اطفالنا فاقد تربوي

عادت عشوش وامها مرة اخرى ,,شد ما أسعدتني رؤيتهن ,,,أحسست كمن رأى شخصا قريبا الى نفسه كان مسافرا وعاد فجاة ,,, أحيانا نكتشف ان هناك اناس غريبون عنا ,,,لا نشعر بوجودهم في حياتنا ,,,ولكن غيابهم يجعلك تحس بان لوحة نهارك تبدو غير مكتملة ,,,عشوش هذه الصغيرة كان صوتها الحبيب وهي تغني (ابو لي بيه يا اللبن ) احد معالم طريقي ,,,كمسجل ادم ,,وتحية عم حسن ,,واهازيج اطفال الروضة الانجليزية,,,, ولعبات زروق وأقرانه ,,,عادت عائشة وهي اطول واكثر ملاحة ,,ترتدي الثوب بطريقة المبتدئات فهي ( تلفحه) باليسار ,,,كانت تتحرك بهدوء بين (البنابر) ,,تعيد رص (الترابيز) الصغيرة ,,,طالت وقفتي وانا انظر اليها وهي تؤدي عملها بكل صبر ,,,,سالت والدتها (كيف احوالكم طولتوا الغيبة ),,قالت لي ( نسوي شنو,,,شقيش ما قبلنا ,,ما لقينا فرقة ,,تاني جينا لي هنا ,,الله يغتي علينا بس ),,,قلت في نفسي ويبعد عنكم عيون ناس بعرفهم ,,,فجاة تبادر الى ذهني سؤال ,,,قلت لها ( انتي وين أبو عشوش؟؟),,,قالت لي بابتسامة حزينة ( يوم كدي صحينا من الصباح لقيناهو مافي ,,,فتشنا عليهو سما أرض ,,,ما لقينا ليهو أتر ,,,اها نسوي شنو ,,بقيت أسوي الفطور دا ,,وربك كريم ),,,سألتها مرة اخرى وكنت قد جلست على احد البنابر بجانبها (عندك عشوش بس ؟؟),,,(عشوش ياها البنية ,,لكن عندي تلاتة اولاد بمشوا المدرسة ,,المسكينة مرقتها من سنة تانية ,,,بلاها مابقدر ,,,قسمتها في الدنيا ,,,والبركة في الوليدات كان قروا اليجوا يرفعوا اختهم),,,,عمالة الاطفال ,,,هؤلاء الذين ننتزعهم من طفولتهم ,,ندفع بهم الى الشارع ليأكلوا ويطعموا أفواه اخرى ,,,عشوش ليست الا نموذجا لهم ,,,كلما ذهبت الى السوق لبعض شاني ,,يتزاحم حولي اطفال (الدرداقات ) ,,,ما دايرة درداقة يا خالة؟؟؟؟ ,,,من اجل حفنة من النقود يسير خلفك بدون تعب او ضجر لينتهي يومه مرهقا ومعه بضع جنيهات وكثير من الالم ,,,عشوش الصغيرة وامثالها من الاطفال الذين وجدوا أنفسهم قسرا في سوق العمل ,,من يتتبع مصالحهم ومن يسمع لمعاناتهم ؟؟؟,,,,تذكرت أصدقائي الصغار الذين كانوا يجمعون (الفوارغ) ,,ويحملونها في جوالات لياخذوا من المصانع مبالغ مقابلها ,,اذكر انني ضبطتهم ذات مرة وهو يختلسون النظر الى اطفال الروضة الانجليزية في طابور الصباح ,,,كان أصدقائي يحاولون تقليد الحركات التي يؤديها الأطفال ,,,في تلك اللحظة تمنيت أن لو كان الامر بيدي لكنت حاولت بكل جهدي ان الحقهم بمنظومة التعليم ,,,ولكن كيف يكون ذلك ؟؟؟لم أستطع الى الان ايجاد وسيلة تنتشل هؤلاء الاطفال من واقعهم الخالي من التعليم ,,والسؤال الاكبر هو ,,,من سيطعم تلك الافواه التي تنتظرهم في نهاية كل يوم؟؟؟ ,,والدة عشوش تعاملت مع مشكلتها بمفهوم انقاذ ما يمكن انقاذه .والمال تلته ,,فاخرجت عشوش ودفعت بالاولاد للمدرسة ,,ترى هل يستطيعون الاستمرار؟؟ أم تحاصرهم الرسوم ومتطلبات الدراسة فتقف بهم الحال ويصبحون كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا ابقى ,,,,, عشوش ورفقائها يفضحون زيف شعاراتنا حول هزيمة الفقر والمشروع الحضاري ..فكل يوم تلفظ الحوجة احد الأطفال الى قارعة الطريق للمساعدة في دفع عجلة الحياة لغيره …. اطفال تحملوا مسؤولية الحياة باكرا ,,,والمفارقة ان هناك من الكبار من يتنصل بكل برود من هذه المسؤولية ,,,,فتامل ,,,,عندما بدات متابعة سيري ,,مررت بعشوش وسمعت صوتا خافتا يغني فتذكرت اغنية مسجل ادم صباح اليوم (لا بايدك لا بايدي ,,دا الزمان الاختار كدي ),,وووصباحكم خي

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. و تذكري اخرين و صفهم الشهيد حميد:
    ششفع العرب الفتارى البفنو الشايلا ييدم و جرو كابسين القطارا.
    وفي انتظار تكوين خلايا المقاومة بالاحياء.

  2. مقال رائع و مشكلة ترفع لديوان الزكاة الذى ما فتى صباح مساء يمتن بمساعدته للفقراء و المساكين و سعر عربية واحدة من عربات ديوان الزكاة يكفى لحل المشكلة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..