تعديل السياسات الحكومية يمكنه إعادة “الدخن” لوضعه الطبيعي غذائياً

تقرير: إشراقة عباس
إحداث تعديلات وتغير في السياسات الحكومية خاصة الزراعية والتجارية يمكنها أن تعيد الدخن كطعام إلى وضعه الطبيعي المهم في قلب المائدة السودانية، وفقا للمنسق القومي للدخن.
وقال د. آدم محمد علي المنسق القومي لبحوث الدخن بالهيئة القومية للبحوث الزراعية بمدينة ود مدني (لسونا)، إن حبوب الدخن الصغيرة الصفراء كانت حتى وقت قريب وقبل حوالي الأربعة أو الخمسة عقود الماضية هي الطعام والقوت الرئيسي لغالبية أهل السودان وخاصة في غربه ووسطه.
ووصف حبوب الدخن بانها من النباتات القليلة التي ما تزال تحافظ على نقائها الطبيعي وجيناتها الوراثية الأصلية.مبيناً أن مراكز وهيئات البحوث الزراعية السودانية تسعى للمحافظة على هذا النقاء. و تعمل على تحسين وتطوير السلالات المحلية التي اصابها الضعف والضياع خلال فترات الأهمال الطويلة بسبب السياسات الحكومية تجاهه وبسبب موجات الجفاف التي ضربت مناطق زراعته في غرب. البلاد
واوضح أن الحكومات المتعاقبة استجابت لإغراءات الشركات العالمية الكبرى لتسويق منتجاتها في البلاد من القمح وغيره. وتسببت سياساتها المنحازة والداعمة للقمح في إقصاء الدخن وإبعاده عن الأطعمة والأغذية السودانية. مشيرا إلى أن هذه الشركات أحضرت القمح أولاً في شكل معونات غذائية ثم سلعة مجانية ثم سلعة مدعومة حتى صار القمح هو طعام غالبية أهل السودان فصارت تبيعه بأثمانٍ باهظة ومكلفة للاقتصاد الوطني وللأمن الغذائي للمجتمع السوداني.
وتبلغ المساحة المزروعة دخناً في البلاد حوالي 7 ملايين فدان وتتركز في ولايات الغرب وأهمها شمال كردفان. ثم القضارف وكسلا والنيل الأزرق وحلفا الجديدة . وتعاني جميعها من التدني المريع في كمية الأنتاجية أذ تبلغ أقل من نصف طن للفدان. ولا يتجاوز الحجم الكلي للأنتاج 800 ألف طن بحسب وكالة السودان للأنباء “سونا”.
وقد أحتفلت منظمة الأغذية و الزراعة العالمية (الفاو) الأسبوع الأول من شهر ديسمبر الجاري، بمقرها الرئيسي بروما، بأفتتاح أولى فعاليات السنة الدولية للدخن تحت شعار (السنة الدولية للدُخن 2023).
وتقول إنه يشكّل حلًا مثاليًا بالنسبة للبلدان الراغبة في زيادة اكتفائها الذاتي وتقليل اعتمادها على الحبوب المستوردة، حيث ينمو في الأراضي الجافة بأقل قدر من المدخلات وهو قادر على الصمود امام تغيرات المناخ.
ويقول د. آدم محمد علي، إن الدراسات والبحوث التي أُجريت على غلال الدخن، بالهيئة القومية للبحوث الزراعية بمدينة ود مدني، أثبتت احتوائه على نسبة عالية من البروتينات والمعادن الصغرى والكبرى وإن تناوله من قبل الأطفال والنساء الحوامل وكبار السنة خاصة، يكفيهم جميعًا ويلات سوء التغذية والخمول.
كما أن الدخن يحتوي على نسبة عالية من الألياف ومفيد ضد مشاكل الجهاز الهضمي. ويتميز أيضا بخلوه من مادة الجلوتين الموجودة في القمح التي تسبب حساسية عالية عند تناوله أو أحد مشتقاته.إضافة إلى كونه مضاد للأكسدة .
ويضيف أن ما يميز الدخن بيئياً، أنه مقاوم لنقص الأمطار والجفاف ودرجات الحرارة العالية حيث ينمو في المناطق الجافة والرطبة على حد سواء وينضج مبكرا وكل ذلك يجعله مثاليا في ظروف التغير المناخي والأحتباس الحراري اللذين يعانيهما العالم اليوم.
وأكد أن العودة للدخن تعنى العودة لطعام صحي وغذائي من الدرجة الأولى. كما تعنى اقتصادياً العودة لسلعة نقدية مهمة، إذ يساوي جوال الدخن الواحد ثلاثة أضعاف سعر جوال القمح. ويتيح تحسين بذوره وتقويتها وأكثار تقاويه انتاج كميات كبيرة منه تسمح بالاستهلاك المحلي والتصدير.
وأضاف أنه تمت العديد من التجارب على الدخن مع مراكز أبحاث التغذية لانتاج وصفات غذائية من البسكويتات والشعيرية والبيتزا والعصائر وقد وجدت استحسانا وإشادة جيدة.