الخصوصية الشخصية

قال مرة الرئيس الاسبق نميري رحمه الله وغفر له ما معناه « آاااي حنطبق الطواريء وح ننط الحيط وندخل جوه البيوت ونفتش على السكارى نجرجرهم من تحت السراير ونقبضهم ونجلدهم..» الى آخر ما قاله النميري عندما إشتد الهجوم من العامة والخاصة ومن كثير من العلماء والفقهاء على الكثير من الممارسات غير الشرعية التي صاحبت تطبيق قوانين سبتمبر أو الشريعة بحسب موقفك منها، وكان ان بلغت تلك الممارسات حداً من التربص وسوء الظن والطوية جعل أي زوج يصطحب معه اولاً قسيمة الزواج قبل أن يقرر إصطحاب زوجته الى أي مشوار حتى يتفادى أي سخف يمكن أن يتعرض له، ولكن نميري لم يلبث إلا قليلاً بعد تصريحاته تلك حيث أطاحته وهو بعيد إنتفاضة أبريل، ولو كان قُدّر له أن يعود لبدأ أولاً بالاطاحة برؤوس ورموز من اتهمهم في حوار شهير مع الشرق الاوسط بأنهم من وراء هذه الممارسات غير الشرعية والتطبيقات الخاطئة بهدف الكيد له والاساءة لنظامه حتى تسهل إزاحته فيحلوا محله.. ان التجسس والتحسس منهي عنهما خلقاً وعرفاً وشرعاً، فتتبع عورات الناس وهم في خلواتهم وهم لا يشعرون والاطلاع على مخفياتهم دون إذنهم فهذه من أعمال التجسس التي يصفها بعض الفقهاء بالوضاعة والوقاحة ولا مغزى لها سوى الكيد للناس والسعي لتجريمهم مع سبق الاصرار والترصد، والإسلام ينهي عن التجسس على المسلمين ما داموا ظاهري الاستقامة غير مجاهرين بمعاصيهم وكان ما يخفونه ويمارسونه داخل منازلهم من السلوك الشخصي الذي يخصهم ولا يتعلق بكيد للمسلمين.
لا شك أن هناك عشرات الأدلة الشرعية مما لا يتسع المجال لذكرها هنا، كلها تذم مثل هذه الممارسة التي أوقعت ببعض الناس داخل بيوتهم وتنهي عنها، حسبنا منها قصة سيدنا عمر رضي الله عنه وبعض أبيات لشاعر النيل حافظ ابراهيم حول القصة ذاتها والتي تقول ان سيدنا عمر رضي الله عنه حين كان يعس في المدينة في احدى الليالي سمع صوت رجل في بيت يتغنى فتسور عليه ، فوجد عنده امرأة وعنده خمر، فقال يا عدو الله أظننت ان الله يسترك وأنت على معصيته، فقال وأنت يا أمير المؤمنين لا تعجل علىَّ أن أكون عصيت الله واحدة فقد عصيت انت الله في ثلاث، قال الله ولا تجسسوا وقد تجسست، وقال وآتوا البيوت من أبوابها وقد تسورت علىَّ ودخلت علىَّ بغير اذن، وقال الله لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها، قال عمر رضي الله عنه فهل عندك من خير ان عفوت عنك، قال نعم فعفا عنه وخرج وتركه.. وأبيات حافظ ابراهيم تقرأ:
قالوا مكانك قد جئنا بواحدة وجئتنا بثلاث لا تباليها
فآتِ البيوت من الابواب ياعمر فقد يزن من الحيطان آتيها
واستأذن الناس ان تغشى بيوتهم ولا تلم بدار او تحيها
ولاتجسس فهذي الآية قد نزلت بالنهي عنه فلم تذكر نواهيها
فعدت عنهم وقد اكبرت حجتهم لما رأيت كتاب الله يمليها
وما أنفت وان كانوا على حرج من ان يحجك بالآيات عاصيها?.

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..