الاستاذ الجامعي لماذا يهاجر؟

الاستاذ الجامعي لماذا يهاجر؟

د.عبداللطيف محمد سعيد
[email][email protected][/email]

الحديث عن هجرة الكفاءات العلمية وبخاصة الاطباء والاساتذة الجامعيين في الأيام الأخيرة صار من أهم الموضوعات التي تدور في مجالس المدينة ولكن نلاحظ انه كثيراً ما يجانب الصواب تبريرات هذه الهجرة.
فالبعض يتحدث عن راتب الاستاذ الجامعي الضعيف ويقارنه بمهن اخرى في السودان ويبني على ذلك ان سبب الهجرة هو الدخل الضعيف او بمعنى اخر هو الوضع الاقتصادي للاستاذ الجامعي أو الطبيب.
وإذا قيل هذا عن الاستااذ الجامعي فهل ينطبق على الطبيب؟ أو على رؤساء الاقسام؟ أو عمداء الكليات؟ والذين ذكرتهم اخيراً من اطباء اختصاصيين وعمداء كليات ورؤساء أقسام شملتهم الهجرة وهذا ما يجعلنا نتساءل هل هؤلاء هاجروا بسبب ضعف الدخل ام لأسباب اخرى؟
البعض تحدث عن الوطنية ووصف من يهاجر بانه يفتقد الوازع الوطني! ونحن نختلف مع هذا الرأي لانه يقدح في وطنية كثيرين نعرفهم ولا نشك في وطنيتهم ولكن كانت لهم ظروفهم الخاصة التي دفعتهم الى الهجرة… والهجرة ليست وليدة اليوم فقد هاجر السوداني قديماً طلباً للرزق والعلم ولم نسمع من وصف هؤلاء بعدم الوطنية او الولاء او ضعف الوازع الوطني.
لقد وقفنا كثيراً في مقام فئة من هذه الفئات المهاجرة وهي فئة الاستاذ الجامعي ولا نقصد من يشغلون درجات عليا ولكن نتحدث عن الاستاذ الجامعي بدرجة محاضر او استاذ مساعد وهم حملة الدكتوراة ويمثلون غالبية من هاجروا او ينتظرون الهجرة ونرى ان الاسباب التي تدفع هؤلاء الى الهجرة هي اسباب اقتصادية في المقام الاول حيث نلاحظ تدني مرتبات هذه الفئات من اساتذة الجامعات وقد تم نقاش وضع الاستاذ الجامعي على كل المستويات بدءاً بالمؤتمرات ومنها مؤتمر التعليم الذي وقفنا في مقامه قبل يومين، وادارات الجامعات وانتهاء بالمجلس الوطني ولكن ما هي النتيجة التي توصل اليها الجميع؟ وماذا عن التوصيات التي نسمع بها كل مرة ولا نرى اثارها على ارض الواقع؟
لقد سمعنا عن فصل الهيكل الوظيفي للاساتذة الجامعات عن الخدمة العامة ولم نلمس التطبيق… وسمعنا عن تحسين وضع الاستاذ الجامعي لم يتحسن وضع الاستاذ الجامعي… لقد سمعنا عن هيكل وكادر وعشرات الاسماء ولم يتحق اياً منها حتى الآن وهذا يحبط من يجلس وينتظر القادم الذي طال انتظارها والاسعار ترتفع كل اليوم والمرتبات (محلك سر).
ان الحديث عن الهجرة لن يجدي والبحث الكثير والمتكرر عن اسبابها لن يفضي الى نتيجة والتقليل من آثار الهجرة حديث لن يوقفها فلابد إذن من قرارات سريعة تعالج أوضاع الاستاذ الجامعي.
ونقول ان الاستاذ الجامعي يحتاج الى مرتب مجز والى بيئة جامعية جيدة والى استقرار وبدون توفر كل هذه الاشياء فستكون الهجرة هي البديل المناسب وكما ذكرت سابقاً وفي ذات هذا المكان سيأتي يوم ولن نجد من يدرس بجامعاتنا وسنعض بنان الندم ونبكي حيث لا يجدي البكاء.
ان كل العالم يخطط ويبحث عن الأسباب ويعمل على ازالتها فأين نحن من كل هذا؟
والله من وراء القصد

تعليق واحد

  1. أضف الى ذلك التضييق المستمر من قبل الإدارات الفاقدة للوعي الوطني،في مواجهة كل من لم يكن موالياً لهذا النظام الفاسد،وتقديم عديمي الموهبة والإبداع وتفضيل التلاميذ والموظفيين الإداريين على الأكفاء من بني وطني العزيز،وذلك في الأعباء الإداريةوغيرها ….الخ.

  2. السبب المادي للهجرة سبب مفهوم ومنطقي، تضاف إليه أسباب أخرى أهمها الغبن الذي لازم تخلخل البنية الجامعية منذ أن أصبح تعيين الأساتذة، وخصوصا مساعدي التدريس، ليس مبنيا على التفوق الأكاديمي إنما على الولاء الحزبي. فقد كان الأستاذ الجامعي يعيش في بيئة أكاديمية يكون الولاء فيها للعلم والمعرفة والخبرة، فالمبدأ السائد كان حتى الثمانينات هو academic seniority
    لتعيين رؤساء الأقسام وعمداء الكليات وحتى مدير الجامعة. ما الذي حدث بعد ذلك؟ أي طوفان اكتسح قيمنا التعليمية التي كانت مثلا يحتذى؟؟؟ أي زلزال هدم كل ما بنيناه على مر السنين؟؟ إنه المبدأ اللعين “الولاء قبل الأداء”، إنها الفكرة الشيطانية: ثورة التأليم العالي، فهاجر أساتذتنا وحرمت أجيالنا القادمة من خبرات أكاديمية احتضنتها دول أخرى، فأفادت واستفادت. وا أسفي على وطني!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..