أغنية الحزن “عمر عكام”.. النوارس ترحل قُبيل الفجر

الخرطوم – محمد عبد الباقي
نعم يا صديق، أمثالك لا يطيقون العيش بيننا، أمثالك نفقدهم دائماً، لأنهم يفضلون الرحيل، والأتقياء/ الأنقياء هم فقط من يرحلون، يرحلون بيقين قاطع إن النعيم ينتظرهم في الحياة الأخرى!
لم يدر بخلدي أن أكتب نعيك يوماً، كنت أظن إنك باقٍ بيننا ولهذا لم أكمل معك آخر حديثاً بدأناه، ولم أف بوعدي لك بأن نذهب إلى الطبيب سوياً، سامحني أيها النبيل يا صاحب القلب الأبيض، أخطأت في حقك بعدم زيارتي لك عندما كنت طريح الفراش، تأخرت عنك لأنني كنت أظنها وعكة طارئة وستذهب بين يوم وليلة ولم أظن أنها آخر أيامك في هذي الدنيا الرثة.
(1)
أخطأت ياصديقي كما أخطأ كل الذين لم يخبروني باحتضارك، ولا برحيلك المفاجئ إلاّ بعد خمسة أيام على مواراة جثمانك الطاهر الثرى! لم يخبروني، سامحهم الله وسامحني على عدم زيارتي لك، أظنهم كانوا مشدوهين بالفجيعة التي نزلت كالصاعقة عليهم دون إنذار، وكانت أقوى من عزيمتهم على صلابتها ولهذا لم يتذكرني أحد، وهآنذا بعد خمسة أيام على رحيلك المر أستعد لزيارة منزلك الذي استقبلتني فيه العام قبل الماضي عندما نجحت إحدى كريماتك في امتحان شهادة الأساس تقريباً.
(2)
سأزور منزلك هذه المرة ولكن قطعاً لن تستقبلني بتلك البشاشة ولن نجدك عائدا للتو من صلاة المغرب في المسجد المجاور، وأشهد الله أنني لم أزرك وإلا ووجدتك عائداً منه أو ذهاباً إليه، وحتماً سوف يشهد آخرون غيري على أنك كنت تقياً وورعاً تكرم الضيف وتعطي السائل، تفعل هذا دون أن تعلم يسراك ماذا أنفقت يمنيك. أيها الصديق لماذا رحلت ولازال عودك أخضر وجسدك يانعاً؟ نم بسلام حفتك الملائكة وتنزلت عليك شآبيب الرحمة وغفر الله له ما تقدم وما تأخر من هفواتك.. أمين.
اليوم اليوم