“كوستي”.. جاييك يا آخر الموانئ..!!

كوستي: نورالدين جادات
جنوب السودان، لعنة السياسة جعلته ولاية النيل الأبيض فالبلاد مثل المغنطيس :لا تنشطر إلا وتنتج جنوبا جغرافيا جديدا.
كانت اسما على مسمى ، فالنيل الأبيض الذي ينساب بهدوء ويتعايش مع هدير أمواج النيل الازرق في مقرن النيلين بالخرطوم مثله تماما هو إنسان الولاية التي أخذت منه الاسم والصفات.
ولاية النيل الابيض أو كما يطلق عليها مواطنوها عروس النيل وبالتحديد مدينتي كوستي وربك كانتا وجهتيّ خلال زيارة لن تمتد طويلا.
بدأت الرحلة من الخرطوم من برج الاتصالات، فكانت نقطة التجمع داخل أجمل أطول بنايات الخرطوم .. تجمع المدعوون رويدا رويدا، حتي اكتمل النصاب عند العاشرة صباحا، تحركنا عند الحادية عشر ة صوب ولاية عروس النيل.. تحركت البصات تشق صحراء الخرطوم حتي بدت لناظرنا مدينة “القطينة” ..استرحنا بها وأدينا صلاة الظهر والعصر جمع تقديم، وتحركنا ..بعضنا لم يغمض له جفن من جمال المناظر الطبيعية التي تقابلنا حتى مدينة الدويم ..دخلناها عبر أحد معالمها وهو كبري الدويم ..من ثم أجمل ما تحتضنه المدينة وهو نبراس العلم والمعرفة وهي “بخت الرضا”.. عبق التاريخ كان حاضرا ، فالجزيرة أبا تحدثنا عن تاريخ عريق لا زال المفكرون يجاهدون في فك طلاسم أسرار تاريخه.
الوصول
لم نلبث بعض سويعات حتي لاحت لنا مدينة ربك.. عبرنا الكبري الذي يربطها بكوستي وفي مخيلتنا تلك المراكب والسفن النيلية التي كانت تغذي الجزء الجنوبي من السودان بكل المعونات.. خرجنا عن عاطفتنا بتصديق الوضع الراهن ودخلنا كوستي يتجول فيها البص بحثا عن الفندق المعني لم أكن اعلم بها شيئا بيد أنها “محل السمك”.. السادسة كانت سلامة الوصول وحملنا حقائبنا وترجلنا من البص في انتظار أيام أجمل نقضيها في ربوع سوداننا الحبيب
ياصباحات الموانئ
الصباح في مدينة كوستي أجمل مما تصورت فالجو المعتدل صباحا والحركة الدؤوبة التي تنتظم المدينة صباحا تنبؤك بأن الأمل موجود في نفوس أهالي المدينة وحركة الطلاب المليئة بالحيوية والنشاط في مناظر تفرح والعمال يتوجهون لأماكن عملهم، شوارع كوستي في الفترات الصباحية تكون نابضة بحركة المارة ومركبات النقل العام التي تعرف محلياً بتاكسي (الأتوس) حمولة (4) ركاب ، والتي تسير في الشوارع بمعدل خمس مركبات في الدقيقة الواحدة، حيث تكاد تخلو المدينة من مركبات النقل العامة.
خطوة إلى تنمية
مدينة كوستي رغم المبذول لكنها تفتقد إلى كثير من المقومات الأساسية من نظافة وغيرها ، وبها مشاكل استراتيجية ربما عجز الولاة المتعاقبون عليها من حلها وأصبحت معضلة الولاية، إلا أنها بها بعض الإشراقات، فافتتاح أكبر مصنع لتصنيع وتجميع الدراجات البخارية في افريقيا بالمدينة يجعل منها تميز ا نوعيا ويواسي مواطن المدينة الذي انتظر الكثير.
كوستي التسمية
حسبما ذكر العم عبد الصادق محمد بسوق كوستي فأن المتداول عن التسمية بأنها كانت تعرف باسم “قوز جمعة” أو خور جمعة، قبل أن يسكنها تاجر أوروبي من أصل يوناني يقال له الخواجة (السيد) كوستينوس Kostinos، وكان يشتري اللبن من البدو العرب المقيمين بالقرب من مسكنه في قرية الكرو ? التي أصبحت الآن أحد أحياء المدينة – وتطور مقام الخواجة كوستينوس ليصبح بلدة حملت اسمه فيما بعد. وتُلقّب المدينة بـ «كوستي الرديف » نسبة لأقدم أحيائها السكنية.
مدينة لها تاريخ
كوستي تقع بالقرب من منطقة الجزيرة أبا التي انطلقت منها شرارة الثورة المهدية وهي التي مرّ عبرها الإمام محمد أحمد المهدي قائد الثورة المهدية عندما كان في طريقه إلى جبال النوبةبولاية جنوب كردفان الحالية. وتأثرت المدينة كثيراً بالحركة المهدية حيث يشكل الأنصار أكبر طائفة دينية سياسية فيها علي مر التاريخ.
لكن كوستي بدأت تأخذ سمات المدن حسب مؤرخين بعد عامي 1909 و 1910م عندما امتد إليها خط السكة الحديدية وتم بناء جسر ليمر فوقه الخط نحو مشروع الجزيرة على الضفة الشرقية للنيل الأبيض ، ومن ثمّ إلى ود مدني فالخرطوم و هذا الحدث الهام جعل من كوستى مركزا تجاريا وإداريا جذب إليها السكان من مختلف البقاع.
ولاينفصل عن التاريخ أيضا أحداث العام 1970 م التي كانت إبان عهد الرئيس جعفر نميري حيث تعرضت الجزيرة أبا القريبة من كوستي لعملية عسكرية شارك فيها الطيران الحربي ضد الإمام الهادي واتباعه فيما عرف بأحداث الجزيرة أبا حيث لقي عدد كبير من السكان حتفهم.
أحداث ذات رنين
المدينة تتكئ أيضا على أحداث ذات ارتباطات سياسية وجنائية، ويمكن الرجوع إلى ما روّج حينها عن محاولة اغتيال الرئيس الراحل جعفر نميري عند ابتدار ه زيارة إلى مدينة كوستي فقد زعم أنه تعرض لإطلاق نار داخل الباخرة قبالة بلدة “الشوال” من قبل جموع من الأنصار وهو ما أدى لاحقاً إلى أحداث الجزيرة أبا الشهيرة.
سينما كوستي
اشتهرت كوستي على مستوى السودان بعشق سكانها للعروض السينمائية، وتقع سينما كوستي جوار السوق ،ويفصل بينها والسوق الشعبي طريق.
جاييك يا آخر الموانئ
يعتبر الميناء النهري هو الحبل السُّري لدولة الجنوب الحالية وبعض دول الجوار الإفريقية، فالميناء النهري الذي تم إنشاؤه عام 1938 م جعل منها ملتقى طرق برية ونهرية.
وفي ضوء ازدياد حركة نقل البضائع والركاب عبر كوستي نحو جنوب السودان تم تأسيس ميناء نهري جديد، بمساحة قدرها 4000 متر مربع مشتملاً على رافعات وسيور للأمتعة وعدد 4 صنادل (بواخر) لنقل الركاب. كما تم تأسيس ميناء جاف لتخليص البضائع.
أبرز معالم المدينة
قدم كوستي أكسبها بعدا تاريخيا ، فالمسجد العتيق الذي تأسس في عام 1925 م، وهو مبني من الحجارة ويتسم بطراز معماره المميز إضافة لمباني السكة حديد ومنازلها ذات القباب المخروطية المعروفة -القطاطي- الأسمنتية التي تحدثك عن تنمية انتظمت المدينة قبل عقود وأستاد كوستي الرياضي الذي يجتمع فيه رياضيو المدينة حتي وصل صيته الخرطوم بفرق تلعب في الدرجة الممتازة
لغة موحدة
علي شرف ملتقي ملتقي معلومات الولايات الرابع عشر الذي انعقد بالولاية نظمت فعالية ثقافية علي خشبة مسرح قصر الضيافة بربك بمشاركة مجموعة من المبدعين من ولاية الخرطوم، كانت من اجمل الليالي حيث شهدت تدافعا غير مسبوق، المسرح لم يتخلف عنه أحد فالأطفال والشباب والكبار كانوا حضورا حتي ضاقت بهم جنبات المسرح بما رحبت .. لم تكن الفقرات متعددة .. فقط مخاطبة الوالي لجماهير الولاية هي كانت فقرة الحديث وباقي الليلة كان حديثا موسيقيا أشجي الحاضرين، فالوالي الذي رقص طربا حتي دخل المدرجات الشعبية بدون حراسة في كسر للبرتكول يظل هو أكبر دليل علي طيبة أهالي النيل الأبيض وعفويتهم.
التيار
يا سلام مدينة كوستي شباب ظريف اتزكر ايام الدارسه فكانت لهم داخليات في امدرمان وكانوا يحبوا هذه المدينه العريقه وصراحتا تجد نفسك عندما تجالسهم فهم رقي كرم شجاعه ياسلام ايام في الذاكرة