مقالات وآراء سياسية

“امريكا مصالحها واسرائيل فوق المبادئ”

ياسر عبد الكريم

ان ما يحدث في السياسة الامريكية تجاه السودان هو امر يستحيل تفسيره كما يحلو للبعض على انه لحظة في حكم ترامب ورغبته الجامحة في تجديد انتخابه باستجداء اصوات اليهود الامريكيين ونفوذ اللوبي الصهيوني هناك .. المسالة ابعد من ذلك وأعمق . اذا كان البعض لا يريد ان يرى الحقيقة حتى لا يكون امامه خيار اتخاذ القرار الصحيح فان اغماض العيون لا يغير من الواقع شيئا
انه من المؤكد ان سياسة كسب صداقة الحكومات الامريكية على مدى عقود مضت قد اثبت انها سياسة فاشلة وخاطئة . وقد ثبت لنا ان العداء الامريكي للسودان ليس مجرد عواطف لهذا الرئيس او ذاك او هو انحراف من ذلك الوزير او غيره او من الحزب الجمهوري دون الحزب الديمقراطي ولكنه اتضح انه خط اساسي في الاستراتيجية الامريكية

فلم أستغرب وكنت اتوقع رفض الولايات المتحدة الطلب السوداني بالفصل بين وجوده في قائمة الدول الراعية للإرهاب وتطبيع علاقات السودان مع إسرائيل، صحيح ان مسألة التطبيع مع إسرائيل تعد بحسب المراقبين جزءاً من الحملة الانتخابية وانقاذ لترامب المهزوم لكن هذه ليست وليدة لحظة مع هذه الادارة بل جميع الادارات الأمريكية المتعاقبة بهذا السوء تجاه السودان ودولا اخرى لتخدم مصالحها

الامريكان يساندون الديكتاتوريات والحزبين الديمقراطي والجمهوري بعيدان تماما عن فكرة الديمقراطية وإنما الغرض المشترك الوحيد للحزبين هو تحقيق المصالح الأمريكية والاسرائيلية.

إن السياسيين الأمريكيين يفضلون أن تتولى حكم دول العالم الثالث قوة محافظة حتى لوكانت رجعية فاشية لأنها ستكون أسهل في التعامل من حكومة ثورية ديمقراطية قد توافق على المطالب الأمريكية مرة ثم ترفضها مرارا اعتمادا على تأييد الشعب. حتى لو بتزوير انتخابات صورية لهذه الدول ويشهدون عليها فترسل الاستخبارات الامريكية الرئيس الامريكي الاسبق كارتر كمشرف علي انتخابات الدول الدكتاتورية كما كان يحدث عادة لحكومة الانقاذ ويوغندا وغيرها من الدول الافريقية ويفاجئنا بتصريحاته المعتادة والمكررة بنزاهة هذه الانتخابات وينشر تصريحاته في جميع القنوات الفضائية العالمية وجميعها كانت دول دكتاتورية ومنتهكة لحقوق الانسان مما يكسبها الشرعية ويعيد فيها الروح لأنها تخدم مصالحهم التي فوق المبادي

إن الإدارات الأمريكية المتعاقبة تتحدث كثيرا عن المبادئ الأمريكية وحقوق الانسان لكنها لا تهتم الا بالمصالح الأمريكية والاسرائلية حتى لو تحققت بواسطة حكومات ديكتاتورية عسكرية أو فاشية دينية.

علينا إذن نحن السودانيين ألا ننتظر أي حكومة غربية او عربية او افريقية أن تناضل من أجلنا وإلا سننتظر طويلا … إن معركة البناء والحرية معركتنا وحدنا وعندما ننتصر فيها سوف ينصت إلينا العالم ويحترم إرادتنا لا توجد دولة كجمعية خيرية ستبني لنا دولتنا وتسدد لنا ديوننا وتريدنا أن نكون اقوياء فهذه اوهام خائبة فعليكم أن تشدوا السواعد واربطوا الاحزمة وواجهوا معركة البناء كما واجهتها دولا كثيرة كانت في الحضيض والان بيننا وبينها سنيين ضوئية لكنهم تصالحوا ثم بنوا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..