أخبار السودان

وداعاً فاطمة

وداعاً فاطمة

حمل عنوان الميدان الرئيسي في عددها الماضي رثاء الزميلة فاطمة احمد ابراهيم بوصفها المناضلة الجسورة، ولكن أي جسارة؟؟ لقد كنت أنا شاهداً على شجاعتها المنقطعة النظير، ونحن طلاب بجامعة الخرطوم، حيث نظمت رابطة كلية الطب التي تكونت بعد هزيمة الإتجاه الإسلامي في انتخاباتها،ندوة سياسية دعت إليها فاطمة وكان فيها أيضاً محمد توم التيجاني،وكان أحد مؤيدي مايو والمدافعين عنها،والمستوزرين فيها، الندوة كانت في سنوات حالكة السواد،منتصف العام 1978،وكان مطلوباً من فاطمة أن تتحدث عن حركة النساء والإتحاد النسائي،ولكن ما إن هاجم محمد توم الحزب الشيوعي في كلمته،وتجنى عليه إلا وانطلقت الكلمات من فاطمة مثل الرصاص،تترافع عن الحزب الشيوعي والشعب السوداني،وتسرد مخازي النظام المايوي،وما فعله المايويون ومن ضمنهم المتحدث الذي سبقها،الأمر الذي أدي لانفضاض الندوة بعد تدخل الأمن المايوي،وسيقت فاطمة للتحقيق والحراسة بعد ذلك،ومن من جيلنا لا يذكر وقفتها الشجاعة أمام محكمة الطوارئ المايوية على أيام قوانين سبتمبر سيئة الذكر،فقد نطقت بلسان كل الشعب السوداني يوم أن نصب نميري والأخوان المشانق للمعارضين،حكت زميلتها فتحية الفضل للميدان في وقت سابق عنها حينما سئلت عن فاطمة بعد ردة يوليو 1971،فقالت ( كان الجميع حزينا باكيا، وفاطمة قاومت البكاء في البداية عند مقتل زوجها ما أدى لاصابتها بالاغماء في بعض الحالات. المعروف عن فاطمة منذ شبابها الباكر ومن قبل يوليو أنها صاحبة عواطف جياشة، خصوصاً في حالتي الحزن والغضب لكنها كانت مصرة على ألا تبكي رغم أن البكاء يشفي الروح ويساعد في التغلب على الحزن، أذكر مرة إبان ثورة أكتوبر ذهبنا للمشرحة وأصرت هي على الدخول لرؤية الشهداء، وعندما خرجت كانت محمولة على الأكتاف من فرط الانهيار، وعموماً هناك ما يربط بين جميع الخارجين من رحم الحزب الشيوعي في تقدير تضحيات الشعب، وهو ما يدعو للإلفة والتضامن في مثل هذه الحالات. للشهيد وفاطمة ابن وحيد هو الدكتور أحمد. وبعد الإعدامات كانت فاطمة قيد الإقامة الجبرية لفترات طويلة، وكان البوليس مصراً على رؤيتها الشيء الذي قوبل بالرفض من والدها كونها في فترة حداد، ولا يجوز دخول رجال عليها، لكن فاطمة كانت هي الملاذ والمأوى لكل المفجوعين. على ان أذكر في الأيام الأولى للفجيعة الحارة ارسلت السلطة من يطالب باسترداد وسام النيلين الذي منح للشهيد الشفيع فبادرت الاستاذة فاطمة بارجاع ميدالية كانت قد منحت لها تكريما لجهودها، رأت من العار الاحتفاظ بها)
يالها من إمرأة مناضلة وسيظل مكانها شاغراً لوقت طويل،لقد ظلت طوال حياتها في خضم المعارك النضالية في كل الجبهات،وإن كان هنالك ما يقال غير الوداع والحزن لغيابها،فقد تأسست كل المكتسبات التي نالتها المرأة السودانية على يدها،وبفكرها وجهدها،وجسارتها ونضالها المستميت في زمن كان فيه الجهل والظلام مطبقاً،فأوقدت شمعة صارت شعاعاً لن ينطفئ وإلي الأبد.
وداعاً فاطمة ..

كمال كرار
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. تم تأكيد الحجز الان لترحيل الجثمان والمرافقين كالتالى ؛ مغادرة هيثرو يوم الثلاثاء الساعة الثالثة ظهرا .. مغادرة القاهرة الساعة 7.50 صباح الاربعاء …وصول الخرطوم الساعة 10 صباح الاربعاء

  2. تم تأكيد الحجز الان لترحيل الجثمان والمرافقين كالتالى ؛ مغادرة هيثرو يوم الثلاثاء الساعة الثالثة ظهرا .. مغادرة القاهرة الساعة 7.50 صباح الاربعاء …وصول الخرطوم الساعة 10 صباح الاربعاء

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..