?استباقاً للمرحلة?

الخرطوم ? نازك شمام
لا يبدو أن وزارة المعادن ستضع قضية شركة سبرين الروسية في قمة أولوياتها، ففي حساباتها أن الشركة الروسية التي منحتها فترة ثلاثة أشهر لتوفيق أوضاعها، هي (كرت خاسر) في الوقت الراهن، وهي الوزارة التي تضع نصب أعينها المستقبل وتتهيأ للمرحلة الجديدة التي يستشرفها السودان ما بعد الثاني عشر من أكتوبر المقبل، وهي مرحلة ما بعد رفع العقوبات الاقتصادية واستقبال الشركات الأوروبية والأمريكية للاستثمار في القطاع الذي تعول عليه الدولة في إنقاذ اقتصادها من براثن شح الاحتياطي الأجنبي. كيف وهو القطاع الذي ساند الدولة في أزمة فقدان النفط بعد انفصال جنوب السودان قبل ست سنوات.
مرحلة ما بعد العقوبات ذات خصوصية لمستقبل السودان السياسي والاقتصادي، فكثير من المعوقات التي حدت من تطور الاقتصاد بشكل مباشر تستعد لإنهاء حقبتها في الثاني عشر من أكتوبر المقبل، بما يجعل من البيت الداخلي هذه الأيام ساحة لتهيئة الظروف لاستقبال كثير من الوافدين الجدد.
استباقاً لمرحلة مقبلة، استقبلت وزارة المعادن، أمس، عدداً من الشركات الأمريكية والأوروبية في ورشة عمل (تطوير قطاع التعدين بالسودان)، بالتنسيق مع شركة سنابل لتهيئة المناخ الاستثماري المحلي لاستقبال الشركات الأمريكية التي أبدت رغبتها في الاستثمار في قطاع المعادن، وهو القطاع الذي تعول عليه الدولة كواحد من أساسيات الإيرادات ومداخيلها في الفترة المقبلة.
المتحدثون في الورشة كانوا ينشدون من أحاديثهم هدفاً واضح المعالم، والكل يريد أن يدخل الهدف إلى مرمى السودان، كواحدٍ من أهم الواجهات الاستثمارية في القطاع التعديني في ظل امتلاكه لمعادن تفوق احتياطياتها مليارات الأطنان، وفي ظل عدم تمكن الدولة من استخراجها وتصنيعها للظروف الاقتصادية الحرجة التي تمر بها، تزامناً مع احتياج القطاع التعديني لتمويل قوي وشركات قوية تستفيد من التقنيات الحديثة في مجال المعادن وتسخيرها لاستخراج أكثر من (35) معدناً تزخر بها الأراضي السودانية.
د. محمد أبو فاطمة، المدير العام لهيئة الأبحاث الجيلوجية، أكد على المستقبل الواعد لقطاع التعدين في البلاد بما تملكه من معادن ومساحات شاسعة تميزه عن بقية الدول الأفريقية، غير أن هذه المعادن تحتاج إلى استكشاف واستخراج وتصنيع، بما يحتم أن يتم ذلك عبر الشركات الاستثمارية الإقليمية والدولية بالاستفادة من التقنيات الحديثة التي وصلت إليها بقية الدول في قطاع المعادن والتي تمكن من وصول هذا القطاع إلى الريادة، غير أن أبو فاطمة، وهو يتحدث في الجلسة الافتتاحية للورشة، شدد على ضرورة تحديث المعلومات الجيلوجية التي يمتلكها السودان، لافتا إلى أن ذلك لن يتم إلا بمساعدة الدول التي لديها خبرة في هذا المجال، علاوة على رغبة بلاده في إنشاء البنى التحتية التي يحتاج إليها قطاع المعادن من طرق وكبارٍ وكهرباء. ونوه أبو فاطمة إلى ضرورة تأهيل الكادر البشري حتى يستطيع إضفاء قيمة مضافة للمعادن.
ولم يخرج وزير الدولة بوزارة الاستثمار من نطاق حديث أبو فاطمة، وهو يؤكد تميز السودان من حيث الموارد التي يمتلكها بما يتيح للشركات الأمريكية العمل بالسودان، لا سيما أن السودان يمتلك واحداً من أميز القوانين الاستثمارية في المنطقة، والذي يتيح للمستثمر حوافز استثمارية وتحويل أرباحه دون قيود. وأشار فيصل إلى وجود نظام النافذة الموحدة التي تتيح للمستثمر إنجاز معاملاته في وقت وجيز، ولفت إلى أن الدولة تعول على قطاع المعادن بالفترة المقبلة لجهة إعطائه الأولوية في البرنامج الخماسي الذي يقوم على أساس إحلال الواردات وزيادة الإنتاج والإنتاجية. وكشف فيصل عن وجود إجراءات إصلاحية للبيئة الاستثمارية بما يساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد في ظل وجود إصلاحات اقتصادية تحدث انفراجا في الوضع الاقتصادي، واستقرارا في أسعار الصرف مع بذل وزارة الاستثمار لجهود لتحسين بيئة الأعمال، لافتا إلى الدور المتوقع أن يقوم به القطاع الخاص خلال المرحلة المقبلة بالتنسيق مع الجهات المسؤولة في الدولة، بما يؤكد الوصول إلى الغايات المنشودة بريادة القطاع الخاص.
أما وزير المعادن البروفيسور هاشم علي سالم، أكد على المهمة الوطنية التي تقوم بها حكومة الوفاق الوطني، وقال إنها حكومة تدعو إلى المصالح المشتركة وليس لديها حجر على أحد. ونوه بأن السودان به (35) معدناً لم يتمكن من استخراج سوى (13) معدناً فقط، مشيراً إلى أهمية توطين صناعة التعدين بالسودان ومنع تصدير المعادن الخام إلى الخارج، الأمر الذي يجعل من تعاون السودان مع الدول الأخرى في قطاع المعادن أمراً هاماً، لجهة الاستفادة من التقنيات والتكنولوجيا الحديثة. وأوضح سالم الحاجة إلى المعامل الحديثة والمعتمدة التي تعتمد نتائجها عالمياً، فضلا عن الحاجة إلى التقنيات الحديثة في مجال التصنيع، وأعلن أن بلاده ترغب في شركات لاكتشاف المعادن الأخرى خلاف الذهب، مبيناً أهمية عدم تصدير الذهب الخام إلى الخارج والاستعانة بالشركات لتصنيعه. وفي الجانب التمويلي، قال سالم إن بلاده ستتخذ من الذهب ضماناً للتمويل مما يحتم وجود شركات قوية للتمويل، لافتا إلى وجود مقترح بإنشاء بورصة للذهب والمعادن الأخرى، مطالباً الدول بمساعدة السودان في وضع النظام التشغيلي للبورصة من أجل المحافظة على حق الأجيال المقبلة في معادن السودان.
اليوم التالي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..