إجراءات جديدة للتضييق على الاقليات في السودان

اصدرت الحكومة السودانية قرارا بمنع النشاطات القبلية في العاصمة الخرطوم. وهي تقصد بالتحديد الأنشطة الثقافية والأجتماعية التي تمارسها الاقليات في عاصمة البلد الأفريقي الكبير. والقرار في حد ذاته يتعارض مع الاعلانات الدستورية والدستور الذي ضمن إعلانات حقوق الانسان ضمن مواده، كذلك يتعارض مع إلتزام الدولة بالمواثيق والمعاهدات الدولية. وبغض النظر عن إلتزام الحكومة بتعهداتها فإن الطغمة الحاكمة تدعي إتباع دين الاسلام وهو يحض كثيرا على الإيفاء بالوعود والألتزام بالعهود. لكن الناظر لممارسات تلك الطغمة يجد أنها لا تتورع في الإقدام على إرتكاب أي عمل من شان أن يساعد على توطيد حكمها حتى لو تعارض ذلك مع الاسلام ، ولا غرو فهي مازالت تشن حربا أهلية في اقاليم دارفور وكردفان والنيل الأزرق بعد أن نجحت في فصل الجنوب. وكانت نتائج هذه الحروب مئات الآلاف من القتلى وملايين المشردين داخليا وخارجيا. ولأن الحاكمين يرون أن كل السودانين يجب أن يتبنوا الهوية العربية الاسلامية دون غيرها، فانهم لم يدخروا جهدا في اضطهاد الآخرين و محاولة ابادتهم .

من سخرية القدر أن السودان يشهد هيمنة ثقافة احادية فى بلد سيمته التنوع والتعدد. وواقع عدم الاعتراف بالتنوع سببه الرئيسى هو الصراع بين الاقلية المهيمنة والاغلبية التى ترزح تحت وطأة قمع السلطة. هذا الصراع السياسى له جذور اقتصادية ? اجتماعية. وهو صراع بين قوى المركز المهيمنة على السلطة والمتحكمة فى الثروة, ضد قوى الهامش وهم الاغلبية المنتجة للمواد الاولية فى الارياف, اضافة الى فقراء هامش المدن. وبالرغم من الجهد الكبير الذي تبذله السلطة الحاكمة في الحرب، إلا أن مظاهر التعدد مازالت بادية خاصة في الأرياف مثل اللغات والعادات والغناء والرقص والطقوس والمعتقدات والخرافات وغيرها. هذا الواقع يدلل على ان رفض التعدد لا يعبر عن رغبة المجتمع بقدر ما هو سلوك ورغبة المجموعة الحاكمة وحلفاءها . والحكومات المختلفة التى تعاقبت على السودان منذ استقلاله فى عام 1956 عن الحكم الانجليزى, لم تعترف بالتعدد الثقافى فيه بالرغم من علمها بالحقيقة التى لا يمكن انكارها. وجل السياسين يرددون شعار أن الحقوق الدستورية يجب أن تكون على أساس المواطنة، لكنهم يغفلون حقيقة أن المواطن يجب ألا يجبر على تبني هوية ليست له .

ولان حرب السلطة المركزية ضد الأقاليم الثلاثة لم تجد مبررات دينية كما كان الحال في حرب الجنوب، فان الاسلاميين الحاكمين إنبروا إلى القالب الجاهز وهو التامر الخارجي من قوى تريد تدمير الاسلام. هم يعلمون تماما أن نبي الاسلام الكريم لم يسع إلى إعدام الأخرين بل أسرع إلى ابرام عهد معهم في بواكير دولة المدينة. لكن منطق الأشياء عند إسلاميي السودان يتطلب أن تكون الضحية مجرمة حتى يكون القتل مبررا. لذلك نعتوهم بالتخلف والجهل و الأنقياد وراء قادتهم العملاء. هذا ما كان يفعله هتلر حين وصف الزنوج بأنهم منحطين وكسالى لا هم لهم ولا هدف سوى التربص بالنساء البيض واغوائهن وتدنيس أرحامهن. وألقى اللوم الأكبر في ذلك على مخالفيه من المسيحين واليهود الذين كان يرى أنهم يريدون تدنيس نقاء الجنس الآري بهدف السيطرة عليه. ولايخفى على أحد انطلاء الفرية على مؤيديه الذين دعموه في تنفيذ جرائم الابادة. وكان الرجل يتحجج بوجود التراتبية في مجتمع الحيونات حيث السيد سيد و المنحط منحط. لكن المجرم اغفل أن مجتمع حيوانات الغابة مازال يقتتل فيما بينه وهو مهدد بالابادة الكلية

على الرغم من أن قرار منع أنشطة القبائل شامل إلا أن الضرر سيقع على المهمشين والمستضعفين، لأن الماسكين بزمام السلطة واتباعهم سيجدون ضالتهم في وسائل الاعلام وهي مسخرة أصلا لكي تخدمهم وتعرض انتاجهم الثقافي دون إنتاج غيرهم . وهؤلاء أغنياء يرتادون الأندية المحمية من قبل السلطة ولا يمارسون احتفالاتهم في الفضاء العام . ويجدر بالذكر أن الكثير من تلك الأندية يحمل أسماء قبلية

هل تقبل السلطة بمجتمع التعدد من دون أن تتعرض لضغوط؟ طبعا لا . هؤلاء ظلوا يجهدون أنفسهم والعاملين معهم على عمل كل ما من شأنه أن يبعدهم عن السمرة في مجتمع السواد الأعظم من سكانه هم من السمر. والمشاهد لأي قناة فضائية سودانية يلاحظ الجهد الكبير الذي يبذله أربابها لكي تظهر أن بياض البشرة هو الغالب في السودان وان مقدمي البرامج والجمهور كذلك بيض البشرة. عجائب !!!
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. والمشاهد لأي قناة فضائية سودانية يلاحظ الجهد الكبير الذي يبذله أربابها لكي تظهر أن بياض البشرة هو الغالب في السودان وان مقدمي البرامج والجمهور كذلك بيض البشرة. عجائب !!!

    الأعجب اخي عندما تشاهد الاطفال في المناسبات التلفزينية … فهم سود والامهات بيض … عجبي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..