عبور ضروري

الصباح الجديد

أشرف عبدالعزيز

هكذا هي سنة الحياة نهاية كل منا الفناء ولعل الزميل عيسى جديد كان مدركاً لذلك فحتى زاويته الراتبة التي كان يكتبها إختار لها عنوان (عبور ضروري).

صحيح أن العبور من الدنيا إلى الآخرة ضروري وأمر لا مفر منه وأينما ما كنتم يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ..بالأمس القريب استبشرنا خيراً وسادنا الأمل بأن الزميل عيسى جديد سيتماثل إلى الشفاء قريباً..رفيق دربه محمد آدم بركة نقل لنا فيديو من داخل العناية المكثفة بمستشفى الشعب يطمئننا فيه عن صحته وتوقه وشغفه بالعودة إلى بلاط صاحبة الجلالة بدا عليه الارهاق والتعب ومع ذلك كان يود ممارسة مهنة المتاعب التي عشقها بحب وأعطاها ووهبها كل حياته ..والعمل عبادة وسيجزيه الله ثواباً على كل ما قام به من أجل الحقيقة والتوعية والتنوير.

مها تكاثرت وتكاثفت عليه الآلام كان صبوراً مؤمناً بربه ومتحملاً للإبتلاء الذي حل به ، فالسكري بدأ يؤثر على أجهزته عندما كان يغطي فض الاعتصام فأصيب اصبعه ليبتر لاحقاً وبعدها تأثر قلبه ولزم السرير الأبيض أكثر من مرة إلى أن وافته المنية أمس بمستشفى الشعب.

عمل جديد في العديد من الصحف اخرها (الجريدة) ونشهد له بطيب المعشر وحسن الخلق والهمة والغيرة عن المهنة والاهتمام بالثقافة والمثقفين والشعر والأدب وكل ماهو جميل ..هذا ما جعل أصدقائه من الزملاء أوفياء يتفقدونه كل يوم ومنهم من رافقه حتى لحظة مغادرته الفانية.

رحل جديد اليوم وترك فراغاً واسعاً في الوسط الصحفي فهو كان نموذجاً للصحفي الشامل يغطي الدوائر السياسية ويرفد الصحيفة بالأخبار ويجري الحوارات مع القيادات السياسية ويكتب عن هموم وآلام الشعب السوداني أما الثقافة فلها حب خاص لديه فحتى عندما كان يتوكأ على عصاته بعد بتر أصبعه لم يتغيب عن معرض كتاب أو أمسية من أمسيات معرض (مفروش).

صحيح (العبور ضروري) وكان يحدونا الأمل بأن يمد الله في أيامه ولكن أمر الله نافذ لا محالة ..ونحن إذا نودعه الى الله الذي لا تضيع ودائعه نترحم عليه ونسأل المولى عز وجل أن ينزل عليه شآبيب الرحمة ويغسله بالماء والثلج والبرد وأن يلزم أهله وذويه الصبر والسلوان كما نعزي كل الزملاء في الفقد الجلل إنا لله وإنا إليه راجعون.

الجريدة