مقالات وآراء سياسية

الشرطة والشعب!

زهير السراج

* عاد الى الظهور بكثافة لصوص المنازل وانتشروا في معظم أحياء العاصمة مع تراخ واضح ولا مبالاة من جهاز الشرطة التي لم تعد تعير اهتماماً بالبلاغات، دعك من تسيير الدوريات الليلية لحراسة المواطنين من اللصوص ومرتادي الاجرام، وحكى لي أحد الأصدقاء بأنهم عندما اشتكوا للشرطة من كثافة السرقات الليلية رد عليهم أحد الضباط ساخرا: (أليست هذه هي المدنية التي تريدونها؟)، وذلك في ربط غريب جداً بين زوال النظام البائد والعمل الذي تؤديه الشرطة، وكأن الشرطة كانت في خدمة وحماية النظام، وليس الشعب!

* لم يعد هنالك حي يسلم من الزيارات والسرقات الليلية، ونشط لصوص الشوارع في اختطاف الموبايلات والاشياء خفيفة الوزن، بينما الشرطة نائمة لا تنشط إلا عند حدوث الوقفات الاحتجاجية لتردم المتظاهرين السلميين بالقنابل المسيلة للدموع، وتستخدم في كثير من الأحيان العنف المفرط لتفريقهم بدون حدوث ما يستدعي ذلك، وأذكر هنا حادثة إستاد الخرطوم خلال مباراة هلال مريخ التي أطلقت فيها الشرطة الغاز المسيل للدموع بكثافة بدون مبرر معقول، وحوادث أخرى مشابهة في مدينة (ابو نعامة) بولاية سنار وفى مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة خلال شهر نوفمبر الماضي أصيب فيها عدد كبير من المواطنين إصابات متفاوتة، ومقتل مواطن تحت التعذيب في أحد أقسام الشرطة بأم درمان في أكتوبر الماضي.. وغيرها من الحوادث المزعجة!

* وليس بي حاجة للحديث عن تمرد شرطة المرور في فترة سابقة والفوضى الشديدة التي أصابت المرور من هذا التمرد بدون أن تتخذ قيادة جهاز الشرطة ووزارة الداخلية أي إجراء للمحاسبة أو حتى التحقيق وكأنها في حالة إعجاب وتأييد لما يحدث، مما يؤكد صحة بعض المزاعم من اكتظاظ جهاز الشرطة بعناصر النظام البائد الذين أغضبهم زوال النظام البائد فتمردوا على العمل !!

* حتى النائب العام لم يسلم من هذا التمرد، واشتكى في حوار لصحيفتنا نشر الشهر الماضي، بأنهم طلبوا من شرطة المباحث القبض على شخص معروف وحددوا لها مكان وجوده، فلم تُنفذ الأمر، وقال انه بصدد الاتصال بوزير الداخلية ومدير الشرطة لإيجاد آلية لتنفيذ أوامر النيابة!

* تخيلوا ما يحدث .. يطلب النائب العام من شرطة المباحث القبض على متهم فترفض الشرطة تنفيذ الأمر، فإذا كان الامر كذلك فإلى من تستمع الشرطة ومن تطيع.. ولقد بلغ من السوء أن النائب العام يستجدي زميله وزير الداخلية ومرؤوسيه في الشرطة لإيجاد آلية لتنفيذ أوامره .. لو كنت مكان النائب العام لما ترددت في تقديم استقالتي حفظا لكرامتي المهنية والخروج في مؤتمر صحفي واطلاع الرأي العام على الحقيقة المُرة، بدلاً من الاستجداء والاهانة التي يتعرض لها من الشرطة برفض تنفيذ تعليماته

* بل ان هنالك من يتحدث عن وجود لجنة تبحث حالياً تقليص سلطات النيابة في القبض واطلاق سراح المقبوضين على ذمة التحري، ولا يدري أحد لماذا ولمصلحة من يحدث هذا، وهل جاءت الثورة للتضييق على الناس أم توسيع قاعدة الحريات، فالمعروف أن النيابة تقوم بعمل كبير في تسهيل اطلاق سراح المقبوضين بالطواف المستمر خلال ساعات الليل على الاقسام والحراسات والنظر في بلاغات المقبوضين واتخاذ الاجراء المناسب، فلماذا يُحرم الناس من هذه الخدمة؟!

* لقد كان من المفترض توسيع سلطات النيابة وليس العكس، وتخصيص قوات شرطية خاصة بها لتنفيذ أوامرها، وزيادة دوريات الشرطة الليلية في الاحياء خاصة بعد تفريغ شرطة النظام العام من مهزلة مطاردة النساء والفتيات في الاسواق والشوارع، والتفرغ لحماية وخدمة المواطنين، وليس ممارسة التمرد والغضب والسخرية من الثورة وحكومتها وشعاراتها !

* يجب أن تفهم وزارة الداخلية وقوات الشرطة أن النظام البائد قد سقط في مزبلة التاريخ ولم يعد له وجود، ولن يعود مرة أخرى في وجود هذا الشعب الثائر المعلم، وأنهما الآن جزءٌ لا يتجزأ من الثورة والحكومة والشعب، وأن المدنية لا تعني العداء للشرطة، بل ترقية أسلوبها وتطوير أداءها على اسس تتلاءم مع حقوق الانسان وصون حياته وكرامته وحماية ممتلكاته، وتحقيق شعار (الشرطة في خدمة الشعب) فعلاً لا قولاً، وليس خدمة النظام، فيرفع لها الجميع القبعات، وينحنون تقديراً وتعظيماً لما تقوم به من عمل نبيل، بدلاً من السخط الذي يشعرون به تجاهها الآن!

زهير السراج

الجريدة

‫4 تعليقات

  1. المزاعم القائلة باكتظاظ جهاز الشرطة بعناصر النظام البائد، هي في الواقع ليست مزاعم وإنما هي حقائق للأسف، وما يحيرني أن جميع أجهزة الدولة وزاراتها ما زالت مكتظة بعناصر النظام البائد وحكومتنا الجديدة لا تفعل شئ للتخلص من هذه العناصر الفاسدة التي ما زالت مسيطرة ليس فقط على الخدمة المدنية بل وحتي العسكرية، إلى متى سيبقى هذا الوضع؟ ولماذا هذا التباطؤ فى التخلص من عناصر النظام البائد ولماذا نتركهم أحرار يسيطيرون على أجهزة الدولة وربما يحيكون المؤامرات للعودة للحكم مرة أخري. أنا أعرف دبلوماسي كبير من عناصر النظام البائد ما زال متربعاً على رأس عمله في السفارة السودانية في أكبر دولة في العالم، وهذا شي يحير العقول أن يكون عناصر النظام البائد مسيطيرين ليس فقط على شرطتنا وخدمتنا المدنية بل على سفاراتنا أيضاً في الخارج، هذا شي يدعو للغضب والغيظ ويؤكد ان حكومة الكيزان لم تسقط بعد كما يؤكد على ضعف حكومتنا الجديدة وعدم قدرتها على حسم الأمور لصالح الثورة والثوار.

  2. نحن ما عندنا شرطة نزيهه ولا حاجة معظم الجنرالات المزينين اكتفاهم و صدورهم بالدبابير و المقصات و علب البيبسي… ديل مرتشين و ساقطين مهنيا و اخلاقيا الا ما رحم ربي . وكلهم ( بنسبة 100%) وصلوا للرتب العالية دي في عهد المخلوع البشير لانهم كانوا مثال للوساخة و القذارة و التملق و الإنحطاط الاخلاقي و الا لما وصل الواحد منهم لرتبة عقيد .. ناخد عينة اولى …. اللواء يسن مدير شرطة كسلا السابق وتصريحه الملفق للتلفزيون بعد اغتيال الشهيد الاستاذ احمد.. عينة ثانية …اشرف الكاردينال متصور مع وزير الداخلية الفريق الطريفي إدريس بزات نفسو بطريقة تخلى كل من وزير الداخلية زاتو و من هم دونه انو الكاردينال قادر ينزع طاقية السلطة والقانون و ما على القانون الا التبسم و الضحك.

  3. من المعروف تاريخاً أنه بعد أي ثورة تحدث ارتدادات (Aftermath)، يؤججها الخصوم والمعادون وتتسم هذه الارتدادات بصور متعددة من الإرهاب والقتل والسرقات الليلية والنهارية والنهب والسلب المسلح. شخصياً تنبأت وحذرت من وقوع هذه الارتدادات الممنهجة والتي يشرف عليها سدنة النظام المقبور.
    تقاعس الشرطة إن أداء واجبها بهذه الصورة الفجة سوف يؤدي حتماً إلى لجوء المواطنين إلى تنقيذ القانون بأيديهم ومعرفتهم (Vigilantism)، وهو معروف عندنا في السودان ب (الدوريات) الليلية التي تقوم بها مجموعات رجالية وشبابية من الأحياء والقرى بالطواف الليلي وهم مدججين بالأسلحة النارية والبيضاء، يقبضون فيها على اللصوص ويحاكمونهم بمعرفتهم وغالباً ما تنتهي المحاكمة أما بالتعذيب أو القتل، وهذا مكمن الخطورة. سوف تسود بعد ذلك فترة إرهابية (Reign of terror) ينفرط فيها عقد الأمن لدرجة تجعل المواطن البسيط يربط تلقائياً بين ما يحدث وبين المدنية، لدرجة تجعله يحن إلى أيام الجوع والفقر، لأنها آمنة على الأقل. وهذا ما يعمد سدنة النظام السابق إلى تحقيقه وإقناع الناس به. المقاطع الإباحية المسربة التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي – حدثت كلها في عهد الإنقاذ-ترمى كلها إلى هدف واحد هو (هذه هي المدنية التي تنشدونها).
    إذاً يجب على الإعلام المقروء والمسموع والمرئي توعية المواطنين إلى ما يحاك ضدهم بليل بهيم. تجفيف الأسواق هو الآخر أحد أساليب (الكيزان) في تهيئة الناس لتقبل الانقلابات العسكرية. يجب تنظيف جهاز الشرطة وإعادة المفصولين خاصة من هاجروا إلى دول الخليج فهم كفاءات نادرة نالوا دورات تدريبية في أمريكا وبريطانيا وعلى درجة عالية من الوطنية والأمانة والشرف. فلتستمر حملات التنظيف إلى مالا نهاية.

  4. يا دكتور اصابعنا اتسهكت ونحن نتعامل مع الكيبوردات لننبه لمدى خطل تعيين وزير داخليه بترشيح من المجلس العسكرى الذى وقتها بداء متماهيا مع النظام البائد واسئلتك مشروعه فمن المسئول عن الإجابة عليها ؟ نعم لدينا وزير داخليه لكننا لا نراه على ارض الواقع وهذا واضح من طريقة اداء ضباطه وافراده ، نحن نعلم زوال نظام الكيزان اوجد وفر كبير او المفروض يكون وفر للداخليه عدد كبير جدا من ضباط وافراد شرطه كانوا يقومون بالسهر على آمن منتسبى النظام البائد فاين هم الآن ياترى هل مازالوا بالخدمه ام جرفهم رياح الثوره !! قبل ايام سمعنا بأن هناك إتجاه لإعادة الضباط والافراد الذين فصلوا تعسفيا من الخدمه وفى يقينى حتى إذا ما كانت النيه متوفره لن يعادوا طالما كان هذا الوزير على رآس هذه الوزاره وإذا الوزير كان مؤمناً بالثوره لفعل ذلك من تلقاء نفسه وقبل ان يطلب منه احد وفق سلطاته فالرجل جالس الآن بين رهطه القديم ويخرج لسانه للثوار ولعلم الساده اعضاء مجلس السياده بشقيه المتمترسين داخل القصر الجمهورى إذا ما إستمر الحال على ما هو عليه الآن فتآكدوا فهذه المره لن تكون هناك ثوره شعبيه او إنقلاب عسكرى كما يقول البعض بل سوف تنجر البلاد نحو فوضى عارمه يختلط فيها الحابل بالنابل ونزرها الآن يشاهدها الجميع ماعدا (بربون) النظام الجديد الذين نراهم بعيدون كل البعد واقول لهم دعكم من تعليقى هذا لكن ارجو مخلصا ان تآخذوا تنبيه الدكتور السراج مآخذ الجد والله المستعان ،

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..