الإهانة الكبيرة

19 عاماً قضاها ” جان فالجان ” فى سجن طولون الباريسى ، يشير الرقم للوهلة الأولى الى تاريخ فرد أرتكب خطايا العالم أجمع ، التهمة فى حقيقة أمرها كانت سرقة رغيف خبز ، يا الله مجرد رغيف هكذا يتسائل القارئ ، نعم كانت هى تهمته الوحيدة فلم يتحمل المتهم صراخ بنت أخته الصغيرة ولما كان يعيش فى مستنقعات الفقر كمعظم الشعب الفرنسى آنذاك قرر أن يسرق لها ما يسد به جوعها ، ليتدفق سريعاً تداعى التراجيديا ” سجن ، هروب فاشل ، إقصاء ، إنفعالات مبررة وندم ” ، ما تعكسه رواية البؤساء لكاتبها “فكتور هوجو” من مجريات أحداث ، تعيد ذاكرة البؤس للمخيلة لمن يتجول فى شوارع الخرطوم منذ أيام قليلة ، حيث يصطف عدد من المواطنيين أمام المخابز فى منظر مهين ومخيف فى آنٍ واحد ، فهو مهين أولاً لمجموع الأفراد هؤلاء الذين يدفعون غالياً ثمن فشل وخيبة السياسة الأقتصادية للحكومة حتى أصبح الحصول على الخبز هو غاية يصعب الوصول إليها بل لم تكتفى الحكومة من جانبها بهذه الأهانات والأمعان فى الأضطهاد بل جابهت أى رفض لما يحدث بالبنادق والدم ، أما الخوف فيتجلى فى جوع هذه الجماهير الغفيرة اذا لم تتم معالجة المشكلة سريعاً ، ونرانا من هول الجوع والعوز والحاجة نتقاتل من أجل رغيفة خبز أو تعيد المأساة ذاتها فننحدر نحو سرقة الرغيف كما إضطر لذلك ” جان فالجان “.
جاءت ” البؤساء “كمقدمة للثورة الفرنسية العظيمة ، وأظهرت الواقع المؤلم الذى يعيشه الشعب الفرنسى فى دوائر الفقر والجوع والقهر الذى كان يتمثل فى أقوى رموزه ” سجن الباستيل ” ، وهو بالضبط ما يحدث اليوم فى السودان بالرغم من أن الحالة هنا تبدو كمهزلة حيث خاض السودان تجارب سابقة ومريرة فى تاريخ المجاعات فى العالم ، وحتى أن ذهب الخبراء الأقتصاديين بوصف ما يحدث بأنه يندرج تحت مسمى الأزمة فهى إذن أزمة تسير فى منحدر المجاعة التى تسبح بغيومها فوق سماء الخرطوم ، فهل ترفع الحكومة أبصارها وتتجنب تبعاتها المؤلمة أم هل تصحو المعارضة من سباتها على وقع أصدائها والى حينها يظل مرتفعاً ضجيج الذين يدفعون الثمن غالباً .
المؤسف أن السياسة الأقتصادية الحالية تمارس منتهى العهر الرأسمالى بحيث تمدد أحدهم حتى سيبداء فى القريب بإلتهام ذاته ، وتبدو الهوه سحقية بين أثرياء المال وفقراءه وبداخل الهوه ترزح جيوش العاطلين والنازحين والطامحين الى مستقبل أفضل وتعيد إيران الـ( المصيبة ) توطيد قوتها على حساب البطون الفارغة ، ومما يدفع للدهشة والإستغراب تصريحات المسؤوليين التى تقر علانية إننا على شفير الهاوية مكتفية بذلك دون التلميح لحلول فى المستقبل البعيدة تاركين الفوضى تسحم كل شئ.
لن يغادر البؤس هذه البلاد قريباً ولربما لا نملك إلا أمنياتنا فى تودعيه بإزالة هذه المهانة الكبرى التى نتعرض لها .
There are people in the world so hungry, that God cannot appear to them except in the form of bread.
Mahatma Gandhi
عندما تفشل النخب السياسية على مجملها فى إيجاد
الحلول , فلا العصبة الحاكمة وجوغتها السياسية (المؤتمر الوطنى )إستطاعوا توفير الحد الأدنى من متطلبات بقاءهم فى الحكم على أسوء الفروض ولا استطاع إصلاحيوهم إفساد كيدهم ,كما فشل كمبارس التحالف الحاكم فى المشاركةحتى فى تقبل العزاء .وعلى ذات الصعيد فقد خيبت المعارضة بكل أطيافها ظن كل المتفائلين فى دعم ثورة سبتمبر المجيدة وفوت حتى الإنتهازيون منهم فرصة القفز وركوب الموجة.. فلم تبقى إلأ ثرة الجوع .. وقد وفر لن؟ام كل أسبابها ومسبباتها فهنئنا للكل ,
ما شاء الله الليلة كلامك كويس ومقال جيد
هذه هي النهاية الحتمية لتراكم رأس المال الطفيلي..في أيدي (الكيبتوقراط)..نبت شيطان.. فائض القيمة في العمارات السوامق.. الفقر يسحق مسحوقي بلادي الذين يتضورونا جوعاً و في مسغبة.. وبتنا نأخذ الخبز خفية وهو حرز بقصد السرقة.. ويطبق علينا حد السرقة في إمارة (شرع الله) بعد التصفية من الدغمسة وظهور الخضر والياً لعاصمة الخلافة السنية في (مِصّر) السودان ” فضي نارك يا محارب ولا هات البندقية”
اليوم شايف الأخطاء زائدة يا مروة فأين الشخص الذي كان يقوم بعملية التصحيح والتشكيل؟!
جاءت ” البؤساء “كمقدمة للثورة الفرنسية العظيمة ، وأظهرت الواقع المؤلم الذى يعيشه الشعب الفرنسى فى دوائر الفقر والجوع والقهر الذى كان يتمثل فى أقوى رموزه ” سجن الباستيل ” ،
مع عدم التقليل من فكرة المقال ولكن حسب ما أعرفه أن فكتور هوجو عاش في القرن التاسع عشر وأن البؤساء كتبت في خمسينيات القرن التاسع عشر (1850) بينا الثورة الفرنسية 1789
نحن ربما في انتظار من يخرج علينا ليقول لماذا لاياكل السودانيون الكعك ..انه بديل جيد للخبز
ربما ننتظر تعبير مثل هذا ليخرج الجميع الى الشارع ….مثل ما فعل الهت دوك….رغم اننى لااسخر من الشعب السودانى ولكن اقول انه شعب عظيم ولايتحرك الا عندما يصل الامر الى السقف وكما قال احدهم انه وحكومته صبر كثيرا على الشعب السودانى وخطبنا بالفاظ نسبت لله وحده في القران(متعناهم) فهل نحن في مرحلة فرعنة الانقاذ والتى هى المرحلة الاخيرة وبعدها ينزل العقاب الربانى
إن المسار الذى سلكه هؤلاء معلوم وسيؤدى الى نتائج معلومة ..والتاريخ ملىء بالعبر لمن يعتبر.