انتهي عهد التمكين قولاً…..مذكرات مفصول للصالح العام فعلاً

انتهي عهد التمكين قولاً…..مذكرات مفصول للصالح العام فعلاً

صالح الشفيع النيل
[email protected]

? تم فصله من الخدمة المدنية وهو فى منتصف الثلاثينات من العمر أى في أول سلم الوظائف الكبيرة.
? متزوج ولديه أطفال في مدارس الأساس.
? ليس لديه غير راتبه الشهرى ويستأجر بيتاً.
? زوجته صاحت في وجهه…( أنت قبل الصالح العام كان فيك فايدة…. ما أصلاًَ أنا مقطّعة ومشرّطة من يوم ما عرستك… وناس فلان ما شالوهم ليه …لازم انت فيك حاجة….ماتشتغل مع ناس الجبهة وتربى أطفالك…هو أنت حتصلّح السودان براك ).
? لم يفكر كثيراً في كلام أم العيال ، فهى مسكينة لم تذق طعم الراحة في حياتها ، لكن ما كان يؤرقه هو كيفية مواصلة الانفاق على عياله الذين أصبحواعالة على أهله في بيت الأسرة الكبير.
? سافر الى الكويت ووجد عملاَ سريعاً بمرتب مغر ولكن ( أبو عدى رحمه الله ) لم يترك له الفرصة لكى يستمتع بوظيفته ، وهاجم الكويت بجحافل جرارة. وخرج هو ومن معه من الكويت بقدرة قادر بعد أن عمل لعدة شهور فقط .
? عاد الى السودان وزار مكان عمله القديم فوجد وظيفته قد تمكن منها و فيها من لا يجيد القراءة والكتابة.
? حاول الخروج من السودان مرة أخرى ولكن الرائد يونس ( الله يطراه بالخير ) كان يصف الخليج العربى في أحاديثه الشهيرة وقتها ب(خليج الخنازير )، لذلك أوقفت السعودية ودول الخليج كافة التأشيرات للسودانيين.
? مكث في السودان ثلاثة سنوات بلاعمل أصيب خلالها بأمراض عديدة ، وعلم أن بعض زملائه من المحالين للصالح العام أصيب بالجنون فيما توفى البعض من الفقر والقهر وتشردت أسرهم.
? سافر مجدداَ ولم يعد الاّ قبل فترة وجيزة.
? لم يحقد على أحد ، وقال أن الخير في ما اختاره الله ، وظن أنه محظوظ مقارنة بأبناء جيله.
? حاول أبناؤه الذين تلقوا قدراَ عالياً من التعليم في الخارج ، أن يتوظفوا لدى الدولة ولكنهم طردوا من جميع لجان الأختيار فى العاصمة والولايات.
? دخل مجدداَ في الدائرة الخبيثة ، دائرة الفقر والخوف.
? بعضهم قال له ( الرجّعك البلد دى تانى شنو، انت جنيت ).
? سمع رئيس البلاد يقول أن عهد التمكين في الخدمة المدنية انتهى.
? برطم وهمهم وغمغم وتعجّب . وقال في نفسه ( اذا كان هذا هوحال الخدمة المدنية ، فكيف يكون الحال في فساد المال و الأقتصاد الذى تفوح روائحه هذه الأيام ).
? حفيده الصغير ابن السبع سنوات الذى كان يتنصّت على أحايث الكبار فاجأه بقوله ( ياجدو انت الناس ديل ما تشتكيهم في المحكمة ).
? ضحك ضحكة عالية مجلجلة حتى دمعت عيناه .
? تحياتى الي كل الذين تعرضوا للذل الوظيفى والقهرالنفسى والأجتماعى عسى أن يتكرم عليهم عهد التمكين الذى قيل أنه انتهى ( نظرياَ على الأقل ) برد اعتبارهم . ورد الاعتبار في تقديرى لا يكون الاّ يشيئبن :
1. جبر الضرر للمفصولين في كافة القطاعات المدنية والعسكرية والشركات.
2. اعاة هيكلة الدولة بحيث أن كل من تبوأ وظيفة هو ليس أهل لها أن يترجل عنها طواعية وبشهامة أو أن يطلب النقل الى وظيفة أكثر ملائمة لمؤهلاته هذا اذا كانت لديه مؤهلات فى الأساس ، وان يتم اعفاء من لا فائدة ترجى منه في تطوير العمل ، مع اخضاع المفسدين للمحاسبة .
ان الحديث النظرى عن انتهاء عصر التمكين سيظل حديثاً نظرياً ما لم يرتبط بأفعال عملية على أرض الواقع ذلك أن التمكين ما فتىء يسير فى دائرة أفعوانية معقدة لا يعرف أين تبدأ وأين تنتهى ، وارتبط بمصالح ينبغى تفكيكها عوداَ عوداَ.. وآخر العلاج الكى وهو أصعب أنواع العلاج. وفى ظل عضوية المؤتمر الوطنى التى قال الرئيس أنها تبلغ خمسة ملايين ، فان هذا يعنى أن هؤلاء الملايين الخمسة ( ان صح الاحصاء) يأكلون من موارد الدولة كما الجراد الصحراوى وقد آن الأوان لمكافحتهم بالمبيدات الحشرية القوية.
ولا يهم هنا أن بعض الوزارات فى العاصمة والولايات بدأت عملية تصحيح صورية تود منها التضحية ببعض كباش الفداء من صغار الموظفين ، ولكن المهم أن يبدأ التصحيح بالكبار المزمنين المحنطين ممن أمنوا العقوبة. وتقول القاعدة الذهبية أن فاقد الشىء لا يعطيه ، وهؤلاء الكبار انتهى دورهم عملياً ولا ينبغى الاعتماد عليهم في عملية الهيكلة في وزارات هم السبب الرئيسى في فسادها وافساد موظفيها.

تعليق واحد

  1. هكذا بكل بساطة انتهى عهد التمكين ؟ هكذا يا أمة ضحكت من جهلها الأمم ؟ يفعل كل فاعل بنا ما يريد : تتشرد أسر تعاني المسغبة والجوع يترك ابناؤها مقاعد الدراسة ..لتتلقفهم الرقشات والهايس .يهيم الكثيرون على وجوههم ..ويفقد بعضهم عقله… ويهرب آخرون بعيداً عن نظرات الحرمان التي تحاصرهم في عيون صغارهم … وتكثر دعاوى الطلاق للغيبة كأدب جديد في ردهات محاكمنا…. لا لذنب ارتكبوه أو خطيئة اجترأوها سوى أن هنالك صبياً منح موتر سايكل ومالاً وفيراً وقلماً مملوء بحبر الضغائن كتب عنهم أنهم يساريون وليسوا من أهل الولاء) ومع هذا تأتي هذه الأمة التي لا أعرف بماذا اصفها سوى أنها أمة بلا ذاكرة لتركب موجة كل ما هو جديد وتنعق به ؟…
    وحتى من هيأت له الظروف الهجرة وحمل حقائبه ويمم صوب المهاجر من أمثالنا …فرض عليه أن يعاني ويلات الغربة ..بالأمس القريب تذكرت فطور الجمعة وتجمع الأهل في البيت الكبير وسعادة أمي بأحفادها وحرمان صغاري من تلك النعمة .. مسحت دمعة حرى وطفلي يسألني ( يا بابا ليه إنت ما اشتغلت في السودان زي ناس عمو ؟ وهو لا يعلم بأن عمه أحد أوائل الدفعة 37 في القوات المسلحة واحد أشرس مقاتليها قد تمت إحالته للصالح العام بجرة قلم دون تقدير لنبوغه وصرامة عسكريته ..لتتلقفه السفارة الأمريكية في نفس يوم إقالته بعرض يسيل له اللعاب…
    نحن وأطفالنا ضحايا الاغتراب القسري … نبيت على وجع مفارقة الديار ..ولأول مرة في تاريخ الإنسانية نجد أمة تفرح حين يأتي لابنها عقد يغربه عنهم وعن موطنه …لماذا لأن بلده آثرت من هم دونه معرفة وخبرة …ومن كانوا يُزفون من رفقائهم في موكب مهيب نهاية كل فصل دراسي بعبارة ( الطيش الطيش …) ليصبحوا بين عشية وضحاها هم أهل الحل والعقد …وهم أهل البناء الفخم والفراش الوثير والبيوت الكبيرة إن جاز لي تسميتها هكذا …
    سياسة التمكين جريمة مثلها مثل جرائم النازية بل هي جريمة ضد الإنسانية أن تحرم شخصاً من حق دستوري كفلته كل الشرائع السماوية والإنسانية ويمتد هذا الخرمان إلى أسرته فتعاني الفقر والجوع والمرض والمسغبة هي جريمة ينبغي ألا تمر مرور الكرام … ينبغي للشرفاء من القانونين في بلادي من محامين ومستشارين التنادي لجمع اسماء أولئك المحالين للصالح العام ودراسة الأضرار التي أصابت كل اسرة على حدة وتقدير التعويضات اللازمة لكل الأضرار المادية والمعنوية التي اصابت تلك الأسر ومن ثم رفع دعاوي على الدولة لتدرك أن ما ارتكبته من أخطاء في حق هؤلاء لا يقل عن تلك الجرائم التي ارتكبت في حق أهل دارفور فليس بالرصاص وحده يُقتل الإنسان وأختم بقوله تعالى ( يا ايها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عجيب) اتقوا الله في تلك الأسر فأفرادها بشر وليتكم تعلمون حرمة حقوقهم عند خالقهم.

  2. والله قصة الصالح العام حتظل مصيبة تحمل وزرها الانقاذ الي يوم قيام الساعة ما لم تعيد للمظلومين اعتبارهم وتجبر ضررهم ؛ كما سنظل نحن الذين تم تعييننا في عهد التمكين نحمل جزءا منها شئنا ام ابينا لاننا صدقنا من ذكر بان الصالح العام قد استبعد الفاسدين اللاهين وعميت اذهاننا عن حقائق بان السلطة التي علي حق كان لها ان تحاكم الفاسدين لا ان تقطع ارزاقهم دون مساءلة، فهل يغفر الله لنا ؟!! ونحن حتي الآن لم نستطيع الا ان نزيد ضررهم باعادتهم المذلة !! بل لا يزال ابناءهم يعانون من التمييز السالب الذي عاني منه الاباء ! اخشي ان يأخذنا الله بجريرة سفهاءنا وما يفعلوه بابناء هذا الوطن فهل نظل صامتون ؟ والي متي ؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..