أخبار السودان

?العيد فى حلايب? والي البحر الأحمر وحكومته يؤدون صلاة العيد في المثلث المتنازع عليه بين مصر والسودان ، فما دلالات ذلك؟

الخرطوم ? الزين عثمان
في صباح العيد كانت مجموعة من القنوات الفضائية السودانية تتابع والي البحر الأحمر وهو ينتقل بطاقم حكومته في اتجاه الشمال، علي أحمد حامد كان يخبر وسائل الإعلام قبل فترة بأنه سيؤدي صلاة العيد في حلايب، بدا المشهد وكأنه يعيد مشاهد أخرى، فقبل فترة كانت كاميرات التلفزة السودانية تنقل صلاة رئيس الجمهورية من الدمازين وهو يؤدي الصلاة وسط أفراد القوات المسلحة، من أجل رفع الروح المعنوية ولإيصال رسالة مفادها (لستم وحدكم)، كلنا في خندق الوطن الواحد، وهي ذات الرسالة التي أراد إيصالها والي البحر الأحمر ساعة هبوطه في رمال حلايب التي تذروها رياح النزاع السوداني المصري حول ملكيتها. يقول علي حامد إنه هناك من أجل التأكيد على أن الأرض ستعود إلى أصحابها والتأكيد أيضاً على أن الحكومة السودانية لن تترك مواطنيها في العراء وهم يواجهون أطماع الآخرين في أرضهم وتاريخهم، وأنه مهما طال الليل فلابد من شروق فجر الخلاص.
عند صباح العيد الباكر كان ابن نهر النيل يتوشح سودانيته جلباباً ناصع البياض، دون أن ينسى أن يكمل أناقته بسديري مواطني المنطقة، ويمضي إلى هناك حاملاً رسالته أن الأرض لنا وستظل كذلك.
منذ جلوسه على مقعد الحاكم في البحر الأحمر قبل عامين، بين الفينة والأخرى تنقل وسائل الإعلام السودانية الزيارات المتقطعة لوالي البحر الأحمر إلى حيث السلك الذي تقطع خلفه القوات المصرية الأراضي السودانية في حلايب، يقف الجنرال وكأنه يؤدي للأرض التحية ثم يعود من حيث أتى، ليقول ساعتها إن القضية هي مسؤولية السلطة المركزية بالخرطوم، ربما الجديد الآن هو أن الوالي برفقة شعبه يرسل تكبيراته إلى حيث يقف الجنود المصريون شاهرين أسلحتهم خلف السياج، مثل الآخرين من بني جلدته كان الوالي وحكومته يقفون جنوب السلك، وتغلي دواخلهم حين تخبرهم أرضهم أن عودوا من حيث أتيتم،
الطريق إلى حلايب مرصوفة بحسن النوايا، هكذا بدا الأمر في خطاب الوالي، ليؤكد على سودانية حلايب وأنها ستظل كذلك ولن يغير فرض الأمر الواقع المصري شيئا في تلك الطريق المرصوفة أيضاً بالاحتلال لما يزيد عن عشرين عاما، والأرض محكومة بسياسة الأمر الواقع المصرية، الوالي يؤكد على أن الحلول للأزمة يجب أن تخضع لسلوك الحكومة المركزية وفقاً لجدلية التفاوض حتى يعود المثلث كاملا سودانيا، وأنه يجب على الاحتلال المصري مغادرة الجزء السوداني من المثلث.
ساعتان وبضع دقائق هي المسافة التي تفصل بين بورتسودان، عاصمة البحر الأحمر، ومنطقة حلايب المحتلة، الوالي في طريقه إلى هناك ولكنه هل يجد (الهناك)؟ وهل يصل إلى هناك؟
الإجابة نعم.. أدى الوالي فريضة صلاة العيد هناك لكن ليس في حلايب وإنما قريباً منها أو على بعد ما يزيد عن المائة كيلو متر في منطقة تدعى (أو سيف)، وهي قريبة من منطقة محمد قول، فبعد مغادرة محمد قول تجد لافتة كتب عليها بالعربية (مرحباً بكم في محلية حلايب)، وبعد مسيرة قليلة ستتوقف في حاضرة المحلية أوسيف العاصمة المؤقتة لحلايب، لما يزيد عن العشرين عاماً، وهي منطقة يصعب توصيفها هل هي قرية أم هي مدينة؟ المباني التي طليت بالأصفر تصلح علامة تخبرك بأن الحكومة وصلت إلى هنا في مبنى محلية حلايب في منطقة أوسيف، ربما هو المبنى الوحيد الذي لا تعلوه لافتة تخبر عنه في البلاد الممتدة، ومؤكد لا توجد راية معلقة في مدخله، الأمر هنا له علاقة بالرياح التي تقتله، ومؤكد رياح الاحتلال أيضاً تهب وبشدة في هذه المنطقة ارتفعت المايكرفونات وتم نصب خيام الصلاة وأيضاً تم تجهيز منصة الخطاب للوالي الحاضر في يوم العيد والمتيقن من سودانية الأرض.
تقدر المساحة السودانية المقتطعة من المثلث بواسطة الحكومة المصرية بحوالى 70 كيلو متر، كما أن المسافة بين منطقة أوسيف التي تدار من خلالها المحلية تبعد بحوالى 38 كيلو متر، ومؤكد لا توجد فيها قوات سودانية، لأن الوجود في هذه المنطقة يعني الاعتراف بأنها الحد الفاصل بين السودان ومصر، في هذه المنطقة ثمة قريتان سودانيتان هما قريتا قبانيت وماروب،
وفي العام 1958 وحين بدأت قضية حلايب تصعد إلى السطح، كان ساعتها رئيس الوزراء عبد الله خليل يقف وقفته الصلبة ويخرج صوتاً: ?لن نترك شبراً من الأرض السودانية?. يهبط بطائرته في منطقة ماروب وتعود القوات المصرية من حيث أتت، الجنود هناك يجعلون من نقطة توقف الطائرة مزاراً للانتماء ويسمونها في قواميسهم الخاصة بمطار عبد الله خليل.
ثمة من يقول إن هناك اختلافا كبيرا بين هبوط عبدالله خليل قبل ستين عاما، وهبوط الوالي ذات عيد، فقبل أن تستوي طائرة خليل في المكان كانت الحكومة المصرية تطالب جنودها بمغادرة الأراضي السودانية، فلا شيء يستحق أن تنزف لأجله دماء أبناء الوادي الواحد، أو هكذا قال ساعتها الرئيس المصري جمال عبد الناصر، بينما لم يصدر حتى الآن تعليق مصري على ما جرى في أوسيف حتى على مستوى الإعلام الذي كان يتحين الفرص للهجوم على السودان، خصوصا حين يتعلق الأمر بسودانية المثلث، هل لأن كل ما جرى تم في إطار اعتراف السودان بحاكمية الأمر الواقع، وفي الأصل لم يتجاوز الوالي وحكومته الأرض السودانية من أجل التعمق في المثلث المحتل والمحروس بفوهات المدافع المحمولة على أكتاف الجنود المصريين ورايتهم التي ترتفع هناك تقول للقادمين ?حسبكم فليس بالإمكان المرور أكثر حتى وإن كانت هناك حوالى سبعين كيلو متر، هي في الأصل من ضمن الخريطة السودانية?. وفي الجانب الجنوبي ليس ثمة عسكر سودانيون، فوجودهم هنا يعني اعترافهم بأن الأراضي مصرية، فقط من يستطيعون المضي أولئك الذين لا يحملون أسلحة. يخرج إليهم من الجانب الآخر عدد من الجنود تشابه لهجتهم لحد كبير لهجة أهل المنطقة.. يبادلونهم التحايا والسلام.. بل يلتقطون معهم الصور التذكارية وهم يرسمون الضحكة على وجوههم.. وحدها الدواخل تغلي حين تخبرك أرضك بأن عُدْ من حيث أتيت.. داخل السلك المكشوف يمكنهم رؤية مبانٍ للسكن بنيت من المواد الثابتة وحركة دوؤبة ربما زاد منها وجودهم غير المرغوب فيه.. كانت ساعات الصلاة في المثلث وبعيداً عن حلايب كافية لأن يعود الوالي ووفده المرافق أدراجهم ويرافقهم السؤال ثم ماذا بعد؟ وما الذي يحدث في الجانب الآخر وكيف يعيش أولئك السودانيون تحت الاحتلال، وإلى متى سنعود أدراجنا دون أن نعبر إلى نهاية حدود بلادنا؟
اليوم التالي.

تعليق واحد

  1. \نعم.. أدى الوالي فريضة صلاة العيد هناك لكن ليس في حلايب وإنما قريباً منها أو على بعد ما يزيد عن المائة كيلو متر في منطقة تدعى (أو سيف)، وهي قريبة من منطقة محمد قول،///

    NO COMMENT !!!

  2. \نعم.. أدى الوالي فريضة صلاة العيد هناك لكن ليس في حلايب وإنما قريباً منها أو على بعد ما يزيد عن المائة كيلو متر في منطقة تدعى (أو سيف)، وهي قريبة من منطقة محمد قول،///

    NO COMMENT !!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..