(كاميرون) .. الأسوة الحسنة..!ا

اوراق متناثرة
(كاميرون) .. الأسوة الحسنة!!
غادة عبد العزيز خالد
(كامرون تيتوس) طفل صغير في العاشرة من عمره. وجهه دائري ممتلئ وتتنزل بضع شعيرات (سبيبية) على جبهته. تلفتك إليه ابتسامته الواسعة وتجبرك على ان تتأملها بعد ان تبتسم. يشغل يوم (كاميرون)، كما وكثير من الأطفال، الرغبة الشديدة في اللعب والجري.. وفي اللهو قبيل العمل. كانت حياة (كامرون) تسير بصورة طبيعية حتى تابع قبيل عدة اشهر العواصف التي ضربت بعنف اجزاء مختلفة من الولايات المتحدة. فلقد ألحقت الأعاصير في عدة ولايات، مثل ميسوري وماسيتيوتست، اضرارا عنيفة لقى على اثرها العديد مصرعهم وفرقت بأضعافهم في الطرقات يهيمون دون مأوى.
يقول كامرون انه كان يرقب منظر الخراب والدمار الذي اطاح بأجزاء من بلاده في مقاطع فيديو مرفوعة على الإنترنت، وكان يشعر بحزن شديد. وربما كان لديه اعضاء من اسرته الممتدة في ولاية ميسوري لكنهم كانوا بمنأى عن الإعصار فلم يحلق بهم ضرر، لكن إحتمال ان يصيبهم ضرر كان يشعره بخوف وقلق. وشعر (كامرون) بأنه يرغب ان يمد يده بالمساعدة للأطفال تحديدا المتضررين من الكوارث الطبيعية لكنه لم يكن ليدري ما يفعل. فهو طفل صغير لا تقوى سواعده الضعيفة على الأعمال الشاقة التي يتطلبها البناء، مثلا. وليس لديه من المال وفر حتى يستطيع ان يتبرع به للأطفال مثله فيقتاتوا منه واسرهم، وكذلك لا يملك الوقت الذي يجعله يسافر لهم ليعينهم في محنتهم وهو يسكن في ولاية اخرى غير تلك التي ضربتها الأعاصير.
وإهتدى (كاميرون) إلى فكرة، لماذا لا يستغل موهبته في الكتابة، ففي الخيال متسع لقصص كان قد خطها وتخيلها وهي تقرأ على الأطفال مثله. لماذا لا تتم طباعة تلك القصص في كتاب ويباع الكتاب على ان يتبرع بكامل اجره وكل الدخل الذي سيدره عليه للأطفال. وفعلا كتب (كامرون) قصته لكنه كانت تقلقه الصور فهو، وإن احب الرسم، لا يتقنه. فقام بوضع تصوره على موقع الـ(فيس بوك) ولفتت مبادرته احد رسامي الكتب الذي قام ايضا بالتبرع بجهده ورسمه من اجل ان يصدر الكتاب. وقامت إحدى دور النشر بإلتقاط المبادرة وتمت طباعة الكتاب الذي وجد طريقه إلى ارفف المكتبات. واوفى (كاميرون) بعهده وتبرع بجميع ارباحه لمنظمة تتبنى بناء المنازل للأسر التي فقدت السقوف التي تظللها. ولكن لم يتوقف طفل العاشرة هنا، فالآن يؤلف كتابا آخر وعد ايضا بالتبرع بجميع ارباحه لإحدى المستشفيات المتخصصة في علاج الأطفال.
وتظل مثل هذه القصص المفعمة بالإنسانية تثيرني، تلفتني وتستحوذ على تفكيري. ومهما قرأت مثل تجربة (كامرون) اجدني استشعر ذات الدهشة.. ان هنالك اناسا في هذا العالم مشغولون عن انفسهم بغيرهم.. مجموعة تحس بعذاب الآخرين وتستعير بنارهم ولا ترتاح حتى تعمل بكل جد وجهد على ان تجيرهم من رمضائها. وتثير قصص مثل هذه التي لـ(كامرون) ورفاقه غبطتي.. ورغبتي في ان اصير في يوم ما مثلهم..فإن لم استطع فلأحدث عنهم وذلك اضعف الإيمان.. ولنا في (كامرون) اسوة حسنة!!
الصحافة
ماأجمــل أوراقك يا غـــادة ………
ولكنها غير متناثرة لمن يغوص فيها …….
لك كل الشكر فى محاولة تحريك ما يختلج فى الصدور .