تحديات التنمية الزراعية المستدامة في السودان (2-3)

محمد عبد الله تبن
استاذ مساعد، قسم الاقتصاد الزراعي
كلية الزراعة- جامعة زالنجي

في المقال السابق تحدثنا عن نقاط القوة و الضعف للقطاع الزراعي السوداني، ومواصلةً لتحليلنا نتحدث في هذا المقال عن التحديات والفرص المتاحة للقطاع الزراعي.
يمكن تحديد التحديات والصعوبات التي تواجه تنمية القطاع الزراعي فيما يلي:
أولاً: يتمثل اكبر تحدي يواجه تحقيق التنمية الزراعية المستدامة في وقف الحروبات الدائرة و الوصول الي حلول سياسية تتوافق عليها جميع الاطراف المتصارعة وكذلك جميع التيارات السياسية، الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني.
ثانياً: من تحديات التنمية الزراعية صعوبة استقطاب التمويل اللازم لتمويل العملية التنموية وخاصة مشاريع البنية التحتية من طرق، كهرباء، مياه وغيرها والتي تتطلب توفير ميزانيات ضخمة لكي يتم بسطها وتوفيرها في جميع انحاء السودان.
اما جانب الفرص المتاحة فتتمثل في الآتي:
أولاً: يعتبر الحوار الدائر الآن واي منبر آخر للحوار سوي كان داخل او خارج السودان فرصة علي القوي الفاعلة في المجتمع استغلالها لايقاف نزيف الحرب و الوصول الي تسوية سياسية نهائية لمشاكل البلاد.
ثانياً: راسل المال الخليجي والاجنبي
يوفر وقوع السودان في المحيط العربي كثير من الفرص علينا الاستفادة منها، فوجود علاقة جيدة ومميزة مع دول الخليج الغنية وذات الاحتياطات النقدية الكبيرة وايجاد شراكات ذكية معها يمكن ان يساهم بقدر كبير في توفير التمويل اللازم للمشاريع التنموية من مشاريع بنى تحتية وغيرها. وخاصة في ظل انخفاض اسعار النفط العالمية والعجز المتوقع لميزانيات الدول النفطية في العشر سنوات القادمة، مما يجعل تلك الدول تبحث عن اقتصاديات بديلة وعن ايجاد فرص استثمارية حقيقية تكون صمام الامان للتراجع الاقتصادي المتوقع الذي يهدد اقتصاداتها. بالاضافة الي ذلك يمكن جذب استثمارات اجنبية كبيرة من دول مثل الصين، تركيا، روسيا وغيرها وكذلك ضرورة بناء الثقة مع دول الاتحاد الاروبي وامريكا لجذب روؤس الأموال العالمية واستيراد التكنولوجيا.
ثالثاً: ضرورة استقطاب رؤوس الاموال المحلية عن طريق تعبئة مدخرات المواطنين العاديين وكذلك مدخرات الشركات ورجال الاعمال وذلك من خلال ادوات السياسات الاقتصادية المالية والنقدية وتاسيس شركات للمساهمة العامة وفتح باب الاكتتاب وشراء الاسهم في هذه الشركات لجميع المواطنين.
رابعاً: ضرورة تفعيل دور الجامعات والمؤسسات البحثية لتقوم بدورها في الخدمة المجتمعية وتوجيه انشطتها البحثية لحل المشاكل التي تواجه المجتمع. هذا يتطلب تطوير علاقات وثيقة بين هذه المؤسسات واصحاب المصلحة في قضايا المجتمع المختلفة. لذا علي كليات الزراعة ومراكز البحوث الزراعية الذهاب الي الأرياف والحقول لتعلم وتتعلم من المزارعين وتعيش وتقيّم الواقع الموجود هناك حتي يتسنّي الوصول الي تشخيص دقيق للمشاكل والمعوقات وتحديد الإحتياجات الملحة وبالتالي الوصول الي الحلول المطلوبة.
بعد أن حددنا نقاط القوة، الضعف، التحديات والفرص المتاحة للقطاع الزراعي علينا الاجابة علي اسئلة التخطيط الإستراتيجي المعروفة. اين نحن الآن؟ والي اين نريد أن نذهب؟ وكيف يمكننا الذهاب الي هناك؟ وماهي الاخطار التي قد تمنعنا من الوصول؟
اين نحن الان؟ نحن الآن في بلد متخلف اقتصادياً، زراعياً وتكنلوجياً تمزقه الصراعات والحروب.
الي اين نريد ان نذهب؟ نريد أن نعيش في وطن ينعم بالسلام ، الاستقرار، التعددية، العدالة والرفاهية متقدماً اقتصادياً، تكنلوجياً، علمياً، ثقافياً وسياسياً.
كيف يكون ذلك؟ الاجابة علي هذا السؤل تحتاج الي تضافر الجهود من جميع القوي والتيارات السياسية، الفكرية، الاجتماعية و العلمية ومنظمات المجتمع المدني في سبيل ايجاد المركب المناسب الذي يقلنا الي الضفة الاخري التي نحلم بالوصول اليها مع مراعاة اجراءات السلامة والامان التي تحول دون غرق هذا المركب بفعل طوفان الكوارث والحروب وتوسنامي الإنشقاقات والفتن.

في المقال القادم انشاء الله سنتحدث عن شكل المركب الذي نريده وخاصة فيما يتعلق بالتصميم الهندسي ونحاول ان نصمم نموذج تجريبي لمحاكاة عمل هذا المركب المقترح والذي يمكن ان يفضي الي اقتراع زورق نجاة حقيقي.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..