عودة إلى حديث الختان

طافت بنا الزميلة العزيزة اخلاص نمر مطلع هذا الاسبوع فوق فضاءات الجدل الدائر بين العلماء عن شرعية الختان وعدم شرعيته، وهو حديث ذو شجون لانه يعكس حالة من الحيرة بدأت تنتاب العالم العربي والاسلامي وفي السودان تحديداً في اواخر الالفية الماضية رغم ان الختان بكل انواعه كان عادة قديمة ضاربة بجذورها في القدم منذ ان كان بعض صبية قريش يتعايرون بإطلاق الوصف المغيظ لاحدهم بقولهم ( يا ابن قاطعة البظر ) اي تبخيساً لمهنة ( الطهارات ) رغم تعارف المجتمع القرشي عليها وتعايشه معها وهو امر يؤكد ان النساء عادة ما يقمن بهذه المهنة منذ قديم الزمان ودخول الرجال فيها كان مستحدثاً وبدعة ولعل ولع النساء بختان انفسهن معروف ومشهور فهن يرفضن ( الغلفة ) ويبحثن لبناتهن عن الطهارة ومظان الحفاظ علي العفة بل يذهب بعض النساء في اوربا المتحضرة – بحسب المصادر – الي التفنن في ابتكار عمليات تدل علي الاهتمام بالشكل وذلك بوضع ( حلق وسكسك) على بظورهن بعد ثقبهن دون تحرج ولا خوف من نزيف وغيره .
ورغم اني تناولت الاسبوع المنصرم موضوعاً يتعلق بالإعلانات المسيئة التي بدأت تغزو فضاءات العاصمة القومية وتحمل في طياتها معاني تتمرد على العقيدة تارة وعلي العادات السودانية الموروثة تارة اخرى الا ان الزميلة اخلاص انتقت موضوع الختان من بين تلك الموضوعات ووجدت انه يتناسب واهتماماتها والحملة الحكومية والدولية الكبيرة التي يقودها البعض باتجاه تدعيم برامج القضاء على الختان كافة الفرعوني منه والسني للدرجة التي اصبح البعض لا يتحرج من تأويل الحديث الشريف خبط عشواء ويتخذه وسيلة من وسائل التسويق وعشنا وسمعنا ان تفسير قوله ( اذا التقى الختانان ) كان المقصود بها ختانا واحدا وليس ختانين وتم محو ألف الاثنين من اللغة العربية التي هي لغة النبي العربي مع سبق الترصد والاصرار وهي بالطبع محاولة ( غلفاء ) لا يمكن ان تخلق شرعية من العدم لان الكلام واضح لا يمكن تأويله خبط عشواء فالختانان يعني ختان الرجل وختان المرأة مثلما جاء في الحديث ايضاً ( اذا التقى المسلمان بسيفيهما ) يعني المسلم والمسلم الاخر ، والختان السني يظل مطلوباً لاسباب عديدة ليس من بينها ما ذكرته الزميلة اخلاص اما الختان الفرعوني فهو عادة فرعونية مذمومة ينكرها الجميع، وهي حقيقة لا ينتطح حولها عنزان وعجل حنيذ وكان يمكن للذين وضعوا الاعلان ان يكتبوا بوضوح عن حدود حملتهم هل هي بهدف محاربة الختان الفرعوني ام محاربة الختان السني ام الاثنين معاً ؟ .
ان الحديث ذو شجون كما اسلفت بيد ان هذه المسألة بالذات قتلها العلماء بحثاً واختلفوا حولها الا اننا نقف مه رأي بعض علماء أهل السودان ممن ينادون بمحاربة الختان الفرعوني والاكتفاء بالختان السني وهؤلاء اكتشفوا مبكراً خفايا الحملات التي تهدف الى تغيير المفاهيم وتوجيهها نحو وجهات غير معلومة تحت العديد من الستائر والححج، ولعل مذكرة هيئة الافتاء الشرعي حول مسألة الختان والتي سلمت للسيد رئيس الجمهورية تؤكد يوضوح ان الموضوع اكبر من الدعايات المطلقة حول هذه المسألة، وفيها جوانب اخرى تستحق التمحيص والتدقيق وهنالك تهويل مفتعل في عدد ضحايا ختان الاناث السني حيث لا توجد احصائية حقيقية وانما حوادث عرضية تحدث لاسباب تتعلق بالنساء اللائي يقمن بهذه العملية ويمكن للزميلة اخلاص نمر ونحن نشجعها على ذلك ان تبتدر حملة ودراسة لاحصاء عدد النساء اللواتي تضررن من الختان منذ تاريخ ميلاد ( مملكة أليس ) في مدينة الكوة بالنيل الابيض والي يومنا هذا، ثم تحدثنا عن عدد الوفيات في هذا الخصوص فذلك أبلغ من تأويل الاحاديث، ولعل أبلغ دليل على حتمية سريان الختان السني ما تشير اليه الاحاديث الواردة عن حتمية بعث الناس يوم القيامة ( عراة غرلا ) اي يبعثون غير مختونين نساءً ورجالا، بعد أن كانوا يختتنون في الحياة الدنيا بطبيعة الحال
.والله اعلم .