الدكتور عمر شاع الدين : أسعى لتجذير العامية السودانية في العربية الفصحى

حوار: عيسى الحلو
الدكتور عمر شاع الدين، باحث ومحقق لغوي في السودان. وبحثه يجتهد ليجذر الدارجة داخل إطار فصاحتها العربية وهو يسعى ذات السعي الذي أسسه عبد الله الطيب وعون الشريف قاسم، وبحث دكتور شاع الدين يترابط بالواقع الاجتماعي في تحولاته التاريخية، ولهذا يأتي بحثه شديد التماس بالحياة، اذ أن اللسان هنا هو صائتة إشارية دلالية تشير لحضارة كاملة في فتراتها المتحولة وفي سيرورتها. وقد كان صدر للدكتور شاع الدين كتاب تحت عنوان:» المناقرات«.. كان لنا معه هذا اللقاء لإلقاء الضوء على ماطرحه كتابه هذا.
*كتاباتك حول العامية السودانية.. أهي محاولة لتجذيرها في العربية الفصحى؟
ــ يقيناً هذا ما أسعى اليه ياسيدي، بل أراني من المغالين في هذا بحسبان عاميتنا اوفر نصيباً في الفصاحة.. قد انجاها من الرطانات انها صارعت لغات ضيقة وضعيفة.. انتصرت عليها بسلام بعدما اقتبست خيرها في وئام مثلما نجد في الفاظ الزراعة من النوبية. أريد ان اذكر أنني قد نهجت في مراجعتي لمعجم عامية الإمارات وقد نشرت في (عقر دارها)مجلة الدوحة المأثورات ? مستعيناً بعاميتنا ذلك بحسبانها أقرب لروح الفصاحة وانصع بياناً.. ثم لما توافر من مسلك العامة في اللغة.. لا أخفيك اراني قد افلحت، ما دفع منشغلين بالعاميات وقضايا اللغة للثناء على ذلك المجهود المتواضع. أعلم يقيناً ان مثل قولي هذا لايرضاه النفر ممن يصدح بالترهات، لكنه اليقين لو خلصت النوايا. فأثر اللغات في عاميتنا يبدو ضعيفاً.. وذلك لضعفها المستكين امام سلطانها القاهر.. ثم لتقارب البيئات النبع.. هنا وجدت الألفاظ قومها وأرضها.. فطاب مقامها ودام بقاؤها.. دون تحوير ولا تحريف يطمس الأصل. يا سيدي هنا تحديداً على المنكرين أن يتحروا رؤية اللغة الشائكة، وذلك يتم بمراجعة العامية في مظانها ثم مقارنتها بالرصيفات من العاميات.. صدقني ستصيبهم دهشة الخيبة وقتها. دعني أهمس في أذن القارئ الكريم.. ان فلاحات المبدع العبقري الطيب صالح عندي قبلما هي فلاح الحدث أو (التكنيك).. هي فلاح الاقتدار اللغوي الذي ناله الدخل مطمئناً من عاميتنا الغبشاء.. ولكن بذكاد محمود ومحسود.. هو فصل من فضل ندين به لكتاباته الطيبات. ثم هو عندي ممن يعرف دروب اللغة.. وطواعيتها جيداً.. بل لا أغلو ان قلت اني أجد ريحاً غابقاً للشدياق فيه.. وهذا ما يحتاج المعالجة.
*الاختلاف المنهجي هنا بينك وعبد الله الطيب وعون الشريف وبابكر بدري؟
ــ حقيقة أنا لا أجد خلافاً اذكره هنا.. فهؤلاء هم الأرباب.. السابقون السابقون.. أولئك المقربون استشعر بوادر الحرج.. هم يقيناً رواد العطاء اللغوي.. فضلهم سامك وساطع.. ثم جهود الضخم عبد الله الطيب في علالي لا تغفلها العين إلا عن رمد.. فقد جاهد وجاهد فخاراً بعاميتنا في محافل مجامع اللغة أمام الجهابذة الوحاويح في اعتداد.. لكم كان يسرني.. وقد كنت أحرص على الحضور أحياناً لجلسات المجمع المصري كيما أمتع النفس برؤية الرجل وهو (يجضم) اللغة مثلما لا يفعل غيره. وقد سمعت الأستاذ الكبير الزيات يثني عليه ذاكراً قدر أفضال علمه العميم.. ثم عارفاً وحامداً عاميتنا معترفاً بنصاعتها.. وقد فعل مثل هذا الأستاذ محمد فريد أبو حديد في مقدمة ديوان العباس، وهناك إشارات وإشادات تمت في ندوة العقاد.. ثم من المستشرفين المنصفين من أشار لهذا قوياً. دعني أقول لك ان أضخم جهود العاميات في الوطن العربي هي ما قام به استاذنا الراحل عون الشريف في قاموس العامية السودانية.. هو مجهود مؤسسة، لقد دأب في مسعاه تحقيقاً استغرق سني عمره الطيبات.. أما جهد الشيخ الرائد بابكر بدري في كتاب الأمثال السودانية فهو طيب وضخم وسابق يثاب عليه، سوى انه لم يكن من مقاصد اللغة، ونحن ندين بالفضل كثيراً للشيخ عبد الله عبد الرحمن في العربية في السودان.
*هل هذه الدراسات لغوية بحتة، أم هي بالضرورة ترتبط بالمجتمع والتاريخ؟
ــ الدراسات اللغوية انت لا تستطيع فصلها عن واقع المجتمع ولا وقائع التاريخ.. فداخل اللغة كثير من التاريخ المكنون.. هي بمثابة المخزن.. وأنا في جهدي هذا المتواضع الضئيل أريد حراكاً ناحية اللغة.. استخلص منها عنوة (قُحيتنا).. هكذا! مع باطل ما يرمينا به الجهلاء كيداً وعيباً.. ولو راجع (الواهمون) تراثنا ملياً لعلموا صدق هذا.. ولعلموا أن السواد الذي يغمرنا ليس وصمة فقد علمناه فخار العرب الأقحاح.. أخضر الجلدة من بيت العرب.. لم يكن وصمة إلا بعدما دخل الناس ولحقت سحناتهم أكاليل البياض المحمدة في حسبانهم. يا سيد.. ما أريده راسخاً هو توطيد العربية من خلال تحقيق اللغة ومفردنا العامي.. أجلو جليل الوشائج.. نعم هو باب صعيب لا يقواه طويلو اللسان.. أرباب الهذيان الذين ينخرهم المرض الغرض.. تباً للمنخورين. أقول لك: لقد وجدت مفردات غير سائرة في العاميات العربية الآن.. وجلتها جميلة سلطانة.. تجول باطمئنان في لساننا.. هي جد موغلة في بعدها.. وحوشيتها المعجمية.. ليس ثمة دالة نتحصلها هنا سوى قدر الفصاحة الزاخر.. رضى أرباب الكيد والوهن أم كرهوا.. ولعل هذا ما قصده الراحل الشاعر صلاح أحمد إبراهيم يوم زعق: نحن عرب العرب.
*هناك محاولات بحثية لغوية في لبنان وفي مصر.. إلا أنها تحاول الابتعاد عن العربية ربما لتؤكد اتجاهات شعوبية.. ما رأيك في مثل هذه المناهج؟
ـ مسعى المذاهب للاتينية أو الفينقية او الفرعونية.. كلها اضبارة كيد مقيت، تخرج عن نفوس أوهاها الحقد وأعماها.. بإدعاء ان العربية مغلولة لا تواكب الحضارة.. هكذا!! ثم هي سبب قصورنا لحاقاً بركب التقدم.. هكذا!! هم يا سيدي هنا يتناسون عمداً ما قدمته للحضارة من باكورة لا يراها الأعمى أو ان شئت صدقاً المتعامي.. أحسب ان مدخل هذا إضافة لمطاعن الشعوبية، استهداف سماحة الإسلام في حصنه الحصين (القرآن الكريم) لسان عربي مبين، يريدون بمثل هذا تلويث اللغة الناصعة بجهود أضناها الجهل فجاء حقدها فجاً.. بعيداً عن نقاء المتن. أذكر لك أني كنت قد راجعت كتاب د. لويس عوض مقدمة في فقه اللغة العربية وقد توافرت عنده الدواعي ? الشعوبية بقبطيته + الدينية بمسيحيته، ثم باب الجهل الوسيع بمسالك اللغة العصية. وهنا لا أحسب ان هناك جهوداً في عصرنا الحديث أفادت العربية مثلما وجدنا في لبنان وسط الصراعات.. دعني أرجح ان ما قدمه الشدياق للعربية قمين بجعله من أئمة اللغة المفكرين الأبكار، ثم جهود العلامة الشيخ عبد الله العلايلي في المقدمة.. لا بد من إشارة إلى ان الشدياق ابن المسيحية الذي ترجم الكتاب المقدس للعربية.. عندي ان دواعي انقلابه عنها وإسلامه.. أقوى دواعيه هو سلطان اللغة فيه وتمكنها منه او تملكها زمامه وهذا يذكرنا بذلك الأعجمي العالم المسلم الذي قال كلاماً ما سبق إليه معناه ان من الخير له مراراً ان يُهجي باللغة العربية ولا يمدح بغيرها من اللغات.
الراي العام
.. ولو راجع (الواهمون) تراثنا ملياً لعلموا صدق هذا.. ولعلموا أن السواد الذي يغمرنا ليس وصمة فقد علمناه فخار العرب الأقحاح.. أخضر الجلدة من بيت العرب..
متي سننفك من عقدة العروبة بعد ان فكانا الله من عقدة السواد بكريم ديانا
لماذا يصر علماءنا وباحثينا علي السعي ليل نهار لاثبات اننا عرب وماهي الفائدة ام هي تجذر العقد التي لا فكاكا لنا منها غير الرضي بلوننا وفوق ذلك بانسانيتنا
لو نسقت جهدك مع جهد الاستاذ الكبير عبد المنعم عجب الفيا لاخرجتما سفرا لا يشق له غبار … تجد عنوانه عند عمك قوقل … وأظن جازما أن خزائنه مليئة بالنفائس التي قد تفيدكما معا…. وبالتوفيق
{{ نجاها من الرطانات انها صارعت لغات ضيقة وضعيفة.. انتصرت عليها بسلام بعدما اقتبست خيرها }}
عروبي للنخاع متلبس بجلبابه رغم ضيقه عليه
لكن متوشح بوشائح التكبر والاستعلاء