أم في الثانية والتسعين من عمرها تلتقي ابنها لأول مرة بعد 67 عاما 

الشهد والدموع والحلو والمر واجترار مرارات الماضي ومآسي الحرب ، وصفاء ونشوة لقاء الأشتات بعد كل الظن أن لا تلاقيا ، تجسدت كلها في مشهد درامي تاريخي على سفح جبل شاهق في كوريا الشمالية عندما التأم شمل أسر من الكوريتين شتتهم لعنة الحرب وجور الزمان وظلم الإنسان لأخيه الإنسان ، كانت تظلهم سما وطن واحد ثم دارت دائرة الأيام ورحى الحرب الكورية اللعينة لتذهل كل مرضعة عما أرضعت، ويتحول الكوريون إلى سكارى وما هم بسكارى ويجدوا أنفسهم منقسمين، أب في الجنوب يهفو إلى زوجته في الشمال، وأم في الشمال يتقطع حشاها شوقا لفلذة كبدها في الجنوب وأخ من هنا يتوق شوقا إلى رؤية أخيه هناك ، ومحب في هذا الشطر يهيم شوقا وصبابة لمحبوبته في الشطر الآخر، وتأبى السياسة الرعناء إلا أن يظلوا على هكذا حال على مر السنين والأجيال ليقضي بعضهم نحبه كمدا وينتظر آخرون بالحسرة والضياع . وفي يوم الاثنين الأخضر الموافق اليوم الثالث عشر من الشهر الحالي توقت عجلة الزمان لتشهد أم رءوم كورية جنوبية تعدت السنة الثانية بعد التسعين وهي تلتقي فلذة كبدها و”حشاها وضناها ” (الكوري الشمالي) الذي طوى من العمر 71 سنة، لأول مرة وربما آخر مرة بعد 67 عاما من انقطاع حبل الوصال بينهما في مشهد تتقاصر الكلمات وتعجز عن وصفه وتصويره ، وأب كوري جنوبي آخر ناهز التسعين عاما كان قد سجل اسمه في برنامج لم شمل الأسر بين الكوريتين وطلب لقاء زوجته التي تركها ورائه في كوريا الشمالية بعد اندلاع الحرب ، إلا أن الحزن تملكه بعد أن اكتشف ان زوجته أسلمت الروح لبارئها ثم ما لبث أن ألجمته مفاجأة أخرى كادت أن تفقده عقله بعد أن علم أن زوجته قبل أن يغادر إلى الجنوب كانت حبلى وأن له ابنة منها حية ترزق في كوريا الشمالية قد بلغت من العمر عتيا ، وكان اللقاء بها والعناق وسط أبحر من الذهول والجنون و الدموع . ومسن آخر من الجنوب بلغ العام الثاني بعد المئة لم يجد من ذويه وشجرة دمه إلا أحفادا وزوجة ابنه ليروي غلة شوقه، وكانت هذه بضعة مشاهد ومآسي من لقاء لم شمل الأسر بين الكوريتين وهي لقاءت نادرة ومقيدة تحدث بعد عقود من الزمان ولساعات وجيزة يعقبها افتراق وتشتت وانقطاع أخبار مجددا ، وهذه هي الحروب فتبا لك أيتها الحروب الفاجرة حمالة المآسي والكوارث أينما حللت وكنت .
ابراهيم مصطفى
وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..