بعض الذي كان عبر نافلة القول (5)

بعض الذي كان عبر نافلة القول
( 5 )
ما أعسر البدايات الأولى
شققتُ طرقاً وعرة
كان خطوه عصياً
نأت به السبل !!؟…
فما كففتٌ عن السير قدماً
صوب مقصده
حفرتُ عميقاً بحثاً
عن مجهول !!؟?.
عثر على فرشاة
وسط ركام أشيائي القديمة
ضربة الفرشاة الأولى
على فضاء قطعة القماش المشدودة
فوق الحامل الخشبي
بدت لي من خلال الخط و الضوء و الظل
كأنه سبر غور المبهم
كنتُ إستدعي قراءاتي
عن فناني عصر النهضة العظام
(مايكل أنجلو) ؛؛؛؛؛
و تدميره لمعظم أعماله !!!؟?.
لم يعد يُذكر منها غير (المونوليزا)
الخالدة و (العشاء الأخير) ؛؛؛؛؛
و لعل الفنان الإسباني الباريسي
(بابلو بيكاسو)
و لوحته (الجرينيكا) التى تصور
بشاعة الحروب
هزته
بهرتني
أرعشته
وحلم أنه يوماً ما
سيقارب عتباته
سدرتُ في غي أرسم و أرسم
غير مبالي بالشروط الفنية
لإبداع اللوحات ذات الطابع الخاص
طفق عبر ضربات الفرشاة المتلاحقة
يحدث أشكالاً متباينة
لا تتعدى الطبيعة الصامتة
و البورتريهات لفتيات جميلات
عبر موديلات من صنع الخيال
ظنتُ أنني سوف ألامس
هامة إ(براهيم الصلحي)
أو على الأقل (شبرين)
في لحظة ما
صبَّ كل ألواني
على سطح قطعة القماش
المشدودة على الحامل الخشبي
و إدعيتُ أنه رسم لوحة سريالية
* * *
عقب إطلالة المسرح الجامعي
على صدارة المشهد الثقافي
لازمتُ عروضهم
شهدها كلها
من (سمك عسير الهضم)
الى (المغنية الصلعاء)
تفجرتْ كوامني عشقاً
و أنسالتْ ذكرى
محاولات (حكيم) الجادة
في رواية (الخفاء و رائعة النهار)
لإقامة خشبة مسرح
بالمواد الأولية
صنعنا من ملاءات الأسرة
ستائر
و من الغرفة الخلفية
كواليس !!!؟?.
و نجح (حكيم)
في سودنة بعض النصوص المسرحية
لا يدري لماذا إطلع بدور
(مجنون ليلى) !!؟…
( أجئتَ تطلب ناراً أم تشعل البيت ناراً )
ألقمته (ليلى) حجراً
بصوتها الرخيم
و من يومها إشتعل هوساً بالمسرح
غرقتُ في بحوره
تعددتْ مشاربي
جال بين رواده
في أغلب بقاع العالم
وقفتُ طويلاً
أمام بوابة مسرح العبث
يتأمل ؛؛؛؛؛
كاد أن يقول أنه
قرأ معظم تاريخ المسرح
منذ (سوفكليس) حتى (سعد الله ونوس)
و مع إنبثاق إتحاد (أبادماك) للكتاب و الأدباء التقدميين
فردتُ ريشه
حلق بأشواقي
إختارني دور المذيع
كان العرض على قارعة الطريق
خذلته جرأتي
أنهيتُ دوره متعجلاً
و كفَّ عن تكرار محاولاتي الهذيلة
حملتُ عصاته
و رحل مكتفياً بخوضي التجربة !!؟…
* * *
دلفتُ والجاً عبر (المهلهل)
وقف متبتلاً في حضرة (أمرؤ القيس)
نظرتٌ لتفرده بعين الدهشة
إرتحل في معيته مبهوراً
لا أجرؤ على مخاطبته
مفتوناً برؤيته الوجودية
صوب الحياة حوله
كاد ينسب جذور الوجودية
الى (أمرئ القيس) !!؟?
( ضيعني أبي صغيراً و حملني دمه كبيراً )
حريته مقدمه على أعراف القبيلة
( اليوم خمر وغداً أمر ) !!؟…
سحره (المتنبئ)
شعراً و طموحاً و فخراً
(أنا الذي نظر الأعمى الى أدبي
و أسمعتْ كلماتي من به صمم)
(أنام ملء جفوني عن شواردها
و يسهرالبعض جراحها و يختصم)
كتبتُ شعراً
إلتزم فيه ببحوره
صدراً و عجزاً و قافيةً
أعجزه مقارعة أضرابه
غادرتُ متسارعاً
إستهواه تمرد شعراء الحداثة
ظعنتُ مع الظاعنين
وما لحق بهم
ظللتُ أرواح
بين الشعر الحر و قصيدة النثر
كان يهفو أن يتوازي
مع الظاعنين الأوائل
تمرداً على السائد و المطروق
ترسم خطى (السياب)
هرولتُ خلف (درويش)
بُح صوته وهو يهتف
ب(غناء العشب و الزهرة )
و ( صحو الكلمات المنسية )
أُسقط في يدي
وصداه لم يكن له رجع !!؟?
جلستُ حاسر الرأس
يتسقط وقائع البحث عن الهوية
(السودانوية) المتناسلة من الهجنة
و مساجلات مدرسة الغابة و الصحراء
( أصلي بلسان و أغني بلسان )
أرخيتُ قلوعي تحت ظلال النخلة و الجدول
و ما لامس أذيال (محمد عبد الحي)
أنتضى سيف العشر
و ظفرتُ من الغنيمة بإيابه !!؟?
[email][email protected][/email]
يواصل فيصل مصطفى في هذه الحلقة ممارسته للفوضى {الخلاقة} في العصف بقواعد اللغة العربية. و يذهب خطوة الي الامام سادرا في راديكاليته لتطال الآن بنية الجملة الواحدة (syntax) فيبدأ الجملة مثلا بفعل المتكلم و يضمنها ضمائر الشخص الغائب، او بالعكس، كما في الامثلة ادناه.
صبَّ كل ألواني
و إدعيتُ أنه رسم لوحة سريالية
فردتُ ريشه
حلق بأشواقي
هذا بديع و جديد في حد ذاته، خاصة اذا تم توظيفه لغرض ابداعي لغوي واضح داخل النص (وليس فقط للشفتنة اللغوية !)
شكرا فيصل مصطفى ونعشم في المزيد من هذا الابداع
رائع جدا
وأعتقد أن إمكانياتك كبيرة لتكتب في مسرح اللا معقول فهو يمنحك مساحات واسعة للسرد عبر اشخاصه
اتمنى لك التوفيق
قطعاً يا (سوداني) القصد واضح فيما
يتعلق بالفوضى الخلاقة و القصف بقواعد
اللغة و تمازج الضمائر عبر لغة يتم من
خلالها تبادل المواقع بين المتكلم و الخاطب
و الغائب و تفكيك بنية الجمله الواحدة
ثم إعادة صياغتها في صورة مغايرة !؟.
فالغرض إبداعي لغوي و ليس عبثاً !!؟.
لك مودتي مع فائق الثناء .
هذه شهادة مهولة ( د. أمل كردفاني )
لقد أوصلتني الى أعتاب أدب اللامعقول
هنيئا لي بوسامك النفيس
أشكرك جميلاً مع مودتي و بالغ التقدير