آلاء الهذلول : أخاف الخروج في شوارع «القصيم – السعودية»!

باريس التي رحبت في العام 1845 بكتاب المفكر الفرنسي الشهير لامارتين «تاريخ تركيا» المغلف بانبهار حاد بشخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ليست باريس 2010 التي اختزلت التماوه الثقافي فيها بنوع جديد من الثقافة أحادية الجانب، بالاتفاق ضمناً مع عواصم أوروبية أخرى في رفض الآخر.
هذه الحال المقلقة تعيشها بتفاصيلها فتاة سعودية ترجع اصولها الى منطقة القصيم نحو عواصم أوروبية مفعمة بالحراك السلبي ضد كل مهاجر، إلا أنها آثرت بذكاء تلمس طريقها دونما صدام أو احتكاك يطفو بعقده ليكون سيد الموقف والفعل.
آلاء الهذلول، المقيمة حالياً في بلجيكا، والتي تعمل مساعدة برلمانية في البرلمان الأوروبي، والتي كانت من قبل صحفية في قناة فرنسا 24 ومؤلفة رواية «الانتحاري المأجور» تقول بتهكم عن امتهان الأدب: «أسرع طريق إلى الفقر هو امتهان الأدب»، مضيفة أنها أرادت من وراء روايتها أن تنقل رسالة أن «الإرهابيين نشؤوا بيننا وفينا، فقد كان الوضع في السابق يهيئ أشخاصاً بسطاء ليكونوا إرهابيين، كان لدي اعتقاد أن الأوضاع الاقتصادية سببٌ رئيسي في تفريخ إرهابيين، لكن سرعان ما اكتشفت خطأ هذا الاعتقاد، وارى ان الشاب الارهابي سقط سهواً من اهتمامات مجتمعه».
آلاء تجيب رداً على سؤال لـ«الحياة» حول ما تبقى في ذاكرتها من القصيم، بعد استقرارها في بلجيكا قائلة: «حينما أزور القصيم، أخاف من الخروج إلى الشارع، زيارتي تقتصر فقط على أقاربي». وبسؤالها عن سبب ومبرر هذا الخوف قالت: «الخوف هنا ليست له أية أسباب أمنية، بل هي أسباب ثقافية فقط، فأنا أخشى أن يتعرض لي أحد بالنقد أو يتعرض لملابسي التي أحرص على أن تتوافق مع قيم منطقتي، يؤلمني القول إن القصيم التي كانت تحكي لي عنها جدتي وأمي اختفت، وحل محلها قصيم أخرى، قسَّم بعضهم المجتمع فيها إلى رجال ونساء، لقد قالت لي جدتي إنها كانت تعمل مع الرجال في الحقول، والآن حينما تقص علي هذه القصص، تسبقها بعبارة كنا جهّالاً، وكأنها تريد في قرارة نفسها أن تعتذر لي، في القصيم القديمة كانت جدتي تدرس أولاد الحارة في المسجد والكتاتيب في مدينة البدائع وكان الأمر طبيعياً جداً، لكن الآن تغيرت الأمور، وهو ما يجعلني أخاف الخروج»، آلاء أكدت أن الاختلاف الحاصل في أوروبا الآن حول المهاجرين والجدل الدائر حولهم، وتلمسها كمقيمة للوضع الصعب للعرب والمسلمين هناك، مرده هو الفهم الخاطئ للإسلام لدى بعض المهاجرين: «الإشكالية تكمن في المهاجرين العرب تحديداً، فأول طموحاتهم أن يكون منهم وزير، كما أن مفهومهم للتعايش قائم على نظرية الفتح الإسلامي وليس الدمج، وهي نظرية مليئة بالتحدي والاستفزاز، لذلك هناك ردة فعل نحو العرب والمسلمين تحديداً، في حين أن المهاجرين من أوروبا الشرقية مثلاً على رغم سمعتهم السيئة، إلا أنهم متعايشون مع الوضع، إضافة إلى أن الطموح أقل لدى مهاجري أفريقيا… قرأت مقالاً لكاتب فرنسي يوماً يمتدح فيه المهاجر الصيني، ويصفه بأنه مهاجر لا يرغب في أن يحتل أبناؤه مناصب مرموقة في الدولة، طموحه أن يفتتح متجراً ويندمج في الحراك السياسي الذي يكفل له استمرارية هذا المتجر، على عكس العربي الذي تكون مطالبته الأولى أن يكون وزيراً».
آلاء أكدت أنها وعلى رغم البعد الجغرافي إلا أنها تعتز بكونها فتاة سعودية، وتأمل بحكم عملها في منظمة أوروبية دولية، أن تتحرك الشركات السعودية العاملة في أوروبا وفق نظام المجموعات، لخلق نوع من التأثير والصدى الإيجابي في صنع القرار الأوروبي، لأنها – بحسب قولها – تعاني غياباً كبيراً في هذا الجانب.
دار الحياة
موضوع ممتاز ويلمس شغاف الواقع وياليتنا نسمع راى كاتبة سودانية فى هذا السياق