ليس صعباً يا سيادة الوالي

نقلت صحيفتنا الغراء هذه عن والي الخرطوم الفريق عبد الرحيم محمد حسين أنه سيسير على نهج سيدنا الفاروق عمر عليه الرضوان.

صحيح أن بعض المواقع الإسفيرية تناولت التصريح بالسخرية ولكن دعونا نتساءل: ولما لا؟ نعم ما الذي يمنع أن يسير الوالي على نهج عمر؟ فإن التشبه بالرجال فلاح والفاروق عليه الرضا كان أفلح من حكم الناس على نهج الدين، وعندما يتطلع شخص ما لأن يحكم على منهاجه فعلينا أن نحتفي بذلك ثم نسعى لإعانته بنثر سيرة الفاروق وإعادة نشرها ثم نسأل للسيد الوالي التوفيق والسداد.

فأمير المؤمنين الفاروق كان يلزم نفسه بأشياء كثيرة منها ما هو ذو طابع شكلي فهو لا يتخذ لنفسه حرساً وينام تحت شجرة بمعنى أنه مبذول في الطريق العام للكافة وهو لا يميز نفسه عن سائر الناس في ملبس أو مسكن، وهو شديد التصغير لنفسه حتى لا يغريه مقام الحكم، فكان يجلس إليها ويذكرها بأنه كان في الجاهلية محض راع يرعى الأغنام لأهله مقابل دريهمات.

ثم أنه كان يجوع مع الناس حتى يشبعوا ولم يكن له طعام في عام الرمادة غير الزيت والماء وعندما تنتفخ بطنه وتكركر كان يضع يده عليها ويقول لها كركري أو لا تكركري فوالله ليس لك طعام غير هذا حتى يشبع الناس.

وكان عليه الرضوان لا يكف عن الطواف للبحث والوقوف على أحوال الناس – ليس النخب ونجوم المجتمع بل غمار الناس، أولئك الذين لا يتذكرهم أحد ولا يطراهم، كان عمر يبحث عن هؤلاء ويطعمهم ويسقيهم بيديه.

وكان أكثر الناس مخافة من السؤال يوم الحساب فيلقى صبياً في الشارع فيمسح على رأسه ويقول له يا بني ارفع يديك استغفر لي ربك فإنك لم تذنب بعد

وكان الفاروق عليه الرضوان أكثر حذراً وحرصاً ألا يستغل أحد أبنائه أو أقاربه موقعه في الخلافه فيثري ويمتلك بموجب ذلك الطلمبات أو العقارات وقد نظر إلى بعض الإبل ذات يوم فسأل عن صاحبها فقيل له إنها لابنك عبد الله فتصبب عرقه وارتجف ونادى ابنه إليه وسأله عن أمرها فأجابه هي إبل ناحفه اشتريها فأعلفها وأبيعها وأتربح من ذلك فصاح فيه الفاروق ويحك أتريد أن تكب أبيك على وجهه في النار؟ فاندهش الابن وتساءل عن علاقة هذا بإبل يشتريها ويبيعها من حر ماله؟ فأجابه الفاروق لأن الناس تقول هذه إبل ابن أمير المؤمنين فوسعوا لها في المرعى والمشرب، يا عبد الله بع الإبل وخذ رأس مالك ورد الباقي إلي بيت مال المسلمين

نعم يا سيادة الوالي فآفة الحكم في كل زمان هي استغلال النفوذ والثراء بغير أوجه الحق والشرع.

ركيزتين يقوم عليهما منهاج عمر عليه الرضا، منع الظلم ومنع الفقر، فإن استطعت أن ترفع الفقر والظلم عن كل فرد من سكان، لاحظ كل فرد رفعاً حقيقياً ليس الذي نسمع عنه في الإعلام ثم لا نراه فأنت على النهج الصحيح.

الصيحة