مقالات وآراء سياسية

هل انقلاب الــ 25 من أكتوبر مكّن “حركات الكفاح المسلح” من إشباع شهوة السلطة؟

إبراهيم سليمان

انعقدت في يوليو 2019م بأديس أبابا لقاءات بين وفديّ قوى الحرية والتغيير وقيادات بارزة من الجبهة الثورية ، والحركات المسلحة الأخرى في السودان ، أي قبل التوقيع النهائي على وثيقة 2019م الدستورية الشهيرة في 4 أغسطس 2019م ، انعقدت لقاءات أديس أبابا تلك بين الطرفين لبحث فرص السلام والتحول الديمقراطي في البلاد. وضم وفد الحركات المسلحة قائد الجبهة الثورية مالك عقار، ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي ، ووفدا من حركة كوش بقيادة محمد داؤود والتوم هجو ، بالإضافة إلى قادة مدنيين. باعتبار أن هذه الحركات جزءاً من قوى الحرية والتغيير.

قيل حينها إن الغرض من  تلك الاجتماعات ، هو التشاور حول قضايا الحرب والسلام والفترة الانتقالية ، ومسودة الاتفاق مع المجلس العسكري ، والاتفاق على رؤية موحدة حول كيفية الوصول للسلام في المرحلة المقبلة.

وخلال تلك اللقاءات بالعاصمة الإثيوبية ، طالب متحدث باسم الحركات المسلحة قوى الحرية بعدم الإعلان عن التشكيلة الحكومية ، قبل حدوث توافق حولها بين كل الأطراف ، إلا أنّ هذا لم يحدث ، وصرّح رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي ، معتبراً أن اتفاق الخرطوم (أي وثيقة 2019م الدستورية) لا يعبر عن قضايا الوطن ولا يقدر تضحياتهم ، معرباً عن اعتراضه على البنود الخاصة بعملية السلام في الاتفاق.

ناس الحرية والتغيير ، كان لهم تقيما مختلفا لتلك اللقاءات ، فقد كتب في حينه الصحفي منعم سليمان على حسابه في الفيس : “الحقيقة انه لقاء تم فيه خداع قوى الحرية والتغيير كما خداعنا جميعا بعنوانه : (مناقشة قضايا الحرب والسلام)ً.. حتى إذا حضر الوفد إذ بهم أمام سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء .. حيث فوجئ وفد الحرية والتغيير انهم في مواجهة وحوش يرون في الثورة وليمة .. هذا يريد اللحم وذاك العظم وهذه تريد المعصم .. ففضحنا أمرهم أمام العالمين..” .

من هناك ، ولد الغبن السياسي ، وكبر ، وقيل : “من فشّ غبينته ، خرّب مدينة”. التوّحش الضاري للسلطة ، والشهوة العارمة للنفوذ، كانت أسباباً لتوقيع “حركات الكفاح المسلح” بنودا سرية تحت “التربيزة” مع المكون العسكري (للجنة الأمنية للنظام البائد) في ظل وجود صوري لحكومة حمدوك ، بيّتت فيها الطرفان ، نيّة تقويض الحكومة المدنية ــ الانتقالية مع سبق الإصرار والترّصد . وتمكنوا من تنفيذ ما دبروه بليل في 25 أكتوبر ، نكايةً في قوى الحرية والتغيير ، التي تجاهلت طلبهم في إرجاء تشكيل الحكومة الانتقالية، ولكن ماذا بعد ذلك؟

أصبحوا ، أي قيادات “الكفاح المسلح”، أصحاب الرصّة والمنصة ، شغلوا الناس ، وخطفوا الأضواء ، مكّنوا منسوبيهم في مفاصل الدولة ، وتجّبروا ، لكنهم ، ولمدة سنة ونصف، بالتمام والكمال ، حكموا “زُمنتارية” بدون شرعية ، وبدون حكومة ، ووضعوا أيديهم في يد الجلاد ، شاركوا في قمع الشعب ، واشتركوا في قتل مئات الشباب العزّل في شوارع مدن السودان المختلفة ، وأضحوا لا يبالون بعودة فلول النظام البائد ، طالما هم عودهم راكب في “كارتيل” تقاسم السلطة والثروة ، ضاربين بشعاراتهم الثورية، ومظالم أهاليهم عرض الحائط ، مكتفين بما غنموها من حقائب وزارية ، ومناصب دستورية ، باسم اتفاق السلام “الماسورة” الذي تم توقيعه على عجل ، و”بدغمسة” في جوبا.

ومن المفارقات ، خلال لقاءات أديس أبابا المشار إليها ، إن بعض حركات “الكفاح المسلح”، اشترطت لنزع أسلحتها بمقتضى اتفاق سلام محتمل في إطار الوضع الجديد بالسودان، حل قوات الدعم السريع وإعادة هيكلة الجيش.

اللجنة الأمنية ، وفلول النظام البائد ، لعبوا بحركات “الكفاح المسلح” سياسة ، وهم في سكرتهم بالسلطة المنهوبة يعمهون، انشغلوا بقضاء وطرهم منها ، إلى أن كمن لهم نقابة المحامين السودانيين في منعطف حاد، ودلقت مشروعا دستوريا زلقا وناعما وسط أرجلهم ، استهانوا به في البداية ، ثم حاولوا عرقلته بكافة السبل الصبيانية ، إلى أن تضّخم، وأصبح بعبعاً ماكرا وخطراً على سلطتهم “البوكو”، ثم نافحوا للتوقيع عليه ، لكنه كان الإطاري عصياً عليهم.

تمّكن مشروع الدستور الانتقالي واتفاقه الإطاري ، من إحداث شرخاً مميتا ، في صفوف الانقلابين، وحاضنتهم السياسية الهشة من حركات “الكفاح المسلح”، وانتهت خلافاتهم حول الاتفاق الإطاري بالحرب العينة الدائرة الآن، كان سببها مغبوني السلطة، مشتهي النفوذ ، الذين تعاونوا مع فلول النظام البائد ، وتآمروا مع لجنته الأمنية ، لوأد الفترة الانتقالية ، وعرقلة العودة للمسار المدني الديمقراطي.

وهم الآن، لا شبعوا من بلح الشام ، ولن يذوقوا عنب اليمن. الانشقاقات تحاصرهم ، واللعان تلاحقهم أينما حلوا.

‫3 تعليقات

  1. والله ماقلت الا الحق
    عشان كدا بنقول لازم الرجوع الى مكوناتنا الاصلية وانهاء هذه الوحدة المصنوعة ونعود كما كنا الي:

    دولة سنار
    دولة دارفور
    اقليم جبال النوبة

    وان يحكم ابناء كل بلد منطقتهم وانتهينا

  2. انت نقول الحركات المسلحة مكنت نفسها من السلطة ثم تناقض نفسك وتقول ان الفلول لعبت بيها سياسة ، ودا كلام مغلوط: يعني الزول اللعبو بيه سياسة كيف يقدر بمكن نفسه طالما هو مفعول به وليس فاعل? ثانيا استدلالك بكلام من الفيس بوك للمدعو منعم سليمان وهو من جماعة قحط الذي مارس الاقصاء حتي علي حلفائهم من الشيوعيين لا يعتد به ولا وزن له.. يبدو انك زعلان من الحركات لاسباب اخري غير التي ذكرتها. علي الاقل الحركات لم ترتكب جرائم النهب واحتلال بيوت الناس والقتل والاغتصاب كما تفعل الجنجويد في الخرطوم ودارفور

  3. ده كلام سليم.. هذه الحركات تركت النضال وقضايا المهمشين.. وتفرغت للسلطة والمال والمغانم الدولارية.. و تحالفت مع الانقلاب كي تبقى في السلطة.. ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح.. وستكون نهاية الحركات وقيادتها عظة لمن يتعظ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..