مقالات وآراء

المشهد السوداني

حمدي حاج هلالي

 

كنت أقرأ في مقال عن العلاقة التي جمعت بين معاوية بن ابي سفيان وعمرو بن العاص واستوقفني فيما روي عن الصحابي الجليل عبادة بن الصامت أنه حين قدم الى الشام رأى معاوية وعمرو بن العاص جالسين معا فجلس بينهما ثم سالهما (أتدريان لم جلست بينكما في مكانكما؟) قالا : نعم لفضلك وسابقتك وشرفك .. قال (لا والله .. ما جلست بينكما لذلك ، وما كنت لأجلس بينكما في مكانكما ، ولكن بينا نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نظر اليكما تسيران وانتما تتحدثان ، فالتفت الينا فقال : اذا رأيتموهما اجتمعا ففرقوا بينهما فانهما لا يجتمعان على خير أبدا … فهنا تبادر الى ذهني (متلازمة برهان حميدتي) فدائما ما نراهما يسيران معا جنبا الى جنب وتفكيرهما متطابقان حتى لو يمم احدهما شرقا صوب موسكو والآخر غربا نحو امريكا على ما بينهما من نقيض … فالبرهان على عكس رفيقه (حميدتي) فهو إبن المؤتمر الوطني ورضع من ثديه لذا لا غرابة في أن يستطيع الجمع بين الضدين معا وهذا اخطر ما ورثه عن المؤتمر الوطني والبشير الذي كان يتباهى في السير على الحبلين (كبهلوانات السيرك) حتى انكشف أمره فسقط سقطته المدوية تلك ، فعلى عكس رفيقه الذي هو انسان واضح ويعرف ماذا يريد فكان بامكانه للعب دور مهم اذا ما فك ارتباطه مع تلك الفئه الباغية الذي لا يعرف سوى النفاق والمراوغه سبيلا لكسب العيش ، فهو لا يزال يتمتع بنقاء السريرة وأخشى ان يجرفه التيار مع أؤلئك الذين تربوا على النفاق والكذب ولا يستطيع خلاصا بعد ان يطوقاه من كل جانب … فالدعم السريع ايضا مشترك في فض اعتصام القيادة العامة وعليه مواجهة هذه الحقيقة ولكن يمكن أن يكفر عن سوءات ما قبله اذا وقف في هذه المرحلة المصيرية بجانب الشعب لا بجانب شلة المؤتمر … حتى الآن له متسع من الوقت لاختيار جانب الشعب بدل الجانب الآخر حيث المكايدات والدسائس والخساسة من اجل التكالب على الدنيا … فالوقوف بجانب الشعب قبل فوات الأوان يَجُبُّ ما قبله … فالوقوف بجانب الشعب سند وقوة يحسب له في وجه أؤلئك الاقزام … أين البشير الآن بما كان معه من سلطة وجاه … الآن في السجن والى مزبلة التاريخ … فلعبة السياسة خاصة في السودان لعبة قذره لا يتعاطاها الا من كان على شاكلة القذارة فالطيور على اشكالها تقع ، فقبل ان يوغل بقدميه في وحل لعبة القذارة السودانية عليه مراجعة نفسه … وكن على يقين ان لا احد يستطيع ان يحكم شعبا رغما عنه فطالت المدة ام قصرت فهؤلاء الى مزبلة التاريخ … واظنك لك من الذكاء بما يكفى لتنأى بنفسك عن هذه اللعبة القذرة …

 

[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..