إدارة عموم… البلْف !

الأديب المصري المعروف حسين مؤنس كتب قبل سنوات طويلة قصته الساخرة ذائعة الصيت (إدارة عموم الزير) كناية عن تفاهة شأن الزير في حد ذاته. وفي ذات الوقت تضخم أمره واندياح شأنه والانشغال به بين العباد. ودونما سخرية، نحسب أن بلفنا هذا قد بات شأنه كشأن زير مؤنس تماما. يكفي أن البلف بات يتحكم في مصير شعبين بالتمام والكمال. وهو المتحكم في أسعار السلع، وفي سعر الدولار، وفي حركة الأسواق والعقار والدواب والبغال. وأصبح وضع البلف حال كونه في الإقفال أو الفتحان، هو الذي يتحكم في درجة التوتر والغليان لا في صدور الساسة بعاصمتي السودان. بل على حدود البلدين، وفي الميدان! ولم يعد سراً أن حركة البلف وهو يدور في اتجاه الإغلاق أو الفتح يدير في حركته هذي حالة العلاقة بين جنوب السودان والسودان. فهو إما يطحن بصريره ذاك آمال الشعبين تحت الأسنان أو يطلق لتفاؤلهما العنان !
ثم يعلو شأن البلف.. ويبلغ شأواً عظيماً حين يكون هم الكبار المقيم، وقبلة عظماء القارة وحكماءها. انظر من هبط الخرطوم نهاية الأسبوع المنصرم. وجهتهم البلف ومبتغاهم أن لا يدور البلف في الاتجاه المعاكس. الآلية الأفريقية رفيعة المستوى بقيادة الرئيس ثابو ممبيكي يرافقه وزير الخارجية الإثيوبي تادروس ادهانوم. جاء الرجلان الى الخرطوم وعيناهما على البلف أن لا ينغلق. فالعد التنازلي قد بدأ لنهاية المهلة الممنوحة من حكومة الخرطوم لجوبا برفع يدها عن الجبهة الثورية. فهي تنتهي في السابع من أغسطس المقبل. وهي أصلاً مهلة إضافية، أيضاً. فالقرار الرئاسي الأول كان يقضي بأن تكون نهاية الستين يوماً لمغادرة آخر قطرة نفط للموانئ السودانية. ثم عدل لاحقاً ليكون هذا الموعد هو لمغادرة آخر برميل للحقول!
حين وصلت الآلية رفيعة المستوى الى الخرطوم، وهي تسابق دوران البلف نحو الانغلاق. كان يحدوها الأمل في أن تحصل على مهلة ماهلة من الرئيس، تضمن استمرار تدفق النفط. وكان جلياً – أيضاً – أن رجلي الآلية قد وضعا ثقلهما على لقاء الرئيس. وكانت الحجة الرئيسة التي جاء بها ممبيكي وزميله ادهانوم وطرحاها على مائدة الرئيس هي أنه لا بد من إتاحة مزيد من الوقت للجان التحقيق التي تعكف حالياً على دراسة شكوى السودان ضد جنوب السودان بدعم مناهضي النظام. وأن اللجان تعكف حالياً على جمع المعلومات والتثبت من الوقائع وتقييم البينات. ولكن مقربين من الرئيس يكشفون أن الأخير قد نسف حجة ممبيكي هذه حتى قبل أن (يتوهط) الرجل في مقعده بدفع أن ما سلمتها الخرطوم للآلية لم تكن بينات مبدئية بل هي مستمسكات قطعية. ورغم ذلك يوافق الرئيس على منح مهلة إضافية لنحو أسبوعين تمتد حتى الثاني والعشرين من أغسطس. عوضاً عن السابع منه، ولكن بحيثيات تكاد تختلف كلية عن تلك التي جاء بها ممبيكي، وهي وفق تقدير الخرطوم أن تطورات الأحداث في جوبا وما يعتور المشهد السياسي هناك يستحق. بل يستدعي التريث. ثم إنها – أي الخرطوم – حريصة على ألا ترد الآلية خائبة في رجائها. ولكن، فرجاء الآلية لا ينقطع. ورغم تأكيد الرئيس أن الأسبوعين مهلة نهائية لن تزداد يوما، إلا أن وزير خارجية اثيوبيا يعبر عن استمرار الرجاء فيطرح سؤالاً على الطريقة الإثيوبية ولا (دقيقة) يا سيدي الرئيس؟! لتأتي الإجابة القطعية من السيد الرئيس. ولكن على الطريقة السودانية.. ولا (دغيغة).

محمد لطيف
[email][email protected][/email] صحيفة الخرطوم

تعليق واحد

  1. انتو يا لطيف .. محمد لطيف ده مُش ياهو (القريب الرئاسي) القالوا عليهو ؟؟؟
    طيب .. هسي هُو أخد إذن من قريبو ده بفتح (البلف) ولاّ الحكايه (ملعوبه) ؟؟؟

  2. (البلف) اتقفل لانو في بترول بضمان ايراني جاي (ملح) من المالكي بتاع العراق
    نسبة لتّكرم (الألغاز) بدعم بشار و حزب الله وحماس و فتحها البلاد لتكون مخازناً و معبراً لسلاح قوات الحرس الثوري الإيراني .

  3. اما كفاكم دجلا يا كتاب المؤتمر اللاوطني..حسب تعليمات الرقاص كان من المفروض قفل البلف صبحية القرار المرتجل..ولكن لا انتم ولا هو ولا رجاله تحترمون قرارته..اما نحن لنا الله..ونعم بالله..ليكم يوم يا ظلمه..

  4. احنا عارفين انه البلف دا باثر في اقتصاد بلدين و في حياه شعبين و مادام انت عارف الكلام دا ما تكلم نسيبك الطفل الكبير الجهلول بالكلام دا و فكنا من النقه الفارغه بتاعتك دي قرف يقرفك انت و الشأفع المتخلف بتاعك دا .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..