مجمع الفقه الإسلامي: أيامك يا عبدالرحيم يا وزير دفاعنا!!

يقول الخبر: ” أعلن الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي البروفيسور عبد الله الزبير أن مجلس المجمع سينعقد يوم الجمعة القادم لتحري رؤية هلال شهر رمضان المعظم.
وناشد الأمين العام للمجمع المسلمين في كافة ولايات السودان تحري رؤية الهلال والإبلاغ عند ثبوت الرؤية لدى اقرب منطقة شرعية تقرباً لله تعالى.” [الراكوبة: 06-22-2014].
أي يريدون إستخدام إستراتيجية رؤية الهلال بالنظر كما إعتدنا. إنهم يضحكون على أنفسهم وعلى الناس لأنه خبر للإستهلاك الإعلامي فقط ليس إلا، وسأخبرك لماذا؟.
إن رؤية الهلال من الأمور الصعبة. فقد يظهر كشعرة وفي أقل من دقيقة بعد المغرب مباشرة ويختفي. ونحن كأفراد لا نرى هلال رمضان ولكن نصوم بحسب ما يقال لنا من وسائل الإعلام: كل عام وانتم بخير، غدا أول أيام الشهر الفضيل. وكذا في العيد: غدا أول أيام عيد الفطر المبارك. ففي كل عام نسمع أن مجمع الفقه الإسلامي يتحرى رؤية هلال شهر رمضان ولكن لم يخرج علينا هذا المجمع يوما جازما برؤيته هلال رمضان، أي بعد المغرب وقبل صلاة العشاء مباشرة حتى يثبت تحريه. ولكن عادة ما يعلنون عن إن يوم غد أول أيام رمضان بعدما تعلن السعودية ذلك. إذن ماهي فائدة هذا المجمع الذي لا يخرج إلا مرة في العام لينقل لنا ما توصل له الآخرون. فمثله كمثل ساعي البريد الذي يريد ان يوصل خطابا أوخبرا قد وصل أساسا للمستقبل عبر البريد الإلكتروني أو الهاتف النقال أو الجوال أو التلفاز. فمهنة ساعي البريد في زماننا أصبحت غير مهمة في زمن إنتقال الأخبار بسرعة في عصر التكنولجيا، اللهم إلا للطرود الشخصية أو المعلومات السرية للغاية.
بحسب الحديث الشريف (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين)، صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فإذا دققت فنحن مطالبين بالرؤية وليس النظر. فالنظر يكون بالعين، أما الرؤية فتكون بالعلم. فحين يقول الله تعالى: ((ألم ترى، ولو ترى، حين ترى، فهل ترى، ما ترى، هل ترى)). ويخاطب الناس ((ولو يرى، لتروونها))، أي يأمرنا بالرؤية بالعلم اليقين بالشئ ونحن لم نشهد أو ننظر لما جرى.
وحين نصوم كل عام كما نسمع من مجمع الفقه، فإننا لا نصوم لأننا رأيناه عيانا بيانا ولكن لرؤيتنا له بإعلامنا به أنه هل. فإذا كانت الرؤية تعني النظر لماذا إذا نصوم بإعلامنا ذلك؟ ولا يحاول كل منا رؤيته بنفسه.
إذن رؤيتنا له هي علمنا. ولا غرو إننا رأينا بعض الناس لا يصومون إلا بعد رؤيته صراحة ويكون قد فاتهم صيام الثلاث والأربعة أيام، والتي بالطبع ستكون فارقة ولكنها معوضة لأنهم سيفطرون أيضا بعد ثلاث أو أربعة أيام.
لا أدري لماذا يصر علمائنا المسلمين على الإجتماع لتشكيل لجنة تحري لرؤية الهلال بالنظر، والعلم يمكن أن يثبت الرؤية بالحساب. يقول تعالى: ((هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب)) [يونس: 5].
يمكن ان نفهم من أن الناس قديما كانوا يستخدمون النظر لأنهم لا يمتلكون الوسائل العلمية ولا يعلمون علم الفلك الذي أتى من علم الحساب. ولكن ماذا عن زماننا وقد توفرت لنا كل الوسائل التي تؤكد معرفة ما إذا كان الهلال سيولد في تلك الليلة ويكون يوم غد أول أيام الشهر أم لا، بالحساب فقط. ولدينا د. معاوية حامد شداد أستاذ الفلك في جامعة الخرطوم، رئيس الجمعية السودانية لعلوم الفلك والفضاء والذي يمكن أن يحقق تلك الرؤية بالحساب.
هناك دول ترى الهلال بالحساب كماليزيا واندونسيا، ولكن في شرقنا الأوسط مازلنا نتمسك بالترجمة الحرفية والطرق التقليدية القديمة التي لا تواكب العصر ونريد بعد ذلك كله التقدم.
أتذكر هنا عبارة جائتني كرسالة في الواتساب لقياس المفارقة بأن هيئة علماء المسلمين تجتمع لتحري هلال رمضان بينما هيئة علماء ناسا تحتفل بوصول أو مسبار فضائي للمريخ!.
إن تمسك المسلمين وعلى رأسهم ما يسمون أنفسهم بعلماء المسلمين بهذا النهج يدل على قول الله تعالى: ((مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا))، وبين أيدينا كتاب عظيم يدعوا للتعلم والعلم والحساب. فإلى متى نقبع في هذا الجهل المريب؟.
فإذا أراد مجمع الفقه الإسلامي العواطلي الذي لا يجتمع إلا في السنة حسنة – والذي هو أساسا واجهة أخرى خلفية للحركة الإسلامية- التمسك بنفس نظرية رؤية الهلال بالنظر، فأقترح دمجه مع وزارة الدفاع، ولنفضها سيرة.
[email][email protected][/email]