حكاية الحاج حمّاد… قصة جديدة في سجل العار الشعبي والرسمي

الخرطوم: مصعب الهادى
أمام وقف (العيلفون) السابق، على مقربة من شارع القمسيون الطبي بالخرطوم، تجده جاثياً، وربما قاعياً دون حراك، كأن به إعاقة تحول بينه والآخرين، في ذلك المكان يتخذ من الأرض مفرشاً، ومن السماء غطاءً، ليس له أحد يرعاه أو يتفقد أحواله، إنه كما – العير – كما وصف نفسه، لكنه فوق كل هذا الألم وتحت كل هذه المعناة، ذو إرادة صلبة متصالح مع ذاته، راضٍ بالـ (مقسوم)، لا يلومن أحداً، لأن (الدنيا كده)، كما يقول، تراه، فتشعر بأسى بالغ، تشعر بثقب في قلبك، وأنت تفق عاجزاً أما مسن ووحيد، (ليس له أحد في هذي الدنيا الرثة).
حزن مقيم
إنه العم حماد إدريس، قصتة تضاف إلى حكاوى العار الذي أصاب المجتمع والخذلان الذي وسم الأجهزة الرسمية (بتاعت الرعاية الاجتماعية والعجزة والمسنين، والمرميين و… الخ)، فالعار الاجتماعي صار ثوباً تتلفح به أجسادنا، فنختال تحت الأضواء ونمشي في الشوراع مرحاً ولا نستحي من أنفسنا.
لكن دعونا، من (رمى اللوم) على عواتقنا المنهكة، ولنحكي، أو فلندع العم حما يحكي، ونصيخ: يقولك بلكنة حزينة ومؤلمة: اسمي حماد إدريس من مناطق جبال النوبة (الجبال الشرقية)، جئت الخرطوم شاباً بحثاً عن لقمة العيش، كان ذلك في بدايات القرن الماضي، (زمن عبود)، حيث شهدت البلاد انفتاحاً (ونغنغة) في شتى المجالات، فعملت بالتجارة، لكنها لم تعطني كما كنت أتعشم، فتركتها، وطرقت باب رزق آخر علّنى أحق حلمي، وبالفعل اتجهت للعمل في اللواري بدأت حمالاً (عتالي) أحمل على ظهري أمتعة المسافرين، وفي ذلك الزمن كان اللوري بمثابة (البص السياحي) الحالي، لأنه كان أسرع من القطار، ثم ما لبست أن تعلمت عمل (المساعدية)،، ورويداً رويداً تعلمت فنون (الكماسرة) زما كانوا بسمونا (مساعدية)، فأصبحت مساعداً في لواري كثيرة، وكان يمكن أن أصبح (سواق) لكنني (ماشديت حيلي) في المهمة دي، عموماً في تلك السنوات تنقلت بين جل مدن السودان، لكن كان الارتباط أكثر بمدينة المحميّة في مناطق الجعليين.
ضيعت شبابي وندمان شديد
يرفع حاجبين لا يكادا موجودين، ثم يواصل: أنا لم أتعلم ولم أدخل هذا المدرسة، عشان كدا، هسي شاعر بندم شديد، والندم دا مُلازمني طوالي، أشعر أني ضيعت عمري بلا فائدة، وكما ترى فحالتي تغني عن سؤالي، أما ندمي الأشد ضراوة فهو أنني ضيعت شبابي وأنا في حالة سفر دائم، وهذا ما لم يتح لي أن استمتع بالحياة في أبسط صورها، ولم أتزوج، وبالتالي ليس لدي أبناء يعينوني وأنا في هذا العمر، إنها معاناتي وحدي، لذا لا بد أن أكون شجاعاً وأتحملها، صحيح، الآن وبعد أن صرت أتجرع مرارة الحياة، وبت كالكلب ? بحسب تعبيره – مرمي بلا رأفة ولا رحمة من أحد (إلا من رحم ربي)، بت أعاتب نفسي لِمَ لِمْ أتزوج، ألم أكن أعرف أن الناس يكبرون ويشيخون ويعجزون حتى عن خدمة أنفسهم؟
خذلان الأهل
ولكن أين أهلك، يا حماد؟ ردّ: أهلي كلهم في الجبال عدا قليلين هنا في الخرطوم، ولا أتذكر أين يقطنون، ذاكرتي ضعفت شديد،، فعدا ابن أخي الذي (بتاوق) لي مرات وبجي بشوف الحاصل علي شنو، ما من أحد آخر يهتم أو يسأل، حتى ابن أخي ذاك انقطع في الفترة الأخيرة، لارتباطه بعمل خارج البلاد، لقد (سافر الشخص الوحيد الذي كان يأتي إليَّ لماماً، (أشكره) لأنه كان يتفقدني، وأدعوا لأهلي أن يسامحهم الله، ويسامحني معهم.
عيشة منافي
مرّة ما، حين شعرت بالتعب والحاجة إلى الراحة، قررت العودة إلى أحضان الأهل والعشيرة، لكن وجدت أن العمر أكل كل ما ادخرته لليوم الأسود، وها أنا كما تراني الآن، لا مأوى ولا أهل، أعيش منفاي بسبب جرم لم تقترفه يداي، اقترفته أقداري، فلا أحد يتفقدني، ولا ثمّ من يهتم لمأكلي سوى القمامة وفضلات المطاعم، وهذه – إن وجدت – وإن لم، فأنام هكذا، وأكتفي بشرب الماء الآسن رغم طعمه ورائحته الكريهة، وعند مغيب الشمس أذهب لأنأم لدى صديق لي في (مايو)، حاله كحالي وبؤسه كبؤسي، لا أحد يعيرنا اهتماماً في بلاد يدعي أهلها ليل نهاراً، وسراً وجهاراً، أنهم أهل (الحوبة) و(فشاشين الدموع) وأهل الكرم والسماحة، لكن الكلام دا كان زمان، لقد ضاعت تلك الخصال السمحة بل ماتت، وهذا ليس لوم لأحد، فلست في مقام اللوم، وإن كنت فلا ألومن إلا نفسي. لكنني أحتقر هذا المجتمع.
لا تنكأ الجرح القديم
شوف يا ولدي، عايز أقول ليك شيء أخير: عايز أشكر كل شخص أعانني، وكل شخص تقزز مني ولم يعني، وكل شخص نظر إليَّ باحتقار أو أهانني، لكني قبلهم جميعاً (قبل الصالحين والطالحين)، أريد أن أشكر وأحمد ربي فهو الرحيم والشافي، فلا أحد ? لولا فضل الله عليه – يستطيع أن يعيش كما أعيش أنا – ثم يكون على قيد الحياة، أنا ? يا ابني – لا أستطيع أن أحمل نفسي وجسدي، فعظامي تؤلمني ويشتد الألم حين البرد والحر، ثم طفرت دموعاً وصعدت غصة إلى الحلق، فاختنقت الكلمات وتحشرجت: يا ولدي ليه جيتني ليه جيتني عشان تقلب على الواجع وتنكأ جروحي؟، ما كفاية على وحدتي وحالتي دي!! ثم سكت، وكأنما أصابته (هاء السكت) كما قال القاص بشرى الفاضل في قصة ما
اليوم التالي
******** فرج الله همك و هموم جميع فقراء بلادي ****** قال الامام الشعراوي : اذا رايت فقيرا في بلاد المسلمين **** فتاكد ان هناك غني سرقه ****** وانا اقول : اذا رايت فقيرا في بلاد السودان ***** فتاكد ان هناك “كوز” سرق حقه ********
بارك الله فيك يا مصعب.وعم حماد واحد من ملايين المهملين عم ساقه رحمه الله كان واحداً من هؤلاء مات في كوخ على الشارع جدرانه قطع بالية مهترئة من خيش قديم وسقفه قطعة من ِبِرِش قديم لا يكاد يحجب عنه أشعة الشمس اللاذعة وأهل الحي الذي عاش فيه هذا الرجل الطيب يمرون بهذا الكوخ صباح مساء
يا أخوان الراجل قال ما بلوم أحد لأنو عارف نفسو غلطان لأنه ترك أهله وناسه في صباه ولم يرجع لهم اويعيش بينهم وشيء طبيعي جدا الآن لا يجد من يهتم به ويا أيها الكاتب لا تلوم المجتمع ولوم من تسبب لنفسه في هذه المأساة
يا مصعب الهادى فى (حكاية البنت التى طارت عصافيرها) .
بضعفائكم ترحمون . بمثل هذا وبالاطفال وبالمرضى . ان لم ترحموا فالاسباب واضحة . ولاتلوموا إلا انفسكم .
ياسعادة الرئيس يانواب الرئيس يامسؤلين يامديرين يا أهل الخير يامسلمين يااخوانا اين دار العجزة والمسنين ؟؟؟؟ أين دار العجزة والمسنين ؟؟؟؟؟ أين دار العجزة والمسنين ؟؟؟ دي موجودة في كل بلاد الدنيا دائما توجد دار للعجزة والمسنين حتى في بلاد الكفار . يصرف عليها من المال العام . نحن من زمان بندفع ضرائب وذكاة بتمشي وين ؟؟؟ انا مثلا مغترب لي اكثر من ثلاثين سنة ماشاء الله والحمدو لله ودفعت ضرائب ورسوم ورسوم ووووو طيلة هذه السنين مشت وين ان لم نوفر منها دار للعجزة فلا خير ولابركة فينا !!! والان اطرح فكرة علها تفيد اضيفوا علينا عشرة ريالات وابدو في تجميع هؤلاء الناس الغلابة واصرفوا عليهم وافتحوا لنا حساب لصالحهم نتبرع لهم كل بما يجود به عن نفسه وعن أبيه وعن أمه . لانريد لهم عمائر ولا ادوار بيت عادي يلمهم في مايو او في اي حي من احياء الخرطوم بيوت عادية ادونا لهم أرض نبني لهم بيوت تلمهم أحسن من الشارع . عوووووووووووووك . ألا هل بلغت اللهم فأشهد .
دعونا من العواطف المزيفة التي وراءها ما وراءها. يجب اخذ الموضوع بعقلانية شكرا مصعب على ما اثرته.هذا الذي ترك اهله ووالديه واهله الاخرين ولم يعنهم عندما احتاجوا اليه ماذا كان يتوقع من اجيال قد سمعت بان لهم عم او خال خرج منذ سنة كذا وحتى الاخوة قد يكونوا سمعوا به فقط كحكاية متداولة.سيدي هذا الذي اجرى هذا الحوار اين نخوته هل هي للتكسب فقط من رؤوساءه لما لم يأخذه الي بيته وينال به ثواب باعالته ورعايته.ولماذا رمى الامر على الدولة وان كان القائمين على امرها لايهتمون بهذه الامور، هل هذا ما نادى به الاسلام لنا كافراد.
يا مالكى وكتاب وقراء الراكوبة اعملو لينا حملة تبرع عشان الزول دا نوديه اهلو.
والله لا يضيع اجر من احسن عملا
لو ما انتم الضعفاء الفقراء والاطفال الرضع والاغنام لطبق الله الارض بالسماء في السودان
عزيزي القارئ
دلل علي وسع صدرك وسامحني
الشيوخ الركع عندي فيهم كلام