خمسة وعشرون عاما من قهر الإسلاميين … ولكن ربيعنا آت

محمد محمود

في يوم الذكرى الفاجعة لانقلاب الإسلاميين وهو يكمل ربع قرن من الزمان يحتاج السودانيون لوقفة طويلة ليتأملوا ما انتهى إليه حاضرهم من خراب وانحطاط ويفكّروا فيما يمكن أن يفعلوه لمستقبلهم.

شاء حظّ السودانيين وهم يسبحون في بحر التاريخ المتلاطم الأمواج والتيارات أن يكون بلدهم مختبرا لتجربتين إسلاميتين في فترة وجيزة وهما تجربة المهدية وتجربة نظام الإسلاميين الحالي. ففي القرن التاسع عشر استطاع محمد أحمد المهدي أن يوحّد مشاعر غالبية السودانيين وكلمتهم ويحرّك طاقاتهم ليحررهم من نير الحكم التركي المصري في ثورة من أنجح ثورات القرن التاسع عشر. وإنجاز المهدي في حياته القصيرة جعله أب الوطنية السودانية بلا منازع. إلا أن المهدي عندما ادّعى المهدية لم يرَ نفسه مخلّصا للسودان فقط وإنما تصوّر نفسه مخلّصا للعالم الإسلامي وباقي العالم، وترسّم خطى محمد ومِثالَه وهو يهدي مجموع البشرية فمثلما كفّر محمد كلّا من لم يؤمن بنبوته فقد كفّر المهدي كلّا من لم يؤمن بمهديته. واختار المهدي في مواجهته للمستعمِر طريقَ عنف الجهاد وبذا أدخل السودانيين في دورة عنف متواصل منذ لحظة إعلانه لمهدويته، وهو عنف لم ينته بانتصاره وإقامة دولته وإنما تواصل في ظلّ خليفته عبد الله التعايشي.

وهذا العنف الجهادي الذي لازم المشروع المهدوي في القرن التاسع عشر ما لبثت أن بعثته في القرن العشرين حركةُ الإخوان المسلمين السودانية لتُدخل السودانيين في أكثر الدورات دموية ومأساوية في تاريخهم المعاصر حتى الآن.
وعندما صحا السودانيون في صباح أكثر جمعة حزينة في تاريخهم يوم 30 يونيو 1989 ليستمعوا لبيان قائد انقلاب الإسلاميين ما كان من الممكن لهم أن يتخيلوا أنهم قد دخلوا لحظتئذ دورةً ستتميز بعنف مركّب سيبعث كلّ مظاهر العنف ويوحّدها في آلة أمنية قمعية هي الأحدث والأكثر كفاءة وانتشارا وتمددا في تاريخهم المعاصر. عندما استمعوا لبيان الانقلاب في صباح جمعتهم الحزينة تصوّروا أن القوات المسلحة قد عادت لسيرتها التي أدمنتها وأنهم بإزاء “انقلاب آخر” وأنهم سيدخلون مرة أخرى في الدورة المألوفة لعنف الأنظمة العسكرية، إلا أنهم لم يدركوا أن عنف الجيش واستبداده هذه المرة سينضاف له عنف مشروع الدولة الدينية واستبدادها، وأن هذا العنف المركّب لن يكتفي بإطلاق كامل عنف الدولة ضدهم وإنما سيطلق أيضا عنف بعضهم ضد بعضهم الآخر وسيطلق أسوأ ما في دواخل الكثيرين.

وهكذا وفي ظلّ حكم الإسلاميين وهيمنتهم على مدى الخمس والعشرين سنة السابقة امتدت جذور العنف في تربة الواقع اليومي للسودانيين وتغلغل في حياتهم ملقيا بظلّه الكثيف على كل مناحيها، وهو تغلغل تبدو أبرز مظاهره في الآتي:

? عنف الدولة ضد المواطن: وهو عنف شامل أعلنه الإسلاميون منذ يومهم الأول في السلطة. فَقَدَ المواطن حقّه الدستوري في انتخاب حكومته وفرض عليه الإسلاميون نظاما يستمدّ شرعيته من “شرع الله”. واستباحت هذه الشرعيةُ الإسلامية جسد المواطنَ السوداني لتنطلق يدُ الآلة الأمنية مثلما لم تنطلق في تاريخ السودان المعاصر اعتقالا وتعذيبا وقتلا.
? عنف الجيش: وأطلق النظام يد الجيش في جنوب السودان فيما تخصّص فيه الجيش السوداني وبَرَع منذ الاستقلال وهو ترويع الجنوبيين وقتلهم وتشريدهم وإذلالهم (ولعلنا لا نبالغ إن قلنا إن الجيش السوداني من أكثر الجيوش إن لم يكن أكثرها قتلا لمواطني بلده في عالمنا المعاصر). ولأن حرب الجنوب كانت حربا ضد “الآخر” غير المسلم فقد تغيّرت طبيعتها في ظل حكم الإسلاميين لتصبح “جهادا” وليدفع النظام إلى ساحاتها بالشباب وباقي المواطنين في عنف أهلي متصل لم ينكسر إلا عندما فشل في وجه مقاومة الجنوبيين العنيدة والصلبة.
? العنف ضد الهامش: وامتدّ الحريق للهامش وخاصة دارفور وبعدها جنوب كردفان والنيل الأزرق التي تحوّل كل مواطنيها أسرى وضحايا الانتهاك اليومي المتواصل لفضائهم الخاص والعام والذي يمارسه من ناحية مرتزقة الجنجويد (وتجليهم النظامي الأخير — قوات الدعم السريع) على الأرض وتمارسه من ناحية أخرى طائرات النظام التي تقذف بحِمَمِها من الجو. وهذا عنف يتداخل فيه العنف المحلي بعنف المركز وتغذيه ذاكرة الرقّ والاستعباد وميراث العنصرية (وهي ذاكرة وعنصرية غذّت أيضا حرب الجنوب).
? عنف الشريعة: كان القانون الجنائي الذي أصدره النظام عام 1991 هو التعبير الأعلى عن مشروعه لإخضاع السودانيين لـ “شرع الله”. ولقد أحيا هذا القانون كل مظاهر عنف عقوبات الشريعة من رجم وبتر للأطراف وجلد، كما أحيا عقوبة القتل على من يُعتبر “مرتدا” — وهي العقوبة التي حاول قضاءُ النظام مؤخرا تطبيقها على المواطنة مريم يحيى. ورغم أن النظام لم يجرؤ على تطبيق عقوبات البتر (إلا كما يبدو بتكتم شديد في حالات قليلة) والرجم إلا أن عقوبة الجلد المهينة قد أصبحت عقوبة شائعة ومألوفة.
? العنف ضد المرأة: ومثلما حدث للنساء في ظل المهدية فإنهن وجدن أنفسهن في ظل نظام الإسلاميين يتعرضن لتمييز قانوني ولمخاطر عنف يومي. فقانون الأحوال الشخصية، مستهديا بآية النشوز في القرآن، يبيح للرجل ضرب زوجته في حالات معينة، والمادة 152 من القانون الجنائي والمتعلقة بـ “الأفعال الفاضحة والمخلّة بالآداب العامة” تجعل النساء هدفا مستباحا للسلطات لتراقبهن وتطاردهن وتعرضهن للمساءلة والمعاملة المهينة.

ويتمّ كل هذا العنف في سياق سياسي يحرم السودانيين حرياتهم الأساسية ويكمّم أفواههم وفي سياق اقتصادي أطلق فيه النظام قوى السوق والتحلّل الاقتصادي والجشع الرأسمالي مما خلق أكبر فجوة في تاريخ السودان بين الأغنياء والفقراء وجعل الغالبية الساحقة من السودانيين يعيشون تحت خطّ الفقر.

إن العنف المكثّف الذي أطلقه الإسلاميون على مجموع السودانيين وعلى مدى ربع قرن قد أوصل السودانيين لحالة إنهاك وتضعضع لم يصلوه من قبل منذ الاستقلال. إلا أنهم ورغم ذلك لم يفقدوا الأمل والرغبة المحرقة في التغيير والقدرة على الانتفاض. وعندما نتأمل فترة القهر الطويلة هذه فإن ما نلاحظه أن المقاومة للنظام لم تتوقف أبدا وظلت مستمرة بأشكال عديدة ومتنوعة. وفي واقع الأمر فإن عنف النظام المتواصل وشراسة أجهزته الأمنية ومرتزقته لا تعبّر عن قوته وتماسكه بقدرما تعبّر عن خوفه وهلعه.

إن الشعب الذي فجّر ثورة أكتوبر 1964، والتي سبقت الربيع العربي بنحو الخمسين عاما، قادرٌ على تفجير ثورته مرة أخرى واستعادة ديمقراطيته وكرامته. إن ربيعنا سيأتي مرة أخرى. وعندما نقول ذلك فإننا لا نقوله من باب التمنّي أو التعبير عن رغبة تدغدغ الأهواء، وإنما نقوله وعيننا على درس التاريخ الكبير بأن إرادة الشعوب هي الغالبة في نهاية الأمر مهما طال عهد القهر والقمع. ورغم السنوات الطويلة التي قضاها الإسلاميون في السلطة إلا أنهم ظلوا فاقدين للشرعية. إن السودانيين يتلهفون لعودة ديمقراطيتهم السليبة، وسيواصلون تقديم الضحايا، مثلما فعلوا في سبتمير 2014، إلى أن يحقّقوا حلمهم.

محمد محمود أستاذ سابق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم ومدير مركز الدراسات النقدية للأديان.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. متابعة …………… يوم الحداد الوطنى الأكبر
    ( Grand National day of Mourning )

    الألفاظ السوقية : Words ) Vulgarian )
    إن الفترة الزمنية الطويلة التى أمضاها النظام الآثم فى حكم البلاد ، لابد أن يكون لها إفرازات نتنة كإفرازات الجرح الغائر . إضافة لما ذكرته من الضعف الشعبى ، كل هذا جعل من النظام أسداً هصوراً والبقية نعجة وديعة .
    فكان الخراج هو ما يلى من بائس القول واللفظ ( تلفظ بهذا من أعلى رأس السلطة حتى أدناها):
    1- الزارعنا غير الله خلى يجى يقلعنا ( كل الرجرجة تتفوه بهذا )
    2- أنا رئيس لهذا البلد ما فى جندى أجنبى بيدخل هنا ، لو ده يحصل أحسن أكون قائد للتمرد بدل من أن أكون رئيساً للبلاد . ( رأس النظام )
    3- يا جماعة عليكن الله أنا عشرين سنة حصل كضبت عليكن ( رأس النظام ).
    4- ديل شذاذ آفاق . قيل هذا اللفظ عقب إحدى المظاهرات الخجولة . شذاذ الآفاق هم الذين لا وطن لهم . يعنى بالدراجى الملاقيط ( رأس النظام ).
    5- العاوزين يغيروا النظام ويفككوا الإنقاذ خليهم يجربوا يلحسوا كوعن // لحس الكوع ( نافع ) .
    6- خليهن يبلوا ويشربوا مويتا . قيلت بعد صدور قرار بتوقيف رأس النظام من قبل محكمة الجنايات الدولية ( رأس النظام ) .
    7- أمريكا وروسيا كلهن على الطلاق تحت جزمتى . أيضا بعد صدور التوقيف ( رأس النظام )
    8- تانى مافى بترول بيمر بيهنا عشان هؤلاء المجرمين من الحشرة الشعبية يكون عندهم دولار ((رأس النظام بعد إحتلال حكومة الجنوب لآبار النفط بنطقة هجليج )
    9- تانى مافى شريعة مدغمسة ( بعد إنفصال الجنوب )
    10- يا عوض الجاز أقفل البلف ، أى قفل الخط الناقل للبترول ( رأس النظام )

    هذه بعض من نماذج لما قيل وما سيقال لاحقاً ، وبعد كل هذا تسمع من هؤلاء : حنفوق العالم أجمع …
    والسودان سلة غذاء العالم (وأغلب ساكنيه يعانون شظف العيش والفقر المذل /والتسول على الطرقات )
    هذا النظام التائه يبيع للناس المشاريع الوهمية على صفحات الجرائد اليومية (castles in the air ). فتسمع أن والى الخرطوم بمناسبة عيد الإستقلال مثلاً ، سوف يفتتح مئة مشروع بالعاصمة ، لكن سرعان ما يتبخر هذا الكذب ويتضح أن هذه المشاريع الوهمية ما هى إلا عبارة عن إعطاء رخص للعاملات فى مجال بيع الشاى فى الأزقة وأمام الدور الحكومية ، أو تمليك شخص مكتبة لبيع الجرائد . هؤلاء دمروا ما كان قائما وباسقاً وشامخاً ، فكيف يبنوا ماليس موجود اصلاً .( أين …. ؟مشروع الجزيرة .. المدبغة الحكومية … مشروع الرهد …مصانع البطاريات الجافة … مصانع الحلويات بمختلف أسمائها …مصنع الغزل والنسيج بالخرطوم بحرى …مصنع تعليب الفاكهة والبلح بكريمة … مصنع الكرتون بكسلا …. بل أين وصل مستوى التعليم حتى داخل العاصمة التى تحظى بكل المزايا … أسال إبنك عن أى معلومة أكاديمية أو عامة … تسمع ما يضحكك ويبكك معاً … قل لأى طالب جامعى ماهى عاصمة إسرائيل ؟ ما هى الدول العربية التى تحمل إسم عواصمها نفس إسم البلد ؟ يقول/تقول لك أنت مجنون … من وين وجبت الكلام ده …
    هذا النظام تنطبق عليه الحالة التى كانت سائدة فى عهد دبشليم ذلكم الحاكم الهندى الظالم الذى أمر أحد الحكماء ويدعى بيدبا أن يألف كتاباً يحكى فيه عن الحِكَم والأمثال بعد أن عظمت منه البلية وطغى وتجبر على شعبه فكان أن تمخض عن هذا المشروع ما عرف لاحقاً بكتاب ” كليلة ودمنة ” . وقد ألف الشاعر الفذ الفيتورى قصيدة تحكى عن حال ذلك الملك الجائرأسماها دبشليم ، تجد بعض مقاطهعا يتسق وماهو سائد بدول المشروع الإحتضارى :
    هذه بعض أبيات من قصيدة دبشليم // للشاعر محمد مفتاح الفيتورى
    ***أرضك ظمآى والخريف شح هذا العام …
    ××× والمتسولون يزحفون…. ( ما أكثرهم هذا الزمان وشوارع المدن تكاد لا تسعهم )
    ×××والأقزام يعربدون فى حطام المملكة…. ( السرقة واللهط هما السائدان بكل أسف )
    ××× يا ملكاً متوجاً على حطام … (ترى نياشين على الأكتاف والصدور ولا يوجد جيش )
    ××× يا قائداً بغير معركة … هذا آوان المعركة …. ( المسلحون يحتلون المدن تباعاً )
    ××× ×××××××××××××……..
    أسامعى يا دبشليم ……..!
    فى الأرض ثورة وفى السماء ثورة يا دبشليم
    الأرض تطحن النجوم …
    والريح تمضغ الغيوم ….
    فكيف تستعذب نوم العين …
    وأنت بين بين …
    ……… …..
    واعلم أن الموت حق .. ( الجبابرة والطغاة لا يتعظون من أمثال شاه إيران والقذافى وصدام حسين …إلخ )
    والحياة باطلة …
    والمرء لا يعيش مهما عاش إلا ليموت
    ……………………………………….
    ………………………………………..
    بأى سيف أقهر الطغيان ؟
    قال بيدبا :
    بسيف الضعفاء كلهم ….
    بأى نار أحرق الأكفان …
    قال بيدبا:
    بنار فقرهم… وذلهم ..
    بأى شىء أصنع الإنسان ؟ ( هنا مربط فرس الطغاة )

    تصنعه إذا سقطت واقفاً من أجلهم … (لكن هيهات .. هيهات ).

    تاريخ 30/06/ 2014 مناسبة بكل صدق تعد كابوساً أسوداً فى حياة السودانيين ، هذا التاريخ يصادف إكمال النظام المأزوم عامه الخامس والعشرون من السنين العجاف . وبهذه المناسبة غير السارة بكل معنى الكلمة . فإننى أناشد وبصوت عالٍ الشعب السودانى بمختلف مكوناته وتوجهاته أن يلعن الحداد الرسمى فى هذا اليوم ،
    وأن يتمثل ذلك فى إرتداء الجميع اللون الأسود الداكن والخروج للشوارع بما فى ذلك الأطفال

    ويكون ذلك إعلاناً رسمياً لنعى الدولة السودانية . إذا كان هنالك أضعف الإيمان باللسان فى مواجهة المنكر فإن هذا الإحتجاج يعد من أضعف أنواع الرفض للنظام .

    خاتمة :

    إذا كانت الدول تُشيع لمثواها الأخير فى موكب جنائزى فاجع ، فإن السودان وأشباهه من الدول المعلولة كانوا أحق بهذا الإجراء لكن لا عزاء للوطن فى الهواء الطلق .ولا يوجد كهذا تشييع .
    الآيات القرآنية الكريمة التى إفتتحت بها هذه الخاطرة ، تنطبق تماماً وأفعال هذا النظام الجائر . فهم يرون أنه ليس هنالك من هو أقوى منهم لذا يعربدون فى حطام المملكة .أما فرعون الطاغية أبو الجبابرة عندما سألوه لماذا تريد أن تقتل موسى قال لقومه: أخاف أن يؤثر عليكم فترتدوا عن دينكم وتكون نيتجة ذلك أن يعم الفساد فى الأرض ويكون الهلاك الحتمى . هؤلاء يتبنون ذات المنهج الفرعونى البائس ، فيظنون بذهابهم عن السلطة أن البلد سوف تغرف فى جهل شديد ويعم الفساد أركان البلاد ( ماذا يدور الآن .. حدث ولا تتحرج ).
    عزيز مصر عندما رأى من يوسف عليه السلام الصدق والأمانة قال له إنك اليوم لدينا مكينُ أمين أى ذو مكانة ٍ رفيعةٍ ونفوذ لا يرد ، فأوكل لديه أمر الخزانة ( وزارة المالية بلغة اليوم ) وذلك عندما قال يوسف بملء فيه سوف تجدنى حافظاً لهذه الأمانة . كذلك هؤلاء القوم يظنون عبثاً أنهم هم أكثر الناس أمانة ً وحفظاً على مصالح البلاد والعباد. لذا لا يرون فى غيرهم من هو أجدر منهم بإدارة شئون البلاد ، فكانت النتيجة هى هذه الطامة الكبرى التى تعانى منها كل أركان الوطن .
    وبعد……………………………………………………………………………….
    كل الذى ذكرته أعلاه معلوم بالضرورة للجميع بل حتى اليفع من تلاميذ الإبتدائى يعيشون هذا الوضع التعيس من خلال المعاناة التى يرونها ويكابدونها من خلال حياة الآباء المحطونين بالفقر .
    ماهو الحل والفكاك من هكذا وضعٍ متأزمٍ يخنق الوطن خنقاً ؟ …إذا كان البعض يظن أن الوضع سوف يزول بالتهديد والوعيد كما تفعل أشلاء المعارضة ، هذا غير وراد البتة . لابد من المصادمة مهما تطاول الزمن ( المصريون خير مثال ، نزلوا الشوارع بعد ذل ٍ عسكرى قارب الستين عاماً ) . الدم سوف يسيل فى نهاية الأمر ، فالسودان وضعه يختلف عن مصر فالنظام هنا يواجه فئات عسكرية مقاتلة بأحدث الوسائل الحربية مما يعنى أغلب أن موارد الدولة المتاحة حالياً توظف نحو الحرب بدلاً عن تبنى مشاريع تنموية حقيقية تنهض بالبلد من كبوته المالية الماثلة .إضافة وهذه هى الأخطر ، أن أعلى رؤوس النظام مطلوبون لما يعرف بالعدالة الدولية .وما تنصيب هذا البكرى فى موقع الرجل الثانى إلا حائط صد (bulwark ). فهذا الشخص طيلة ربع القرن المنصرم لا نعرف له راياً لا إيجاباً ولا سلباً ولم يفتح الله عليه برأىٍ حتى لو كان أشتراً (maverick) . فكيف تسنّم هذه الدرجة العالية لولا أنَّ فى الأمر إنَّ ؟ .. أقصى ما كان يقوم به الرجل هو دور تشريفى ليس إلا ، مثل قراءة المراسيم الجمهورية وتقديم بعض النايشين وما يعرف بأنواط الجدارة بكل مسمياتها من الشجاعة ، الإنجاز والخدمة المميزة.. إلخ .. وقل ماشئت وما تعرف من هذه الأسماء .
    إذن خلاصة المشهد ، هو أن ما يعرف بالحوار الوطنى ماهو إلا تمويه ومطٌ لعجلة الزمن حتى يحين ما يعرف بالإنتخابات ، وفى هذا الأثناء يكون حوار الطرشان قد توقف حيث وقف حمار الشيخ . ومن ثم تجرى إنتخابات يقاطعها من يقاطع ويسير معها البعض . النتيجية الحتمية هى فوز المتلسطين وبنسبة عالية
    وتبدأ المعارضة المشلولة فى النعيق والصياح والتنديد والشجب بمآلات العملية الإنتخابية . يجلس النظام القرفصاء غير مبالٍ بهذا الزعيق من قبل البقية واصفاً إياهم بأنهم أوهن من بيت العنكبوت .
    بكل تأكيد نتيجة هذه الهزلية سوف تطيل من عمر النظام المترنح ويزداد معه معاناة الوطن ، حيث سيظل كل شىءٍ عند مربطه .فتظل الأوضاع برمتها تسير نحو الأسوأ وليس فى الأفق من فجر يعقب هذا الليل البهيم الحالك السواد .
    ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بما ستؤول إليه الأوضاع بكل مسمياتها .. الإقتصادية / الصحية / التعليمية / الأمنية / السياسية …..
    ألايوجد فى البلد رجالٌ راشدون وفاعلون كى ينقذوا ما تبقى من الوطن مما هو فيه ؟ …
    إذا كان للشىء أصل وصورة ، أى من الممكن نسخ صورة من الأصل فهذا لن يكون متاحاً للحالة السودانية بعد فترة من الزمن لأن الأصل لن يكون موجوداً أساساً حتى تستطيع نسخ أصله .
    أخشى أن يتحول السودان إلى مصير دولة يوغسلافيا السابقة التى تشرزمت إلى ست دويلات .
    من وحى كلماتهم :
    مما قاله المدعو باقان أموم بالرغم من إختلافى معه فى كل توجهاته ، إلا أنه قال كلمة أصابت الحقيقة عندما كان مشاركاً للنظام فيما عرف بإتفاقية نيفاشا التى أدت إلى تقسيم البلاد ….قال :
    السودان دولة فاشلة ….. وقالها بالإنجليزية : Sudan is a failed State ))
    ومما قاله الصادق المهدى :
    إذا كان السودان قد أصبح فاشلاً بعد مرور خمسين عاماً ، فإن الإخوة فى الجنوب قد وصلوا هذه المرحلة خلال عامين فقط …………
    إنته ما جال بخاطرى عن مآسى السودان التى تتفاقم وتتناغم بشكل مضطردٍ إلا أن ما هو كائن لم ينته بعد .
    اللهم إنا نسألك وطناً آمناً لا خوف بعده .
    ونسألك حريةً لا تسلط بعدها .
    ونسألك حاكماً راشداً لا غاوي بعده .
    ( آمـــــــيييييين )

  2. لن ننسى نحن و لا الاجيال القادمة هذا اليوم الاسود فى تاريخ السودان الحديث و انه لشئ محزن ومؤسف ان يكون بأسم الدين ّّّ!!!!
    ندعو الله فى هذا الشهر العظيم ان يخلصنا من هذا الكابوس و ان ينتقم من كانو السبب فى هذا البلاء

  3. نحيى الدكتور محمد محمود فى منفاه وهو متغرب عن بلاده الواسعة ..ولكن الصبح قريب ..فالجبهة الاسلاميه انتحرت وسلمت نفسها للمشير الارذل وجلسوا تحت سلطانه عبيدا يعلفهم كما تعلف الحيوانات .
    نطمئنك ان نذر الانتفاضة والثورة العاصفة قد اكتملت وعلى البشير ان يجهز القناصة من الجنجويد وننصحه قبل ذلك ان يجهز مقابر واسعة تسع اهل السودان جميعا .فالموت افضل الف مرة من حكم المثليين واشباه الرجال من المخنثين واللصوص وتجار الدين الشيوخ السفلة ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..