الأوزاعي مخترع (حد الردة) – من هو؟ وكيف مات محترقا ؟(1)

يقوم حد الردة كما هو معروف على حديثين يتيمين منبتين . دارت حولهما الشكوك والتهم على مدار العصور , روى أحدهما (عكرمة) وهو (رقيق) لابن عباس وتوارثه أولاده من بعده . وأما ا لآخر فأسسه ( الأوزاعي ) حينما أطلقه قولا جزافا بدون ( سند ) وبدون ( رواة ) ثم صار بعد ذلك حديثا مرويا كامل الأوصاف افتتن به الخلفاء العباسيون الذين أقاموا ملكهم على الدماء والثارات القديمة ولم يكونوا في حاجة لحد ( الجبرية ) الأموي , وهو قتل كل من يروج أن قتل الحسين وآل البيت ورجم الكعبة بالمنجنيق لم يكن مشيئة إلهية لا راد لها ولا يمكن تبديلها وأن من اقترفها من بين أمية كان مسيرا وملزما بارتكابها لحكمة ربانية في علم الغيب , ثم رواه الإمام مسلم في ( الصحيح ) بعد أن منحه الشرعية النبوية في بيئة تحتاج لتشريع القتل وأعطاه التسلسل والعنعنة . ودفعه في مسارب العقل الإسلامي .
وحديث الأوزاعي المشهور يقول : ” لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس , والثيب الزاني , والتارك لدينه , المفارق للجماعة . ”
عاش الأوزاعي في العصر الأموي وخدم الأمويين طويلا ونال عطاياهم كفقيه سلطة ولكن هذا الحديث لم يظهر في ذلك الوقت لأن حد ( الجبرية ) كان كافيا للقتل ولتبرير جرائم الأمويين , فلم يحتاجوا ( لحد الردة ) من أجل قتل مخالفيهم وإنما ابتدعوا حدا آخر أكثر نجاعة وأقوى على تصفية الخصوم والمطالبين بالثارات . قتل معاوية حجر بن عدي الكندي وكان من شيعة علي بن أبي طالب المخلصين وتخصص أولاده في التنكيل بآل محمد وضرب المقدسات الإسلامية لأنهم كانوا الخصوم ولا خصوم غيرهم وبسبب تعسفهم خرجت كل الجماعات الدينية في ذلك الوقت من طغيانهم ولما شعروا باحتجاج العالم الإسلامي ابتدعوا فكرة المشيئة الإلهية المسؤولة وحدها عن كل المظالم والقهر والقتل ولما انتهى حكمهم بحث العباسيون بعدهم عن فكرة تساوي الجبرية ( وحدها ) الذي قتل به الكثيرون من المعارضين والمفكرين وكان الأوزاعي حاضرا ليعمل معهم ليضع على أسنة رماحهم موتا جديدا ويدشن لهم ( حد الردة ) .
لابد أن الأوزاعي بحث في القرآن الكريم , فلم يجد عقوبة للمختلف فكريا من داخل الأمة الإسلامية في ذلك الوقت الذي ورثه العباسيون مليئا بالفرق والجماعات وكلها تطالب بالسلطة وبالإمامة وبأن يتبع المسلمون أفكارها وكانت كلها تلجأ إلى القتال لتطبيق أفكارها , فلم يجد غير حديث آيات القرآن عن العقوبة في دار البقاء وأن الله هو المسؤول عن الضمائر وما في الصدور ,ولكن هذا ما لا يمكن أن يقبله أمثال الخليفة العباسي أبو العباس السفاح (750-754م ) أو أبو جعفر عبد الله المنصور ( 754-775) الذي واجه الثورات من العباسيين أنفسهم ومن العلويين والخوارج الراوندية والخرسانيين ومن قواده الطامعين ثم عرج الأوزاعي مضطرا إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجد غير ردة عبد الله بن سعد بن أبي السرح الذي توعده النبي بالقتل حتى وإن وجد متعلقا بأستار الكعبة المشرفة ولم يطلب قتله لأنه ارتد وإنما لأنه شكك في الوحي المرسل إلى النبي وسخر من النبوة وحرض في مكة واستعدى القبائل وكان الرجل في مقام كاتم الأسرار فأفشى أسرار كتابته ومهنته الرسولية , وبرغم كبر جريمته لأنه كان من المقربين ولأنه أراد ضرب الرسالة في معجزتها الوحيدة عفا عنه النبي بلا استتابة وبلا ( حد ) فجدد إسلامه طوعا فولاه عمر بن الخطاب ثم ولاه عثمان بن عفان ثم حارب السودانيين بعد ذلك وفرض عليهم الجزية مئات السنين وإرسال العبيد سنويا . ثم دقق الأوزاعي ونظر في السيرة فلم يجد غير ردة عبد الله بن خطل الذي كان مسلما وعاملا للنبي في جمع الصدقات ولكنه ( ارتد ) وأعلن ردته , فأمر النبي ( صل ) بقتله , فقتل . ولكن لابن الخطل قصة أخرى غير ( الردة ) هي التي أودت بمقتله ولنستمع لابن هشام في السيرة النبوية وهو يقول : ” وعبد الله بن خطل , رجل من بني تيم بن غالب , إنما أمر ( النبي ) بقتله أنه كان مسلما , فبعثه رسول الله ( صل ) مصدقا , وبعث معه رجلا من الأنصار , وكان معه مولى ( خادم ) له يخدمه , وكان( مسلما ) , فنزل منزلا , وأمر ( المولى ) أن يذبح له تيسا , فيصنع له طعاما , فنام , فاستيقظ ولم يصنع له ( الخادم ) شيئا , فعدا ( هجم ) عليه , فقتله , ثم ارتد مشركا . ”
فالردة هنا كما هو ظاهر جاءت مترتبة على جريمة القتل , ولم تكن مقصودة لذاتها , فهو لم يشرك أولا ثم قتل بل قتل ثم أشرك حتى يقبل أهل مكة – أعداء محمد ? حمايته وإجارته ويمنعوه من القصاص الذي لابد سيحيق به لو بقي في مجتمع محمد . وهنا أحتار الأوزاعي الذي كان أجداده من سبايا السند وولد ونشأ فقيرا ويتيما فتجولت والدته به في كل أصقاع الشام مما جعله لا يثبت على حال ولا يوالي أحدا ولذا خدم بنفس النشاط والغرض الدولتين الأموية والعباسية وحصل من ألأخيرة على سبعين ألف دينار وتعادل مبلغا محترما مما تملكه جماعة ( هيئة علماء السودان ) من أموال سائلة وعقارات تحسب بسعر الدولار الحالي . ولم تطل حيرة الأوزاعي الذي عرف قيمة التبرير في تثبيت الأمويين سياسيا ودينيا من قبل ودرس جيدا ما يريده الخلفاء خاصة في أول عهدهم بسلطة منتزعة عندما دلف وقرأ قصة ( مقيس بن حبابة ) الذي كان صحابيا جليلا , حسن الإسلام , وكان كريما يطعم الناس في الشتاء , وكان محبا لإخوانه لا يرضى لهم الظلم , فارتد فأمر الرسل ( صل ) بقتله , فتبعه رجل من قومه اسمه ( نميلة بن عبد الله ) , فأزهق روحه , فبكت أخت مقيس في مقتله طويلا وقالت :
لعمري لقد أخزى نميلة رهطه ( قبيلته )
وفجع أضياف الشتاء بمقيس ( أي عندما يأتون في الشتاء وهم جياع لن يجدوا شيئا يأكلونه )
فلله عينا من رأى مثل مقيس
إذا النفساء أصبحت لم تخرس
رجع مقيس إلى قريش فحمته ردحا من الزمن , وهو أحد الذين توعدهم الرسول بالقتل حتى وأن تعلقوا بأستار الكعبة , وحين فتحت مكة كان ( مقيس بن حبابة ) مطالبا بدم أحد رجال الأنصار حين قتل ذاك الأنصاري أخا لمقيس خطأ . من هنا نعلم أن الرسول ( صل ) لم يكن يسامح في الدماء ولم يكن يقتل للردة بل كان يشجع عليها كما سنرى لاحقا . ونظر الأوزاعي في كل السيرة فلم ير غير الطلقاء , وغير أصحاب الأمان , وغير مرتدين يطلق سراحهم بلا عقوبة , وغير كفار يجيرهم من يجير , وعفا ذاك النبي حتى عن رجال احتموا بنساء وقال لام هانئ بنت أبي طالب : قد أجرنا من أجرت , وأمنا من أمنت ” ولكن كل ذلك لا يريده الأوزاعي ولا يؤمن به ولا يدخل عقله , فهو فقيه السلطة بلا منازع والذي عاش في زمنين متناقضين ولكنه جمعهما معا في يده , وهو القادر تحت ظلال السيوف على المناداة بالمشروع الحضاري حتى وإن كان ضد القرآن وضد سيرة محمد رسول العدل والسلام والحرية .

خالد بابكر أبوعاقلة
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. حديث ” لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس , والثيب الزاني , والتارك لدينه , المفارق للجماعة . ” رواه ابن مسعود رضي الله عنه و أخرجه البخاري و مسلم .. أراك بهت الرجل و نقلت عن الشيعة بغير علم عليك من الله ما تستحق.

  2. لحوم العلماء مسمومة واطلاق الكلام علي عواهنه شي نكير ومهما يكن تحليل الكاتب المفتري

    فعلم مثل الامام الاوزاعي يكتب عنه بهذه الطريقة المنحطة امر عجيب فهذا اخر الزمان

    كل هذا الكلام اتيت به عن خبر ردة السيدة السودانية هذا يسأل عنه العلماء كل

    العلماء تكلموا عن الردة من شيخ الاسلام ابن تيمية الي الامام الشعراوي ولكن الحكومة

    اتخذت من السودانيات ديدن لتثير الراي العام بهذه المواضيع التافه منذ بنطال لبني

    الحسين ومرور بترحة اميرة وانتهاء بردة مريم الحكومة ياسادتي تقتل الحسين وتتكلم عن

    دم البعوض الحكومة تنسي الفساد والمفسدين الحرامية وتنسي حديث الرسول لوجلست في بيت

    امك وابيك ولو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها نحن نعلم في بلدنا السودان هنالك

    فظائع انتهكت قتل الالف في دارفور وفي جبال النوبة والنيل الازرق ونتكلم نحن هذه الامور

    التوافه فالقاضي الذي يحاكم يعلم ان حكمه فاسد والمسئول مرتشي ومختلس والوالي الفساد يحوم في بطانته والفساد العفن المنتن ضارب باطنابه ويتكملون عن الردة والحجاب والبنطال

    والله شي يدعو للسخرية والغيظ

  3. الاستاذ خالد ماذا تقول في قتل ابوبكر الصديق للمرتدين وقولة والله لو منعونى عقال بعير …..
    يقول العلماء الاربعة ان تارك الصلاة المنكر لها يقتل فاذا كان انكار الصلاة يقتل لردته وهى جزئية واحدة من الدين فتارك الكل ماذا سيكون حكمة . وشكرا

  4. (من هنا نعلم أن الرسول ( صل ) لم يكن يسامح في الدماء ولم يكن يقتل للردة بل كان يشجع عليها كما سنرى لاحقا)

    مجنون أنت أم مستهبل ؟؟

  5. لم يدفع اهل السودان الجزئي لعبد الله ابن ابي السرح .. هناك اتفاقيه البغط بين رماة الحدق وهم اهل بلاد النوبة ارض تهراقا وبعنخي وبين عبدالله بن ابي السرح وليس في نص هذه الاتفاقية إشارة حتي لدفع اي ديه العرب انما اتفاقية مرور ( ترانسيت) ومن ضمن ما يدفعه العرب 400 الف جره نبيز الشام … وهذه الوثيقة كاننت الي في دار الوثائق ألمركزيه بالخرطوم ونتائجه لكثير من التهديدات من قبل الاسلاموين وبعض العربان في دار السودان تم نقلها لدار الوثائق البرطانية بواسطه العلامة ابو سليم ..

  6. هأ أنت “تنكش” عش الأفاعي والعقارب، وستراهم مهتاجون وتحسب أنهم يهاجمونك، لكن تمهل هم جزعون فزعون يطلبون النجاة، ستنهال عليك سهام التكفير من دعاة عدم التفكير، ومن حماة المكتبة الصفراء ومن المسترزقين بجهالة العوام، لكن بربك واصل و”أنكش” كل جحور الكذب الكبير والصغير، فسبحانه وتعالى عليم حكيم ورسوله الكريم حث على العلم ولو في الصين “لشيوعية”والبعيدة.

  7. نصيحة الأوزاعي إلى أبي جعفر المنصور:

    نصيحة الأوزاعي إلى أبي جعفر المنصور:عن الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو قال: بعث إلي أبو جعفر المنصور أمير المؤمنين وأنا بالساحل فأتيته، فلما وصلت إليه وسلمت عليه بالخلافة، رد علي واستجلسني، ثم قال لي: ما الذي أبطأ بك عنا يا أوزاعي.قال: قلت: وما الذي تريد يا أمير المؤمنين، قال: أريد الأخذ عنكم والاقتباس منكم، قال: فقلت: فانظر يا أمير المؤمنين أن لا تجهل شيئا مما أقول لك، قال: كيف أجهله وأنا أسألك عنه وفيه وجهت إليك وأقدمتك له، قال: قلت: أخاف أن تسمعه، ثم لا تعمل به، قال: فصاح بي الربيع وأهوى بيده إلى السيف، فانتهره المنصور وقال: هذا مجلس مثوبة لا مجلس عقوبة فطابت نفسي، وانبسطت في الكلام.فقلت: يا أمير المؤمنين حدثني مكحول عن عطية عن بشر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما عبد جاءه موعظة من الله في دينه فإنها نعمة من الله سيقت إليه، فإن قبلها بشكر وإلا كانت حجة من الله عليه ليزداد بها إثما ويزداد الله بها سخطا عليه» .يا أمير المؤمنين حدثني مكحول عن عطية بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” أيما وال مات غاشا لرعيته حرم الله عليه الجنة» .يا أمير المؤمنين من كره الحق فقد كره الله، إن الله هو الحق المبين، إن الذي لين قلوب أمتكم لكم حين ولاكم أمورهم لقرابتكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان بهم رؤوفا رحيما مواسيا لهم بنفسه في ذات يده محمودا عند الله وعند الناس، فحقيق بك أن تقوم له فيهم بالحق، وأن تكون بالقسط له فيهم قائما ولعوراتهم ساترا لا تغلق عليك دونهم الحجاب، تبتهج بالنعمة عندهم وتبتئس بما أصابهم من سوء.يا أمير المؤمنين قد كنت في شغل شاغل من خاصة نفسك عن عامة الناس الذين أصبحت تملكهم أحمرهم وأسودهم مسلمهم وكافرهم وكل له عليك نصيب من العدل، فكيف بك إذا انبعث منهم فئام، وليس منهم أحد إلا وهو يشكو بلية أدخلتها عليه أو ظلامة سقتها إليه.يا أمير المؤمنين حدثني مكحول عن عروة بن رويم قال: كان بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم جريدة يستاك بها ويروع بها المنافقين، فأتاه جبريل عليه السلام فقال له: يا محمد ما هذه الجريدة التي كسرت بها قلوب أمتك وملأت قلوبهم رعبا؟ فكيف بمن شقق أستارهم وسفك دماءهم وخرب ديارهم، وأجلاهم عن بلادهم وغيبهم الخوف منه.يا أمير المؤمنين حدثني مكحول عن زيادة عن حارثة عن حبيب بن مسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى القصاص من نفسه في خدش خدشه أعرابي لم يتعمده، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك جبارا ولا متكبرا، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الأعرابي فقال: «اقتص مني»، فقال الأعرابي قد أحللتك بأبي أنت وأمي، وما كنت لأفعل ذلك أبدا، ولو أتيت على نفسي، فدعا له بخير.يا أمير المؤمنين رض نفسك لنفسك، وخذ لها الآمان من ربك وارغب في جنة عرضها السماوات والأرض، التي يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقيد قوس أحدكم في الجنة خير له من الدنيا وما فيها».يا أمير المؤمنين إن الملك لو بقي لمن قبلك لم يصل إليك، وكذا لا يبقى لك كما لم يبق لغيرك.يا أمير المؤمنين أتدري ما جاء في تأويل هذه الآية عن جدك {مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها}، قال: الصغيرة التبسم والكبيرة الضحك؛ فكيف بما عملته الأيدي وحصدته الألسن.يا أمير المؤمنين بلغني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لو ماتت سخلة على شاطئ الفرات ضيعت لخشيت أن أسأل عنها، فكيف ممن حرم عدلك وهو على بساطك.يا أمير المؤمنين أتدري ما جاء في تأويل هذه الآية عن جدك {يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله}، قال الله تعالى في الزبور: يا داود إذا قعد الخصمان بين يديك، فكان لك في أحدهما هوى، فلا تتمنين في نفسك أن يكون الحق له فيفلح على صاحبه، فأمحوك عن نبوتي ثم لا تكون خليفتي، ولا كرامة، يا داود إنما جعلت رسلي إلى عبادي رعاة كرعاة الإبل، لعلمهم بالرعاية ورفقهم بالسياسة ليجبروا الكسير ويدلهوا الهزيل على الكلأ والماء.يا أمير المؤمنين إنك قد بليت بأمر لو عرض على السماوات والأرض والجبال لأبين أن يحملنه وأشفقن منه.يا أمير المؤمنين حدثني يزيد بن جابر عن عبد الرحمن بن عمرة الأنصاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل رجلا من الأنصار على الصدقة، فرآه بعد أيام مقيما فقال له: ما منعك من الخروج إلى عملك، أما علمت أن لك مثل أجر المجاهد في سبيل الله، قال: لا، ثم قال: وكيف ذلك؟ قال: إنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من وال يلي شيئا من أمور الناس إلا أتي به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه، لا يفكها إلا عدله، فيوقف على جسر من النار ينتفض به ذلك الجسر انتفاضة تزيل كل عضو منه عن موضعه، ثم يعاد فيحاسب، فإن كان محسنا نجا بإحسانه، وإن كان مسيئا انحرف به ذلك الجسر فيهوى به في النار سبعين خريفا، فقال عمر رضي الله عنه ممن سمعت؟ قال: من أبي ذر وسلمان فأرسل إليهما عمر فسألهما فقالا: نعم سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: واعمراه من يتولاها بما فيها، فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: من سلت الله أنفه، وألصق خده بالأرض، قال: فأخذ المنديل فوضعه على وجهه ثم بكى وانتحب حتى أبكاني.ثم قلت: يا أمير المؤمنين قد سأل العباس النبي صلى الله عليه وسلم إمارة مكة أو الطائف أو اليمن، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا عباس يا عم النبي نفس تحييها خير من أمارة لا تحصيها»، نصيحة منه لعمه وشفقة عليه، وأخبره أنه لا يغني عنه من الله شيئا إذ أوحى الله إليه {وأنذر عشيرتك الأقربين}، فقال: «يا عباس ويا صفية ويا فاطمة بنت محمد إني لست أغني عنكم من الله شيئا إن لي عملي ولكم عملكم»، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يقسم أمر الناس إلا حصيف العقل أريب العقد، لا يطلع منه على عورة، لا يخاف منه على حرة، ولا تأخذه في الله لومة لائم، وقال: الأمراء أربعة: فأمير قوي ظلف نفسه وعماله، فذلك كالمجاهد في سبيل الله يد الله باسطة عليه الرحمة، وأمير فيه ضعف ظلف نفسه وأرتع عماله لضعفه، فهو على شفا هلاك إلا أن يرحمه الله، وأمير ظلف عماله لضعفه وارتع نفسه فذلك الحطمة، الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شر الرعاء الحطمة»، فهو الهالك وحده، وأمير أرتع نفسه وعماله فهلكوا جميعا.وقد بلغني يا أمير المؤمنين أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتيتك حين أمر الله بمنافخ النار فوضعت على النار تسعر ليوم القيامة، فقال له: «يا جبريل صف لي النار»، فقال: إن الله تعالى أمر بها فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى اصفرت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة، لا يضئ جمرها، ولا يطفأ لهبها، والذي بعثك بالحق لوأن ثوبا من ثياب أهل النار أظهر لأهل الأرض لماتوا جميعا، ولو أن ذنوبا من شرابها صب في مياه الأرض جميعا قتل من ذاقه، ولو أن ذراعا من السلسلة التي ذكر الله وضع على جبال الأرض جميعا لذابت وما استقلت، ولو أن رجلا ادخل النار ثم أخرج منها لمات أهل الأرض من نتن ريحه وتشويه خلقه وعظامه، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم، وبكى جبريل عليه السلام لبكائه، فقال: أتبكي يا محمد وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: أفلا أكون عبدا شكورا، ولم بكيت يا جبريل وأنت الروح الأمين أمين الله على وحيه؟ قال: أخاف أن أبتلي بما ابتلي به هاروت وماروت، فهو الذي منعني من اتكالي على منزلتي عند ربي، فأكون قد أمنت مكره، فلم يزالا يبكيان حتى نوديا من السماء، يا جبريل، ويا محمد إن الله قد أمنكما أن تعصياه، فيعذبكما، وفضل محمد على سائر الأنبياء كفضل جبريل على سائر الملائكة.وقد بلغني يا أمير المؤمنين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: اللهم إن كنت تعلم أني أبالي إذا قعد الخصمان بين يدي على من مال الحق من قريب أو بعيد، فلا تمهلني طرفة عين.يا أمير المؤمنين إن أشد الشدة القيام لله بحقه، وإن أكرم الكرم عند الله التقوى، وإنه من طلب العز بطاعة الله رفعه الله وأعزه، ومن طلبه بمعصية الله أذله، ووضعه، فهذه نصيحتي إليك والسلام عليك، ثم نهضت، فقال لي: إلى أين؟ فقلت: إلى الولد والوطن، بإذن أمير المؤمنين إن شاء الله، فقال: قد أذنت لك، وشكرت لك نصيحتك، وقبلتها، والله الموفق للخير والمعين عليه، وبه أستعين، وعليه أتوكل، وهو حسبي ونعم الوكيل فلا تخلني بمطالعتك إياي، بمثل هذا فإنك المقبول القول غير المتهم في النصيحة، قلت: أفعل إن شاء الله، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

  8. محنة وابتلاء الإمام الأوزاعى :

    الأوزاعى هو حجة الله على علماء السلطان فى كل زمان الذين يبررون للحاكم كل مظلمة يرتكبها ، ويسعون إلى رضا الحاكم والله أحق أن يرضوه .

    عاش الأوزاعى فترة عصيبة من فترات التاريخ الإسلامى ، وهى فترة سقوط الخلافة الأموية ، وصعود العباسيين ، ونترك الأوزاعي يحكى لنا هذا الموقف مع أول خلفاء بنى العباس , يقول:

    لما فرغ عبد الله بن علي – يعني عم السفاح – من قتل بني أمية بعث إلي السفاح وكان قد قتل يومئذ نيفا وسبعين ، فاشتد ذلك علي ، وقدمت فدخلت والناس على الجانبين ، وقد جلس السفاح على سريره وعبأ أصحابه أربعة صفوف معهم السيوف المسللة ، فلما صرت بالباب أنزلوني وأخذ اثنان بعضدي وأدخلوني بين الصفوف حتى أقاموني ، فسلمت

    فقال : أنت عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي؟ قلت: نعم أصلح الله الأمير.
    قال ما تقول في دماء بني أمية؟
    يقول الأوزاعى : فأحسست أنه يسال مسألة رجل يريد أن يقتل رجلا. فقلت: قد كان بينك وبينهم عهود.
    فقال: ويحك ، لا عهد بيننا .

    فخشيت على نفسي وكرهت القتل ، ثم ذكرت مقامي بين يدي الله عز وجل
    فقلت: دماؤهم عليك حرام.
    فغضب وانتفخت عيناه وأوداجه ، فقال لى: ويحك ولم؟ قلت:
    قال رسول الله لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزانى والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة.

    قال: ويحك أوليس الأمر لنا جزء من الدين؟
    قلت: وكيف ذاك؟
    قال: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوصى إلى علي؟
    قلت: لو أوصى إليه ما حكم الشيخان (أبو بكر وعمر).

    فسكت وقد اجتمع غضبا.
    فقال: ما تقول في مخرجنا وما نحن فيه؟
    فتفكرت ثم قلت فى نفسى لأصدقنه ، واستبسلت للموت ، فقلت: إنما الأعمال بالنيات.

    وكان بيده قضيب ينكت به فقال:
    فما تقول في أموال بني أمية؟
    قلت:
    إن كانت لهم حلالا فهي عليك حرام وإن كانت عليهم حراما فهي عليك أشد حرمة
    فجعلت أتوقع رأسي تقع بين يدي. فأشار بيده أن أخرجوه ، فخرجت فركبت دابتي.

    فلما سرت غير بعيد إذا فارس يتلوني. فقلت قد بعث ليأخذ رأسي ، فنزلت إلى الأرض أصلي ركعتين فكبرت ، فجاء وأنا قائم أصلي فسلم وقال:
    إن الأمير قد بعث إليك بهذه الدنانير فخذها!!.
    فأخذتها ففرقتها قبل أن أدخل منزلي.

  9. هو: عبد الرحمن بن عمرو بن محمد، أبو عمرو الأوزاعي.
    والأوزاع: بطن من حمير وهو من أنفسهم. قاله محمد بن سعد.
    وقال غيره: لم يكن من أنفسهم وإنما نزل في محلة الأوزاع، وهي قرية خارج باب الفراديس من قرى دمشق، وهو ابن عم يحيى بن عمرو الشيباني.
    قال أبو زرعة: وأصله من سبي السند فنزل الأوزاع فغلب عليه النسبة إليها.
    وقال غيره: ولد ببعلبك ونشأ بالبقاع يتيما في حجر أمه، وكانت تنتقل به من بلد إلى بلد.
    وتأدب بنفسه، فلم يكن في أبناء الملوك والخلفاء والوزراء والتجار وغيرهم أعقل منه، ولا أورع ولا أعلم، ولا أفصح ولا أوقر ولا أحلم، ولا أكثر صمتا منه، ما تكلم بكلمة إلا كان المتعين على من سمعها من جلسائه أن يكتبها عنه، من حسنها، وكان يعاني الرسائل والكتابة، وقد اكتتب مرة في بعث إلى اليمامة فسمع من يحيى بن أبي كثير وانقطع إليه فأرشده إلى الرحلة إلى البصرة ليسمع من الحسن وابن سيرين.
    فسار إليها فوجد الحسن قد توفي من شهرين، ووجد ابن سيرين مريضا، فجعل يتردد لعيادته، فقوي المرض به ومات ولم يسمع منه الأوزاعي شيئا.
    ثم جاء فنزل دمشق بمحلة الأوزاع خارج باب الفراديس، وساد أهلها في زمانه وسائر البلاد في الفقه والحديث والمغازي وغير ذلك من علوم الإسلام.
    وقد أدرك خلقا من التابعين وغيرهم، وحدث عنه جماعات من سادات المسلمين: كمالك بن أنس والثوري، والزهري وهو من شيوخه.
    وأثنى عليه غير واحد من الأئمة، وأجمع المسلمون على عدالته وإمامته.
    قال مالك: كان الأوزاعي إماما يقتدى به.
    وقال سفيان بن عيينة وغيره: كان الأوزاعي إمام أهل زمانه.
    وقد حج مرة فدخل مكة وسفيان الثوري آخذ بزمام جمله، ومالك بن أنس يسوق به، والثوري يقول: أفسحوا للشيخ حتى أجلساه عند الكعبة، وجلسا بين يديه يأخذان عنه.
    وقد تذاكر مالك والأوزاعي مرة بالمدينة من الظهر حتى صليا العصر، ومن العصر حتى صليا المغرب، فغمره الأوزاعي في المغازي، وغمره مالك في الفقه. أو في شيء من الفقه.
    وتناظر الأوزاعي والثوري في مسجد الخيف في مسألة رفع اليدين في الركوع والرفع منه، فاحتج الأوزاعي على الرفع في ذلك بما رواه عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: «أن رسول الله : كان يرفع يديه في الركوع والرفع منه».
    واحتج الثوري على ذلك بحديث يزيد بن أبي زياد.
    فغضب الأوزاعي وقال: تعارض حديث الزهري بحديث يزيد بن أبي زياد وهو رجل ضعيف؟
    فاحمر وجه الثوري، فقال الأوزاعي: لعلك كرهت ما قلت؟
    قال: نعم.
    قال: فقم بنا حتى نلتعن عند الركن أينا على الحق. فسكت الثوري.
    وقال هقل بن زياد: أفتى الأوزاعي في سبعين ألف مسألة بحدثنا. وأخبرنا.
    وقال أبو زرعة: روي عنه ستون ألف مسألة.
    وقال غيرهما: أفتى في سنة ثلاث عشرة ومائة وعمره إذ ذاك خمس وعشرون سنة، ثم لم يزل يفتي حتى مات وعقله زاكٍ.
    وقال يحيى القطان، عن مالك: اجتمع عندي الأوزاعي والثوري وأبو حنيفة.
    فقلت: أيهم أرجح؟
    قال: الأوزاعي.
    وقال محمد بن عجلان: لم أر أحدا أنصح للمسلمين من الأوزاعي.
    وقال غيره: ما رُئي الأوزاعي ضاحكا مقهقها قط، ولقد كان يعظ الناس فلا يبقي أحد في مجلسه إلا بكى بعينه أو بقلبه، وما رأيناه يبكي في مجلسه قط وكان إذا خلى بكى حتى يرحم.
    وقال يحيى بن معين: العلماء أربعة: الثوري، وأبو حنيفة، ومالك، والأوزاعي.
    قال أبو حاتم: كان ثقةً متبعا لما سمع.
    قالوا: وكان الأوزاعي لا يلحن في كلامه، وكانت كتبه ترد على المنصور فينظر فيها ويتأملها ويتعجب من فصاحتها وحلاوة عبارتها.
    وقد قال المنصور يوما: لأحظى كتَّابه عنده – وهو: سليمان بن مجالد -: ينبغي أن نجيب الأوزاعي على ذلك دائما، لنستعين بكلامه فيما نكاتب به إلى الآفاق إلى من لا يعرف كلام الأوزاعي.
    فقال: والله يا أمير المؤمنين ! لا يقدر أحد من أهل الأرض على مثل كلامه ولا على شيء منه.
    وقال الوليد بن مسلم: كان الأوزاعي إذا صلى الصبح جلس يذكر الله سبحانه حتى تطلع الشمس، وكان يأثر عن السلف ذلك.
    قال: ثم يقومون فيتذاكرون في الفقه والحديث.
    وقال الأوزاعي: رأيت رب العزة في المنام فقال: أنت الذي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟
    فقال: بفضلك أي رب.
    ثم قلت: يا رب أمتني على الإسلام.
    فقال: وعلى السنة.
    وقال محمد بن شابور: قال لي شيخ بجامع دمشق: أنا ميت في يوم كذا وكذا.
    فلما كان في ذلك اليوم رأيته في صحن الجامع يتفلى، فقال لي: اذهب إلى سرير الموتى فأحرزه لي عندك قبل أن تسبق إليه.
    فقلت: ما تقول؟
    فقال: هو ما أقول لك، وإني رأيت كأن قائلا يقول: فلان قدري وفلان كذا وعثمان بن العاتكة نعمَ الرجل، وأبو عمرو الأوزاعي خير من يمشي على وجه الأرض، وأنت ميت في يوم كذا وكذا.
    قال محمد بن شعيب: فما جاء الظهر حتى مات وصلينا عليه بعدها وأخرجت جنازته. ذكر ذلك ابن عساكر.
    وكان الأوزاعي رحمه الله كثير العبادة حسن الصلاة ورعا ناسكا طويل الصمت، وكان يقول: من أطال القيام في صلاة الليل هوّن الله عليه طول القيام يوم القيامة، أخذ ذلك من قوله تعالى: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلا طَوِيلا * إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْما ثَقِيلا } [size=7][الإنسان: 26- 27] .
    وقال الوليد بن مسلم: ما رأيت أحدا أشد اجتهادا من الأوزاعي في العبادة.
    وقال غيره: حج فما نام على الراحلة، إنما هو في صلاة، فإذا نعس استند إلى القتب، وكان من شدة الخشوع كأنه أعمى.
    ودخلت امرأة على امرأة الأوزاعي فرأت الحصير الذي يصلي عليه مبلولا فقالت لها: لعل الصبي بال ههنا.
    فقالت: هذا أثر دموع الشيخ من بكائه في سجوده، هكذا يصبح كل يوم.
    وقال الأوزاعي: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وأقوال الرجال وإن زخرفوه وحسنوه، فإن الأمر ينجلي وأنت منه على طريق مستقيم.
    وقال أيضا: اصبر على السنة وقف حيث يقف القوم، وقل ما قالوا وكف عما كفوا، وليسعك ما وسعهم.
    وقال: العلم ما جاء عن أصحاب محمد، وما لم يجيء عنهم فليس بعلم.
    وكان يقول: لا يجتمع حب عليٍّ وعثمان إلا في قلب مؤمن، وإذا أراد الله بقوم شرا فتح عليهم باب الجدل وسد عنهم باب العلم والعمل.
    قالوا: وكان الأوزاعي من أكرم الناس وأسخاهم، وكان له في بيت المال على الخلفاء أقطاع صار إليه من بني أمية وقد وصل إليه من خلفاء بني أمية وأقاربهم وبني العباس نحو من سبعين ألف دينار، فلم يمسك منها شيئا، ولا اقتنى شيئا من عقار ولا غيره، ولا ترك يوم مات سوى سبعة دنانير كانت جهازه، بل كان ينفق ذلك في سبيل الله وفي الفقراء والمساكين.
    ولما دخل عبد الله بن علي – عم السفاح الذي أجلى بني أمية عن الشام، وأزال الله سبحانه دولتهم على يده – دمشق فطلب الأوزاعي فتغيب عنه ثلاثة أيام ثم حضر بين يديه.
    قال الأوزاعي: دخلت عليه وهو على سرير وفي يده خيزرانة والمسودة عن يمينه وشماله، ومعهم السيوف مصلتة – والعمد الحديد – فسلمت عليه فلم يرد ونكت بتلك الخيزرانة التي في يده ثم قال: يا أوزاعي ! ما ترى فيما صنعنا من إزالة أيدي أولئك الظلمة عن العباد والبلاد؟ أجهادا ورباطا هو؟
    قال: فقلت: أيها الأمير ! سمعت يحيى بن سعيد الأنصاري، يقول: سمعت محمد بن إبراهيم التيمي، يقول: سمعت علقمة بن وقاص، يقول: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: سمعت رسول الله يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه».
    قال: فنكت بالخيزرانة أشد مما كان ينكت، وجعل من حوله يقبضون أيديهم على قبضات سيوفهم، ثم قال: يا أوزاعي ! ما تقول في دماء بني أمية؟
    فقلت: قال رسول الله : «لا يحل لمسلم دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة».
    فنكت بها أشد من ذلك ثم قال: ما تقول في أموالهم؟
    فقلت: إن كانت في أيديهم حراما فهي حرام عليك أيضا، وإن كانت لهم حلالا فلا تحل لك إلا بطريق شرعي.
    فنكت أشد مما كان ينكت قبل ذلك ثم قال: ألا نوليك القضاء؟
    فقلت: إن أسلافك لم يكونوا يشقون علي في ذلك، وإني أحب أن يتم ما ابتدؤني به من الإحسان.
    فقال: كأنك تحب الانصراف؟
    فقلت: إن ورائي حرما وهم محتاجون إلى القيام عليهن وسترهن، وقلوبهن مشغولة بسببي.
    قال: وانتظرت رأسي أن يسقط بين يدي، فأمرني بالانصراف.
    فلما خرجت إذا برسوله من ورائي، وإذا معه مائتا دينار، فقال: يقول لك الأمير: استنفق هذه.
    قال: فتصدقت بها، وإنما أخذتها خوفا.
    قال: وكان في تلك الأيام الثلاثة صائما فيقال: إن الأمير لما بلغه ذلك عرض عليه الفطر عنده فأبى أن يفطر عنده.
    قالوا: ثم رحل الأوزاعي من دمشق فنزل بيروت مرابطا بأهله وأولاده، قال الأوزاعي: وأعجبني في بيروت أني مررت بقبورها فإذا امرأة سوداء في القبور فقلت لها: أين العمارة يا هنتاه؟
    فقالت: إن أردت العمارة فهي هذه – وأشارت إلى القبور – وإن كنت تريد الخراب فأمامك – وأشارت إلى البلد – فعزمت على الإقامة بها.
    وقال محمد بن كثير: سمعت الأوزاعي، يقول: خرجت يوما إلى الصحراء فإذا رجل جراد وإذا شخص راكب على جرادة منها وعليه سلاح الحديد، وكلما قال بيده هكذا إلى جهة مال الجراد مع يده، وهو يقول: الدنيا باطل باطل باطل، وما فيها باطل باطل باطل.
    وقال الأوزاعي: كان عندنا رجل يخرج يوم الجمعة إلى الصيد ولا ينتظر الجمعة فخسف ببغلته فلم يبق منها إلا أذناها.
    وخرج الأوزاعي يوما من باب مسجد بيروت وهناك كان فيه رجل يبيع الناطف وإلى جانبه رجل يبيع البصل وهو يقول له: يا بصل ! أحلى من العسل، أو قال: أحلى من الناطف.
    فقال الأوزاعي: سبحان الله ! أيظن هذا أن شيئا من الكذب يباح؟ فكان هذا ما يرى في الكذب بأسا.
    وقال الواقدي: قال الأوزاعي: كنا قبل اليوم نضحك ونلعب، أما إذا صرنا أئمة يقتدى بنا فلا نرى أن يسعنا ذلك، وينبغي أن نتحفظ.
    وكتب إلى أخ له: أما بعد فقد أحيط بك من كل جانب، وإنه يسار بك في كل يوم وليلة، فاحذر الله والقيام بين يديه، وأن يكون آخر العهد بك والسلام.
    وقال ابن أبي الدنيا: حدثني محمد بن إدريس، سمعت أبا صالح – كاتب الليث -، يذكر عن الهقل بن زياد، عن الأوزاعي، أنه وعظ فقال في موعظته: أيها الناس ! تقووا بهذه النعم التي أصبحتم فيها على الهرب من نار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة، فإنكم في دار الثواء فيها قليل، وأنتم عما قليل عنها راحلون.
    خلائف بعد القرون الماضية الذين استقبلوا من الدنيا آنقها وزهرتها، فهم كانوا أطول منكم أعمارا، وأمد أجساما، وأعظم أحلاما، وأكثر أموالا وأولادا، فخددوا الجبال، وجابوا الصخر بالواد، وتنقلوا في البلاد، مؤيدين بطش شديد، وأجساد كالعماد، فما لبثت الأيام والليالي أن طوت آثارهم، وأخربت منازلهم وديارهم، وأنست ذكرهم، فهل تحسن منهم من أحد أو وتسمع له ركزا؟
    كانوا بلهو الأمل آمنين، وعن ميقات يوم موتهم غافلين، فآبوا إياب قوم نادمين، ثم إنكم قد علمتم الذي نزل بساحتهم بياتا من عقوبة الله، فأصبح كثير منهم في ديارهم جاثمين، وأصبح الباقون المتخلفون يبصرون في نعمة الله وينظرون في آثار نقمته، وزوال نعمته عمن تقدمهم من الهالكين ينظرون والله في مساكن خالية خاوية، وقد كانت بالعز محفوفة، وبالنعم معروفة، والقلوب إليها مصروفة، والأعين نحوها ناظرة، فأصبحت آية للذين يخافون العذاب الأليم، وعبرة لمن يخشى.
    وأصبحتم بعدهم في أجل منقوص ودنيا منقوصة، في زمان قد ولى عفوه وذهب رخاؤه وخيره وصفوه، فلم يبق منه إلا جمة شر، وصبابة كدر، وأهاويل عبر، وعقوبات غير، وإرسال فتن، وتتابع زلال، ورذالة خلف بهم، ظهر الفساد في البر والبحر، يضيقون الديار، ويغلون الأسعار بما يرتكبونه من العار والشنار، فلا تكونوا أشباها لمن خدعه الأمل، وغره طول الأجل، ولعبت به الأماني، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن إذا دعي بدر، وإذا نهي انتهى، وعقل مثواه فمهد لنفسه.
    وقد اجتمع الأوزاعي بالمنصور حين دخل الشام ووعظه وأحبه المنصور وعظمه، ولما أراد الانصراف من بين يديه استأذنه أن لا يلبس السواد فأذن له فلما خرج قال المنصور للربيع الحاجب: الحقه فاسأله لم كره لبس السواد؟ ولا تعلمه أني قلت لك.
    فسأله الربيع فقال: إني لم أر محرما أحرم فيه، ولا ميتا كفن فيه، ولا عروسا جليت فيه، فلهذا أكرهه.
    وقد كان الأوزاعي في الشام معظما مكرما أمره أعز عندهم من أمر السلطان، وقد همَّ به بعض مرة فقال له أصحابه: دعه عنك والله لو أمر أهل الشام أن يقتلونك لقتلوك.
    ولما مات جلس على قبره بعض الولاة فقال: رحمك الله، فوالله لقد كنت أخاف منك أكثر مما أخاف من الذي ولاني – يعني: المنصور -.
    وقال ابن العشرين: ما مات الأوزاعي حتى جلس وحده وسمع شتمه بأذنه.
    وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي، قال: كنت جالسا عند الثوري فجاءه رجل، فقال: رأيت كأن ريحانة من المغرب – يعني: قلعت -.
    قال: إن صدقت رؤياك فقد مات الأوزاعي.
    فكتبوا ذلك فجاء موت الأوزاعي في ذلك اليوم.
    وقال أبو مسهر: بلغنا أن سبب موته أن امرأته أغلقت عليه باب حمام فمات فيه، ولم تكن عامدة ذلك، فأمرها سعيد بن عبد العزيز بعتق رقبه.
    قال: وما خلف ذهبا ولا فضةً ولا عقارا، ولا متاعا إلا ستة وثمانين، فضلت من عطائه.
    وكان قد اكتتب في ديوان الساحل.
    وقال غيره: كان الذي أغلق عليه باب الحمام صاحب الحمام، أغلقه وذهب لحاجة له ثم جاء ففتح الحمام فوجده ميتا قد وضع يده اليمنى تحت خده وهو مستقبل القبلة رحمه الله.
    قلت: لا خلاف أنه مات ببيروت مرابطا، واختلفوا في سنة وفاته، فروى يعقوب بن سفيان، عن سلمة، قال: قال أحمد: رأيت الأوزاعي وتوفي سنة خمسين ومائة.
    قال العباس بن الوليد البيروتي: توفي يوم الأحد أول النهار لليلتين بقيتا من صفر سنة سبع وخمسين ومائة، وهو الذي عليه الجمهور وهو الصحيح، وهو قول: أبي مسهر، وهشام بن عمار، والوليد بن مسلم – في أصح الروايات عنه -، ويحيى بن معين، ودحيم، وخليفة بن خياط، وأبي عبيد، وسعيد بن عبد العزيز، وغير واحد.
    قال العباس بن الوليد: ولم يبلغ سبعين سنة، وقال غيره: جاوز السبعين، والصحيح سبع وستون سنة، لأن ميلاده في سنة ثمان وثمانون على الصحيح.
    وقيل: أنه ولد سنة ثلاث وسبعين، وهذا ضعيف.
    وقد رآه بعضهم في المنام، فقال له: دلني على عمل يقربني إلى الله.
    فقال: ما رأيت في الجنة درجة أعلى من درجة العلماء العاملين، ثم المحزوني

  10. حد الردة بين أئمة المسلمين وشبهات المحدَثين
    عبد الرحمن بن صالح السديس
     
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وسلم، أما بعد
    فترى بين الفينة والأخرى حديثا عن حكم قتل المرتد، وتشكيكا في هذا الحكم وإيرادا للشبهات عليه، وهذه إشارة لطيفة لبعض الأدلة في الموضوع ربما لم يطلع عليها البعض.

    1- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة » رواه البخاري ومسلم وغيرهم.

    2- وعثمان بن عفان رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحل دم المسلم، إلا بثلاث: إلا أن يزني وقد أحصن فيرجم، أو يقتل إنسانا فيقتل، أو يكفر بعد إسلامه فيقتل» رواه عبد الرزاق والنسائي بإسناد صحيح، وجاء أيضا معناه عن عائشة رضي الله عنها.

    وهما نصان ظاهران في أن المرتد حلال الدم.

    2- وعن عكرمة، أن عليا رضي الله عنه، حرَّق قوما، فبلغ ابن عباس رضي الله عنهما فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تعذبوا بعذاب الله»، ولقتلتهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه». رواه البخاري وغيره.

    وهذا نص صريح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المرتد مأمور بقتله، وفي هذه الرواية تطبيق أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لهذا الحكم بمحضر من الصحابة التابعين، وإقرار من ابن عباس لقتلهم لكن بغير التحريق.

    3- في صحيح البخاري ومسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى الأشعري رضي الله عنه واليا إلى اليمن، ثم اتبعه معاذ بن جبل رضي الله عنه، فلما قدم عليه ألقى أبو موسى وسادة لمعاذ، وقال: انزل، وإذا رجل عنده موثق، قال معاذ: ما هذا؟ قال: كان يهوديا فأسلم ثم تهود، قال: اجلس، قال: لا أجلس حتى يقتل، قضاء الله ورسوله ـ ثلاث مرات ـ فأمر به فقتل».

    وهذا نص أيضا أنه حكم الله ورسوله، وتطبيق له من أئمة علماء الصحابة.

    4- عن أبي هريرة، قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل الناس؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه، إلا بحقه وحسابه على الله»، فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه، فقال عمر: «فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق» رواه البخاري ومسلم وغيرهم.

    وهذا إجماع من الصحابة في استحقاق المرتدين عن بعض شرائع الإسلام كالزكاة للقتال، فكيف بمن رفض الدين كله.

    5- عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن أبيه ، قال: أخذ ابن مسعود قوما ارتدوا عن الإسلام من أهل العراق؛ فكتب فيهم إلى عمر فكتب إليه: «أن اعرض عليهم دين الحق, وشهادة أن لا إله إلا الله فإن قبلوها = فخل عنهم ، وإن لم يقبلوها = فاقتلهم ، فقبلها بعضهم = فتركه ، ولم يقبلها بعضهم = فقتله» هكذا رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح، وروي نحوه أنه كتب لعثمان.

    وهذا نص أيضا من عمل أئمة علماء الصحابة وتطبيق للحكم بلا نكير.

    6- وعن أبي عمرو الشيباني، قال: أتي علي بشيخ كان نصرانيا؛ فأسلم ، ثم ارتد عن الإسلام ، فقال له علي: «لعلك إنما ارتددت لأن تصيب ميراثا ، ثم ترجع إلى الإسلام؟» قال: لا ، قال: «فلعلك خطبت امرأة فأبوا أن يزوجوكها ، فأردت أن تزوجها ، ثم تعود إلى الإسلام؟» قال: لا ، قال: «فارجع إلى الإسلام» قال: لا ، أما حتى ألقى المسيح فلا ، قال: «فأمر به فضربت عنقه ..» رواه عبد الرزاق. بإسناد صحيح، وجاء معناه من عدة طرق.

    وغيرها من النصوص والآثار عن الصحابة والتابعين تركتها اختصارا، في أن حكم المرتد، القتل بعد الاستتابة إن لم يرجع للإسلام.

    فهذه نصوص صحيحة صريحة متواترة المعنى على هذا الحكم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتطبيقات له من خلفائه الراشدين وأئمة الصحابة وعلمائهم، وغيرها مما تركت نقله عن التابعين والأئمة، وفي أزهى عصور الإسلام وأكملها وأشدها قوة وانتشارا وعزة ورفعة.

    وقد نقل إجماع العلماء على ذلك جمع من أكابر أهل العلم، قال ابن عبد البر: «من ارتد عن دينه حل دمه وضربت عنقه والأمة مجتمعة على ذلك»، وقال ابن قدامة: «أجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتد»، وغيرهم ممن نقل الإجماع.

    إذا تقرر هذا من نصوص النبي صلى الله عليه وسلم، وعمل خلفائه، والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين على مر الأعصار، ومختلف الأمصار = تبين لك أن هذا هو الحق بلا مرية.
    وأنه لا يمكن أن يكون الحق غائبا عن الأمة والأئمة كل هذه الدهور، وكانت الأمة التي هي خير الأمم وأهداها في ضلال عن حكم الله، حتى جاء بعض المعاصرين فاكتشف أن هذا القول باطل، وأنهم لم يفهوا القرآن وأن هذا الحكم مخالف لنص قطعي الدلالة، وهو قوله تعالى: (لا إكراه في الدين)!

    سبحان الله كيف تكون قطعية الدلالة، ويجمع العلماء على ترك العمل بها؟!

    نعم هي قطعية الدلالة على أنه لا يُكره أحد على الدخول في الإسلام، فهذا محل إجماع بين العلماء.
    لكن مسألتنا هنا غير هذه، فالكلام في عقوبة من دخل في الإسلام، ثم ارتد عنه، لا في أنه لا يجبر أحد في الدخول فيه، فهذا ليس في الآية دلالة عليه لا قطعية ولا ظنية.

    والنصوص متكاثرة جدا في إثبات معاقبة المسلم الذي يترك الواجبات؛ كالصلاة والزكاة والصيام، أو يفعل المحرمات كالزنا وشرب الخمر، أفيعاقب على هذه المحرمات ولا يعاقب على الكفر الذي هو أشد منها وأعظم بالإجماع؟! أي تناقض هذا؟!

    ثم ذهبوا يحشدون من الشبهات على هذا الحكم حشدا، ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية إذ قال: «اعلم أنه ما من: حق ودليل إلا ويمكن أن يرد عليه شُبه سوفسطائية؛ فإن السفسطة: إما خيال فاسد، وإما مُعاندة للحق، وكلاهما = لا ضابط له؛ بل هو بحسب ما يخطر للنفوس من: الخيالات الفاسدة، والمعاندات الجاحدة».

    وصدق وبر، فكل حكم ودليل يستطيع المجادل أن يشغب عليه بأنواع من الاعتراضات تغر بعض من يتأثر بالضجيج، ومن ليس عنده تأصيل علمي.

    فإن قيل فما الحكمة من حد الردة؟
    فالجواب:
    أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه..”
    فهذا المرتد كان قد عصم دمه بالتوحيد؛ فإذا فارقه رجع دمه كما كان، والردة أعظم الجرائم وأشنعها، ومجاهرته بهذه الجريمة، واستخفافه بهذه العقيدة، ونقضه للعهد الذي التزمه، وثباته على الردة وعدم رجعوه إذا استتي = يجعله مستحقا لأعظم عقوبة، فإن جنايته هذه أيضا تشككك ضعاف المسلمين في دينهم، وتجرأ الناس على الإنسلاخ منه، كما أن تجرأ منافقي الكفار بإعلان الإسلام ثم الارتداد عنه إن لم تكن هناك عقوبة، قال تعالى:{وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (72) سورة آل عمران.
    ويكفي المسلم العاقل أن يقف دقيقة ويتأمل:

    هل يمكن أن يغيب الحق عن الأمة المشهود لها بالخيرية على مر عصورها، حتى يكتشفه من ليس له قدم صدق في الأمة: علما ولا عملا، بل عامتهم ممن يضيق بالأحكام التي لا ترضي كفرة الغرب، فيتسلطون عليها بالتأويل الذي هو من جنس تأويل الرافضة والقرامطة وسائر أصناف أهل البدع لشرائع الإسلام؟!

    هذه إشارة، والموضوع قد كتب فيه كثيرا.
    والله أعلم. (صيد الفوائد)

  11. . من هنا نعلم أن الرسول ( صل ) لم يكن يسامح في الدماء ولم يكن يقتل للردة بل كان يشجع عليها كما سنرى لاحقا . ونظر الأوزاعي في كل السيرة فلم ير غير الطلقاء , وغير أصحاب الأمان ,

    (اخي في الاسلام اشكك في انك قد كتبت هذا المقال ولكن ان كتبته فهو ان دل على شيء انما يدل على انك لم تتحرى صدق كلامك

    1_ان كنت تعلم ان الراوي هو في صحيح البخاري هل ستشكك فيه

    2_طبق حد الرجم حتى الموت في عهد الرسول(صل) على الثيب الزاني ,هل الردة اخف قدرا من مسلم و قد زنى و هو متزوج

    ننتظر منك توضيحات و ايضاحات مبنية على اساس

  12. شعروا باحتجاج العالم الإسلامي ابتدعوا فكرة المشيئة الإلهية المسؤولة وحدها عن كل المظالم والقهر والقتل ولما انتهى حكمهم بحث العباسيون بعدهم عن فكرة تساوي الجبرية ( وحدها ) الذي قتل به الكثيرون
    ولما شعر الكيزان بغضب الشعب السودانى واستنكاره لعمايلهم وفشلهم فى إدارة الدوله وإرتكاب كل موبقه بإسم الدين إستحضروا التاريخ ونجروا منه التبرير بالإبتلاءآت ..إنها إبتلاءآت…بعد إستنزافهم لفقه الضروره والغايه تبرر الوسيله ..والله لعمرى إن الكيزان أكبر الإبتلاءآت التى حلت بهذا الشعب الطيب …حلوا عنا بلا يخمكم..

  13. أخي أستاذ خالد

    واصل بربك في نكش هذا الموضوع. يمكن أن تكون مقالاتك هذه فيما بعد ات تشكل كتابا قيما يستفيد منه الجميع.

    مشكلة أغلب المتهجمين إنهم يقدسون الأشخاص والتاريخ المبني على الاوهام. ياخ تقوليهم كتاب الله ما فيهو الكلام دا يجيبوا ليك يقوليك في البخاري ومسلم والاوزاعي قال وفلان قال وشيخ الاسلام والخ.. وحسي قالو ليك منو قالو السديس!!!

    واصل يا أستاذ..

  14. شوف يا استاذ

    ان كان فى الاسلام نصا يرى ان من خرج من دين الاسلام يقتل
    فهذه لن تكون عقيده صحيحه ابدا
    وخلينا من الاحاديث الم يقل الله جل وعلى من شاء فاليؤمن ومن شاء فاليكفر
    فماذا بعد ذلك

    تبا للمهوسين

  15. امل ان تواصل كيف تطور فقه القتل ردة
    واستخداماته فى عصور مختلفه وما حصياة القتل
    على امتداد عصر العباسيين و دولة الترك

  16. د ضحكت عندما قرأت هذا المقال ( الانتيكة) و جزى الله الاخ ( ابن فتحون ) خيرا حيث وضح للقراء افتراءات كاتب المقال و تلفيقه.

    اولا:لو قرأ كاتب المقال العبقري تعريف الحد لعرف ان الحدود يلزم اقرارها بنص من الكتاب او السنة و لا يجوز لاحد ان يبتدرها و ما يقرره الحاكم من دون نص يسمى تعزيرا و ليس حدا

    ثانيا: من المتفق عليه ان حد الردة تم تطبيقه بشكل واسع في عهد ابي بكر الصديق رضي الله عنه و في عهد عمر رضي الله عنه طبق في حالات فردية و من المعروف ان عليا رضي الله عنه قتل من ادعوا الوهيته بحد الردة طبعا حيث انهم لم يقاتلوه, و كيف يقاتلونه و هم قد الهوه؟ و قد احرقهم كما ورد بسبب ذلك و ليس بسبب الخروج عليه .
    فمن اين اتانا العبقري بنكتة ان الاوزاعي ( اخترع) حد الردة؟

    ثالثا: قال كاتب المقال : ( وأما ا لآخر فأسسه ( الأوزاعي ) حينما أطلقه قولا جزافا بدون ( سند ) وبدون ( رواة ) ثم صار بعد ذلك حديثا مرويا كامل الأوصاف افتتن به الخلفاء )
    تعليق : هل يظن العبقري ان علماء الحديث بهذا الغباء و الكسل ؟

    رابعا : ليشرح لنا العبقري ما هو حد ( الجبرية ) الذي ذكره في هذا المقال؟

  17. يا خالد ابوعاقله افة الدين الاسلامى والتاريخ الاسلامى انه لا شئ مؤكد فيه اطلاقا.. انظر الى هؤلاء الاخوه الذين يدافعون عن هذا الاوزاعى اذا قلت لهم من هو الاوزاعى اتوك بمائة روايه مختلفه كل الاختلاف فاذا كانوا غير متأكدين حتى من بطاقته الشخصيه فكيف يجزمون بصحة ما نسب اليه ..ودونك ابا هريره هذا الرجل الغامض الذى لايعرف اسمه احد وقد رافق النبى فى احسن الروايات عدة شهور فنسب اليه نصف ديننا ولا يقبل هؤلاء الاغبياء ان يرد له حديثا واحدا واذا سألتهم من هو ابا هريره تباروا فى ايراد الروايات الغبيه قيل انه فلان من بنى فلان وقيل انه علان من بنى شيطان….ان دينا لايفهم الا بالطواف على كل مقابر السابقين دينا اقل ما يمكن ان يقال عنه انه غير مفهوم ..هؤلاء الاغبياء افقدوا الدين صفه حيويه لايمكن لدين ان يقوم بدونها وهى الابانه والوضوح انهم جعلوا الدين مجموعة طلاسم لايفهمها احد والنتيجه هذا التمزق والضياع الذى سوف يجعل هذه الامه المنحرفه العاله الخبيثه امام خيارين اما ان تترك الدين جانبا اوتفنى على بكرةابيها فيما بينها دون ان يتدخل بينهم كافر واحد او ان ينجرح ملد واحد…احد المعلقين قال انها امه مشهود لها بالخيريه من الذى شهد لها ومتى كان ذالك

  18. الأوزاعي / المهلاوي يمهد الطريق لقطع رأس غيلان الدمشقي / محمود محمد طه خدمة لأمير المؤمنين هشام/الترابي- النميري:

    غيلان الدمشقي كان واليا على رد المظالم في خلافة الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز ، قال له الخليفة : ” يا أبا مروان ، أعني أعانك الله ” .
    فقال غيلان : ” ولني رد المظالم ” .
    فولاه ، فكان يخرج خزائن بني أمية فينادي عليها : ” هلموا إلى متاع الخونة ” .
    ونادى على جوارب خز قد تآكلت بلغت قيمتها ثلاثين ألفاً ، فقال : ” من عذيري ممن يزعم أن هؤلاء أئمة عدل ؟ قد تآكلت هذه الجوارب في خزائنهم ، والفقراء والمساكين يموتون جوعاً ” .
    فلما ولي هشام – بعد وفاة عمر – بعث إليه واستنطقه فقال : ” أعوذ بجلال الله أن يأتمن الله خواناً أو يستخلف خزاناً ؛ إن أئمته القوامون بأحكامه ، الراهبون لمقامه ؛ لا يول الله وثاباً على الفجور ، ولا شراباً للخمور ، ولا ركاباً للمحظور “[7].

    هنا يمكن القول أن بقاء غيلان صار أمرا لا يطيقه هشام فلذلك لجأ إلى الأوزاعي قائلا : ” خاطبه وناظره وحاججه فوالله لئن ظفرت به لأقتلنه ”

    ولنرى إلى هذه المحاججة الهزلية التي خسرت بها الأمة أحد أحرارها ولننتبه أن حكاية القصة هي كلها من كتب المحسوبين خصوما لغيلان :

    قال الأوزاعي لغيلان : ” تسألني أو أسألك ؟ ”
    فقال له غيلان : ” سلني ولا تكثره ”
    فقال الأوزاعي : ” اختر إن شئت ثلاث كلمات و إن شئت أربع كلمات و إن شئت واحدة “. فقال غيلان : ” بل ثلاث كلمات “.
    فقال الأوزاعي : أخبرني عن الله عزّ و جلّ هل قضى على مانهى؟
    فقال غيلان : ليس عندي في هذا شيء.
    فقال الأوزاعي : هذه واحدة. ثمّ قال : أخبرني عن الله عزّ و جلّ أحال دون ماأمر؟
    فقال غيلان : هذه أشدّ من الاُولى ، ما عندي في هذا شيء.
    فقال الأوزاعي : هذه اثنتان يا أمير الموٌمنين ثمّ قال : أخبرني عن الله عزّ و جلّ هل أعان على ما حرّم؟
    فقال غيلان : هذه أشدّ من الاُولى و الثانية ، ما عندي في هذا شيء.
    فقال الأوزاعي:هذه ثلاث كلمات .
    فأمر هشام فضربت عنقه.

    ثمّ إنّ هشاماً طلب من الأوزاعيّ أن يفسّر له هذه الكلمات الثلاث. فقال الأوزاعي: أمّا الأوّل فإنّ الله تعالى قضى على ما نهى ، نهى آدم عن الأكل من الشجرة ثمّ قضى عليه بأكلها. أمّا الثاني فإنّ الله تعالى حال دون ما أمر ، أمرإبليس بالسجود لآدم ثمّ حال بينه و بين السجود ، و أمّا الثالث ، فإنّ الله تعالى أعان على ما حرّم ، حرّم الميتة و الدم و لحم الخنزير ، ثمّ أعان عليها بالاضطرار .
    قال هشام : والرابعة ما هي يا أبا عمرو ؟ قال : كنت أقول : مشيئتك مع الله أم دون الله ؟ فإن قال : مع الله فقد اتخذ مع الله شريكا ، أو قال : دون الله فقد انفرد بالربوبية ، فأيهما أجابني فقد حل ضرب عنقه بها ، قال هشام : حياة الخلق وقوام الدين بالعلماء ” .

    وهكذا قتل غيلان الدمشقي !!!

  19. الاخ الكريم خالد بابكر
    حد الردة ثابت بصحيح السنة القةلية والفعلية والتقريرية وكذلك فعل الصحابة رضى الله عنهم ولم يخترعة الاوزاعى

  20. اقراوا تعليقات المسلمين والنتيجه لا شئ متفق عليه منذ 1400سنه مضت ولن يتفق عليه فى ال 1400سنه القادمه ..ما يهمنى ان حكومة السودان الاسلاميه وهيئة علمائها المنافقين اللصوص وقضاؤها الاعرج التابع الذليل لن تستطيع تطبيق حد الردة اطلاقا خاصة لو بدل المسلم دينه الى المسيحيه ..فاللوبى المسيحى يملك الاقتصاد والحداثةوالسياسة والاسلحة الفتاكة ومجلس الامن والاساطيل البحرية وحاملات الطائرات .
    فحكومة الجبهة الاسلاميه تخاف الامريكان اكثر من الخالق .لانهم رأوا كيف اخرج صدام حسين من حفرة الخزى والعار ذليلا هاربا فى جحور الفئران .ورأوا كيف تذلل القذافى للثوار كى يعفو عنه ..وراوا كيف هرب البشير اسد افريقيا مذعورا من نيجريا وكينيا ..

    بقى على حكومة الجيهة الاسلاميه تطبيق واستعراض قوتها بتطبيق الحدود على شاربى الخمور الرخيصه المهلكه من البؤساء والجوعى علهم يظفرون بجنة الخلد .اما المرتده مريم فقد مدت لسانها للكهنوت الدينى الجبان الذى يحكم بلاد السودان بشريعة الترابى الدجال وذهبت الى حيث حقوق الانسان والعداله ..

  21. اولا اقول لهذا الكاتب عليه ان يتقي الله فيما يكتب ويقول وقد رجعت انا بعد ان قرات هذا الكلام الغريب عن امام من ائمة الحديث مشهود لهم كان الاجدر بك ان تكتب فيما تعلم اما ان تكتب وانت لا تعليم فهذه مصيبة انا لم ارد عليك الا بعد ان رجعت الى ترجمة الامام الاوزاعي واقوال اهل العلم فيهم وارجو منك ان تتوب الى الله وتستغفره وتكتب مثل ماكتبت تبين فيه مكانة الامام الاوزاعي بعد ان تقرا عنه لان العوام صاروا يتكلمون في العلماء فضلوا واضلوا وهاك كلام الائمة الاعلام في الامام الاوزاعي رحمه الله :
    قال الامام الشافعي رحمه الله “”” ما رايت احدا قط اشبه فقهه بحديثه من الامام الاوزاعي “””
    قال الامام احمد بن حنبل رحمه الله :
    الاوزاعي امام ” هل تعرف معني كلمة امام ارجع لها
    وقال النسائي :
    الاوزاعي اما اهل الشام وفقيههم””
    وقال الحاكم :
    الاوزاعي امام عصره عموما واما اهل الشام خصوصا”
    وقال يحي بن معين امام اهل الحديث :
    العلماء اربعة الثوري والامام ابوحنيفة والامام مالك والامام الاوزاعي:
    وقال الامام مالك عن الاوزاعي:
    “” كان الاوزاعي اماما يقتدى به””
    يا اخي اتق الله فيما تكتب وتقول فهذه فرية عظيمة الطعن في اهل العلم وهذا منهج الخوارج نسال الله العافية وعليك بالتوبة والاستغفار لهذا الامام الجليل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..