
منذ أن اتخذ النظام المتواري من مليشيات الجنجويد يدا له للبطش بالمواطنين العزل في أجزاء واسعة من السودان ؛ لم تتوقف تلك المليشيات عن سفك الدماء ولو لشهر واحد حتى هذه اللحظة.
ولقد لقيت تلك المليشيات من الحفاوة و الإكرام طوال تلك الفترة ما دفعتها للاعتقاد بأن ما تزهقها من أرواح هي من الواجبات الوطنية والدينية التي لا جدال فيها .
* إلا أن اللافت في ما يحدث، هو أن مجتمعات السودان الأوسط وسكان الخرطوم بشكل أخص على اختلاف تنوعهم السياسي والاجتماعي والثقافي والديني ؛ لم يكترثوا أبداً لما كان يحدث لإخوتهم في مناطق النزاع على أيدي تلك المليشيات ، فلم نسمع طوال سنوات نظام المؤتمر الوطني العجاف بأي حزب أو نقابة أو طائفة دينية أو رابطة قبيلة أو أي جسم من الأجسام التي تكتظ بها جنبات العاصمة القومية أن نظمت وقفة احتجاجية مناهضة لما ترتكبه القوات المسلحة مع مليشياتها في جنوب السودان _قبل انفصالها_ أو النيل الازرق أو جبال النوبة أو دارفور ، وكأن المواطن هناك يستحق ذلك العقاب الجماعي بالابادة الجماعية التي أبكت حتى أعضاء الكونغرس الأمريكي ومجلس الأمن والأسرة الدولية التي هبت لملاحقة الجناة عبر المحكمة الجنائية الدولية .
* لكن ما ان تحركت تلك المليشيات إلى العاصمة حتى بدأت أصوات تصرخ هنا وهنالك بضرورة إرجاعها إلى دارفور ، فاستجاب النظام السابق لبعضها واهمل بعضها ، إلى أن سقط النظام مؤخراً .. بعد أن اصطفت القوات المسلحة ومليشيات الدعم السريع في صف الثورة _او هكذا بدت لنا_ فعادت تلك الأصوات للتمجيد والتصفيق لهم.. إلى أن حدث ما حدث.. وعادت مليشيات الجنجويد المتعطشة للدماء إلى ممارسة هوايتها وسط مجتمع العاصمة ، وهو أمر كان متوقع له الحدوث .. يعرف ذلك كل من عاش تحت ظلال قنابل الطيران الحربية وحوافر خيول تلك المليشيات قبل أن تستبدل ب{اللاندكروزرات} و {الكمندرات} القتالية طوال الفترة السابقة .
* ما يؤلمني في ذلك أكثر ، هو أنه ورغم إستمرار ذات القاتل في ممارسة قتله دون تمييز في مناطق السودان المختلفة ، إلا أن ذات البرود واللا مبالاة ما فتئ يرقد بثقله على مجتمعات السودان المختلفة ، فلم يتحرك أحد للتضامن مع أولئك البؤساء الذين يموتون بشكل شبه يومي ، بينما تتزلزل أرجاء البلاد حين يطال ذلك التقتيل أحداً من مواطني العاصمة الخرطوم .
فقد قتلت ذات المليشيات نهار السبت 26ديسمبر الجاري الطالب بجامعة الجنينة حب الدين أحمد أرباب رميا بالرصاص أمام الأعين بوادي كجا وإصابة زميله عباس إسماعيل إصابة خطرة ، ولم يتحرك أحد للتضامن ..
ومئات من الحالات المماثلة حدثت قبل وبعد السقوط ولم يتحرك أحد .. لكن لم يغمض للجميع جفن حين عمدت تلك المليشيات إلى قتل المغدور به بهاء على أيدي ذات المليشيات .
مما يعني أن الأنفس في السودان درجات ، بعضها يستحق الخروج والتظاهر وحتى تدخل الهيئة القضائية والمجلس السيادي لرفع الحصانة عن الجناة ، بينما البعض الآخر لا بواكي عليهم .
*إن هذا الانفصام الوجداني الذي يعيشه الشعب السوداني ؛ لهو من أكبر العوامل المحفزة للمليشيات وأذناب النظام البائد في الاستمرار في القتل كل ما وجدت إلى ذلك سبيلاً ، بينما لم تحرك فيهم تلك الاحتجاجات الفردية ساكناً أو تسكن محركا ، إلا إذا اتحدت جهود كل الشعب السوداني وتظاهر مواطنو دنقلا على قتلى جنوب كردفان ، ومواطنو بورتسودان على ضحايا الجنينة ، وسيرت مسيرات في نيالا تضامناً مع ضحايا كسلا ، وتضامن مواطنو الخرطوم مع جميع أجزاء البلاد، و تضامن الجميع على ذلك دونما أي تمييز بين دم ودم .
احمد محمود كانم
30ديسمبر 2020
ما ذكره الكاتب في مقاله يثبت صحة الواقع ولكن هناك مفارقة يمكن تقديرها بين قتيل الخرطوم او الوسط عموما وغيرهم من الأطراف.
بالنظر نجد ان كل ما تحقق من سيطرة على مجريات أحداث القتل كان بفضل أسرة الشهيد وهم الذين وقفوا الوقفة الصلبة ودافعوا عن حقوق شهيدهم والوعي الكامل أؤكد على كلمة الوعي لست بالأنفعال والعضل.
انا شخصيا من أبناء الولايات الأكثر تاثرا بالانتهاكات ولكن تتلخص القضية في طريقة المتابعة وإثبات الحقوق وعدم ترك المجرمين للافلات ومن ثم يمكنك حشد الآخرين معك.
ولكن دايما في قضاياننا نجد ان المستنيرين غائبين وان المنتهكة حقوقهم دايما الضعفاء والنساء وصغار السن، وحتى تدخل مسنتريهم بواقع العضلات واخذ الحق باليد الأمر الذي يازم الأمور اكثر.
أؤكد لست هناك درجات في المواطنة عند قبيلة الثوار وانت الذي تحجز مقعدك بين الناس.
السلام عليك وعلى دارفور واهلها السلام هنالك عوامل كثير تجعل الاستجابة والتفاعل مع حوادث القتل في الاقاليم الطرفية ضعيفة رغما عن ان الغالبية من سكان الخرطوم من الاطراف اذكر منها سرعة انتقال المعلومة للبعد وايضا ضعف تفاعل اهل الاقاليم وممثليهم حتى داخل الحكومة مع الاحداث الدامية ان لم يكن المشاركين فيها من ذات الاقليم وكذلك لقرب احداث القتل في الخرطوم من رائسة القوات الامنية المسئولة وارتفاع نسبة الوعي بين سكان العاصمة اقرب مثال على ذلك ان ثورة ديسمبر كان اسود البراري من اشرس عناصرها في حين احياء المهمشين في العاصمة كان رد فعلهم مشاركتهم متاخرة
بالله هو في احياء مخصصة للمهمشين في العاصمة الحفرة دي يا حافظ