دولة الدين العسكرية، ومفهوم الطاعة الانكسارية!!

ما معنى الطاعة، إذا لم تكن لديك القدرة على المعصية؟
ما فائدة الطاعة إذا أصبح الخضوع لله مجرد أفعال عسكرية، والمسلم مجرد (جندي) في جيش الاله، ولا تبلغ جنديته مداها وبطولته أقصاها، إلا إذا كان ذليلاً مطيعاً مكسور النفس مجرداً من كل مسؤولية، ولا يتقلد النياشين ولا يبلغ درجة الصالحين إلا إذا سار سير الجندي الأمريكي صاحب الأوسمة الرفيعة، الذي ألقى القنبلة اللعينة على (هيروشيما وناجازاكي) فقتل على الفور مائتي ألف أو يزيد دون أن يطرف له جفن، وما فض ميدان القيادة عنا ببعيد، فأولئك الأبطال الذين فتحوا النار على البشر والحجر، الذين قال لهم المتحدث باسم الرب، لا تتوقفوا عن القتل حتى تفنوا الثلث من البشر، فإن أتممتم النصف فمن عند أنفسكم وما أريد أن أشقق عليكم.
كيف أفسدوا عقولنا وحولونا من أطفال أذكياء أنقياء يؤمنون فطرةً بإله الخير والمحبة والرحمة استسلاماً من عند أنفسنا، إلى رجال أشقياء وأغبياء يطيعون بانكسار كل صاحب سطوة وجبروت (اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ) كل بضاعته (الشوكة والسيف والسنان والغلبة)، يسبِّح من حوله رجالُ دينٍ ودينارٍ جعلوا طاعته عبادة، والصبر على على فجوره وظلمه وجلده الظهور واغتصابه الأموال والنساء، من أعظم القربات وأجلَّ الطاعات، وأنزلوا عليه جليل الصفات، وأجلسوه على العرش وسموه صاحب الجلالة فانتفخ حتى احولَّت عيناه وهو يترنم (يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي).
لقد جعلوا سيرة المبعوث رحمة للعالمين، صلوات ربي عليه وسلامه، إلى سيرة قاطع طريق كل تاريخه غزوات وسبي للنساء، وهو الذي قال فيه تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم)، وجعلوا من الغزو ميزان التقوى، فنعم الأمير الذي يغزو عاماً ويحج عاماً، ومن لم يغزو أو يحدِّث نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية، هكذا يطلقون القول على عواهنه. فما كان من أميرهم إلا أن قال مخاطباً السحابة العابرة (امطري حيث شئت فسوف يأتيني خراجك) تعبيراً عن حالة التمكن والسيطرة وأكل أموال الشعوب، ثم قالوا هذا هو الدين!!! مالكم كيف تحكمون؟
لقد عسكروا علينا ديننا وأفسدوا علينا إيماننا، وجعلوا الخلوة بالنفس بدعة، والفراغ إليها مضرة، وأبدلو الايمان بعقائد ما أنزل الله بها من سلطان، ونسخوا كل آيات والمودة والرحمة بالسيف، ونسوا قوله تعلى (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا)، فأبدلوا دين الفرد والعروج في الدرجات والأحوال والمقامات، إلى دين قوامه قوانين يضعها السلطان السمين، يحدد فيها نوع الفستان وطول الدُلقان، ويذبح بها الناس كالخرفان، فلم يعد الدين موجهاً للسلوك ولا طاعةً لرب الناس، وإنما هراوة يمسك بها من لم يقرأ كتاباً من قبلُ ولا كراس!!
صديق النعمة الطيب