الحب في العصر الحجري

لا يطوف بذهنك عزيزي القارئ بأنني كنت واحدا من سكان العصر الحجري بيد أن العصر الحجري الذي اقصده هو تلك الفترة التي تمتد بين سنوات 1976 و 1980عندما كنت بجامعة الخرطوم .. والتي اكتشف فيها الكيزان سلاحا جديدا ضد خصومهم السياسيين بالجامعة عبارة عن حجارة وفي الغالب من الخرصانة الصلبة .
كانت فيالقهم تحمل الحجارة في الجيوب أو في شنط قماش معلقة فوق الرقاب وما إن تندلع معركة يبدأون بقذف الحجارة والهدف رؤوس الخصوم بهدف المباغتة والايذاء .. ولكن سلاحهم الخطير ارتد علي أعقابهم بفعل الدرقة والمولوتوف وما نفع سيخهم بعد ذلك .
وجاء زمن اقتلع فيه الكيزان الحكم بالقوة وعوضا عن الحجارة صارت مليشياتهم مسلحة بالكلاشنكوف والتاتشر والبمبان وكل حاجة من ايران .
ما علينا ليس هذا موضوعنا .. كما يجدر بالذكر أن الجامعة في تلك الايام لم يكن بها وحدات جهادية ولم تكن تعرف القبول الخاص ولا صندوق الطلاب ولا الحجاب .
ولأن الموبايل لم يخترع حينها وبالتالي لا فيسبوك ولا يحزنون كان الذي يود لفت نظر زميلته إليه بشكل خاص يلجأ للعديد من الحيل التي تنجح في معظم الأحيان مثل الدعوة لتناول البزيانوس في بوفيه الاقتصاد أو استلاف كراس محاضرات من فلانة وارجاعه في اليوم التالي وبداخله صورة للوسيم القلبي رادو كأنما نسيها سهوا .. وبالمثل عندما تستلف فلانة كراس فلان ولنقل منعم أو أبو الجاز وتعيده له وبداخله زهرة أو منديل معطر فمعناها رسالة عاطفية غير مباشرة .
وكان للحب طعم ورائحة كما كان للنشاط -حوبات-وجولات وفيه الصحف الحائطية وأركان النقاش وحمودة حلاق الجامعة وعمك الاسكافي ومنتدي الفلاسفة ومنتدي بوليتيكا والميدان الشرقي وحوض السباحة والسفرة والداخليات بمستوي خمس نجوم وهنالك مزرعة الجامعة والفرن والاعانة المالية التي تعطي للطلاب الفقراء ..
وكانت كل هذه المميزات تدفعها خزينة الدولة التي تعرف قيمة التعليم .. وعندما سطا الكيزان علي الحكم خربوا التعليم وصارت الجامعات خلاوي وانتشرت البلاوي والفساد المالي وأحزاب التوالي ومن عيونك يا غزالي اسرق واتحلل طوالي.

[email][email protected][/email]