إقالات الزمن بدل الضائع

تزامناً مع الوضع الاقتصادي المتأزوم، وفي إطار معالجات الزمن بدل الضائع، أصدر السيد رئيس الجمهورية عمر البشير قراراً جمهورياً بإعادة هيكلة التمثيل الخارجي للسودان، في محاولة لتفادي أزمة شح النقد الأجنبي. حسبما جاء في الخبر، وترشيداً للإنفاق الذي اقتضته الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وسعياً لترقية الأداء بوزارة الخارجية وبعثاتها بالخارج وفق أقصى درجة من الفاعلية، حيث قضى القرار بإغلاق (13) بعثة دبلوماسية في الخارج بجانب إغلاق أربع بعثات قنصلية، واعتماد بعثة الرجل الواحد (سفير) في سبع بعثات دبلوماسية. كما قضى القرار بإغلاق أربع بعثات قنصلية.
هذه وغيرها من قرارات أخرى حواها الخبر الذي جاء مفصلاً القرار الرئاسي وعلى ديباجته شعار (أن تأت متأخراً خيراً من أن لا تأت). في ظاهرها معالجة لوضع منهار وفي باطنها تغليف لأمر لم يكشف عنه النقاب ولكن ومن وجهة نظري الشخصية فانه لا يخرج من إطار قرارات تمهيدية للحملة الانتخابية القادمة 2020.
فقرار إصلاحي مثل هذا ورغم انه جاء متأخراً الا انه كان من الممكن أن يكون مهضوماً لو عرَج على بقية الوزارات الأخرى وخاصة السيادية منها، حيث يبدأ الترشيد بمناصب مساعدوا الرئيس والتي أراها ويراها الكثيرون أعباء اضافية تضاف لأعباء خزينة الدولة والمواطن الذي يدفع مرتبات ومخصصات جيوش الإنقاذ من حر ماله. اضافة الى تقليص عدد الوزارات نفسها والابقاء على عدد 8 وزارات فقط والغاء مناصب وزراء الدولة وغيرها من مناصب وهمية، كذلك الغاء مناصب ما يسمى بمعتمدي شؤون الرئاسة ومعتمدوا ووزراء الحكم المحلي والتي لا يُفهم معنى وطبيعة هذه التسمية حتى الآن، مضافاً اليها المجالس التشريعية والنيابية، ولنقم بعدها بعملية جرد حسابي بسيطة لنرى حجم الأموال التي ستتوفر ويمكن أن تعالج كافة مشاكل البلاد من ازمات وقود ودواء وصحة وتعليم وزراعة وصناعة ومدخلات انتاج وغيرها من أزمات تكاثرت وتناسلت مع الوقت نتيجة سوء التخطيط والسياسات العقيمة.
والأهم من ذلك إيقاف الرحلات الماكوكية لأعضاء الحزب الحاكم والحكومة معاً لخارج السودان الا للضرورة القصوى، وترشيد نفقاتها من تذاكر ونثريات وخلافه، ونخشى ونحن في ظل الأزمة الطاحنة التي تحاصر البلاد من كافة الاتجاهات أن يكون خبر صحيفة مصادر صحيحاً بأن وزير الدولة بالحكم المحلي حامد ممتاز، سيقود وفداً يضم وزراء مالية الولايات “18 وزيراً”، بحسب الصحيفة، لحضور أعمال دورة تدريبية تستغرق اسبوعين، في جمهورية الصين. حيث اشار الخبر الى إن الدورة التدريبية تأتي على خلفية بروتكول موقع بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، ونظيره الشيوعي في جمهورية الصين.
فإن كان هذا الخبر صحيحاً ونتمنى اللا يكون كذلك، فتلك طامة كبرى ومأساة تضاف لمآسي السودان، فبعيداً عن نفقات السفر من تذاكر طيران واموال طائلة سيتم صرفها في ظل الشح الذي تعانيه الدولة، لا يعقل ان تكون الدورة التدريبية لطاقم وزاري يفترض انه جاء للوزارة وهو في كامل الأهلية، ويضم من الكفاءات ما يمكن أن تقيم دورات لصقل وتأهيل لصغار الموظفين، كما وأن الدورات التدريبية في العادة تتم للكوارد الادارية بالوزارات والمؤسسات لأنها باقية ويدخل ذلك في اطار ترقية وتطوير الخدمة المدنية بينما يكون بقاء الوزير على الكرسي يظل مرتبطاً بالتوازنات السياسية التي لا تستقر على حال. ويمكن ان تتم إقالة الوزير في رمشة عين والأمثلة كثيرة.
عموماً الوضع الاقتصادي وحسبما أرى، لن يبق على ديبلوماسي ولا وزير، بل سيتعداه للأعلى وعلى الجميع أن يتحسس موقعه ويرتب أوراقه انتظاراً لتأشيرة خروج نهائية.
الجريدة