونموذجاجميلا للتعايش الذي كان _اليوم يحضر شعب النوبه شمالا وغربا ليقولو لمحجوب انت واحدا منا كنت كذلك وستظل رمزا للانسان عندما يكون احد اسباب الوحده الوطنيه لبلاده وسيرتلون في ذكراه اجمل ماكتبه لابنهم من اغاني وما شدا به ابنهم وردي من اناشيد__ واليوم ايضا يزحف اهل الشمال النيلي على اهاذيج الطمبور وسيحتفون به ليس كابن من ابناءهم بل ولان ولدهم اضحى رمزا لدولتهم وايام وحدتها ومزاجها السوداني القديم __ويزحف من تلال كسلا الوريفه عمر فرس واخوانه ومن شواطئ الاحمر الوهاج امين سناده وفيصل وودالذاكي وسميره ومشعل واخوانهم ومن سهول قضروف سعد يأتي شباب كالورد المفتح في اوانه لكي يودعو محجوبا بالنشيد
اما ام درمان شيخة المدن والام الرؤوم لمحجوب فهي وبناتها بحري والخرطوم صاحبات المناسبه فالقوم كلهم ضيوف عليهم في يوم وداع اجمل اولادهم الذي ظل يقدل عزة وشموخا في حواريها حتى قابله الموت صدفة فكان معه كما الشهيد عبدالخالق
(((( حيرنا البطل ياناس الحصل طاربي حبلو حلق
فج الموت وفات خللى الموت معلق
في ايدينا بان))))))))
فكيف اغيب في يوم كهذا حقا ان الدنيا غير منصفه
اليوم ترتعد نظارات المثقفين تأثرا للرجل الذي كان ملكا للجميع وماكانو يتصورون ان يمتشقو اقلامهم مودعين ذاك الذي حفظ حقوق الاموات من الاحياء واليوم يتألق كمال الجزولي ببهاء الجلال في حزنه النبيل فهل سنسمع اليوم احدى وحائده ام انه مازل تحت تأثير الصدمه واليوم يحاول ود العالم والنجيب ومحمود وغيرهم ان يخفو دموعهم فهذاليس (فراش) ميت بل هو لقاء لوداع انسان انتقل من مرحلة الى اخرى
ولاول مره سيتحير الشباب وهم يطالعون اشعارهم امام الحشد وهم يتلفتون فلايرون استاذهم وهو يهز راسه مبتسما وعليه علامات الرضا وسيندهش المتحدثون كيف طارت كلماتهم عصافير ملونة وذاهية في رحابات الساحه ذلك لانها غافلتهم وخرجت من قلوبهم
((((( فكيف يخفت صوتي انا وسط كل هذه الاصوات))))
اليوم تجتمع الاحزاب المحاوره والرافضة للحوار والتى تحدثها نفسها بالرفض لكي تخفت اصوات خلافاتهم في حضرة المحجوب الذي كان يخاطب انسانيتهم مباشرة ولايأبه لالوانهم السياسيه والفكريه فكانت جسور صلاته بهم ممتده ولهذا هم هنا بعمائمهم وملابسهم وحبرانهم وجماهيرهم والبيارق بالوان الصوفيه والاحزاب تخفق فوقهم في مولد سيدي العارف بالشعب محجوب ود مريم وابو مريم ومي
اليوم وسط هالة جلال الحزن النبيل تجلس اميره وحيدة وسط كل تلك الزحمه لان حضور والد ابنتيها كان يملأ عليها الدنيا كلها ولكنها وسط كل هذه الانشغالات تشعر ان تضحياتها مع محجوب لم تذهب هباء لانه قد جمع على حبه كل ذلك الحشد الحزين لانه كان هاديهم ودليلهم فهي اذن ليست وحدها بعد الان
ولكنني لو كنت جنبها استمد منها الثبات لكان افضل لي من دموعي التى تكاد ان تغرق اللابتوب ((اميره اغفري لي غيابي المضطر فلابد ان اعود لكي ابكي حبيبي
وليت بعض ما اكتبه هنا يذكرها بكلام كتبه لها وانا بقربه بالسجن العمومي بورتسودان
(((( اكتب لك رساله تجري كما الغزاله في سهل الكلام))))))
واه ثم اه يامريومه وياميويه غبت عنكم في اليوم الوحيد الذي كان ينبغي ان اكون معكم فيه فهل ستغفرون لي تقصيري
يامحجوب ستظل كما كنت دائما مبعنا لثباتنا ومنهجا للنضال نسير عليه و حياة طويلة عريضة سنظل نعيش على حكاياتها ازمانا قادمات
ياغالي مرحبا بك في الخالدين
اين اتت يالمحجوب؟