وهل يفهونا أخيراً ..!

دائما تجد الحاكم الظالم محبوساً في دائرة نظرة وسمعه الضيقة التي لا تتجاوز حدود تزلف من يحيطون به من المنافقين و العلماء المدجنين و أركان حكمة ونفر من الهتيفة الذين يبيعون ذممهم بساندوتش أو توصيلة لوري أو أولئك المضللين الذين يتوهمون سداد رأي ذلك الحاكم أو قداسة نهجة أو ثورية فكره ومن ثم تصبح آلة إعلامه بوقاً مسخراً لعبادة شخصه يجمّل له قبيحه و يقبح عنده جميل مناهضيه !
الراحل صدام حسين عبأ أذنيه حتى أغرقته النشوة من عبارات وزير إعلامه الصحاف مثلما كان يكذب وزير إعلام هتلر على قائده وعلى العالم بأسره !
الراحل القذافي عاش وتقمص دوراً طاوسيا فبلغ به الظن مزهواً أنه قد كُتب له الخلود متوهما أن كل الناس من أبناء شعبه هائمون بحبه فاستغرب أن يخرج منهم جمع يقول له كرهناك .. فتساءل من منطلق فهمه ذاك مستغربا ..من أنتم !
أما الرئيس حسني مبارك فقد وضعته تلك الزمرة الفاسدة التي تدير الأمور من وراء خرفه السياسي في الزاوية المعتمة من مشهدالبلاد والذي كان يغلي تحت نوافذ عزلته .. فكان سدنته يصورون له الأمر بإعتباره مجرد لعب عيال مقدور عليه وهم يحاولون لململة أطراف الثورة التي إنداحت واسعة .. بايديهم الراجفة مستخدمين أسلحة يأسهم وقد تقلصت من الدبابات الى الجمال والخيول و التي داهمت بها عصابات النظام من البلطجية المأجورين وأصحاب السوابق والإجرام ميادين التجمعات فسقطت في أيد الثوار ولم ينفض الجمع حتى سقط النظام .. فقال الرئيس المغيب حينها . بعد إنسكاب لبن حكمه . والله ما كنتش أعرف الحاصل بره !
بشار الأسد بدأت ضده حركة محدودة قادها تلاميذ المدارس الذين هتفوا منادين ببسط الحريات وتوسيع قاعدة المشاركة في الحكم الذي إنحصر في الطائفة العلوية وفكرة البعث التي وقف حمارها حارناً في عقبة الإنفراد بالسلطة رافسا فكرة التغيير لمصلحة الأمة كلها .. ولو أنه بعث بوزير التربية والتعليم لمحاورتهم سلمياً لحل المشكلة وحفظ لسوريا ما فقدته من إنسان قتل وشرد و بناءٍ يحتاج قيام قامته على سيقانها وعمرانه وما تضعضع من ثروات ومقدرات البلاد و ما تشوه من رونقها السياحي عقودا من الزمان ولكنه بدلا عن الحل العاقل إختار رعونة الأمني فأرسل جزاريه من الشبيحة لإنتزاع حناجر من هتفوا بالحق وهم زغب ٌأحياء يتلوون من الألم !
أما الشاويش علي عبد الله صالح قال لمن خرجوا ضده فاتكم القطار ولكنه دار بذات القطار لا حقا مائة وثمانون درجة فأعاد اليمن الذي كان سعيدا الى حدِ ما بثورته عليه ..وجعله تعيسا بحرب ضروس حطت به من جديد عند محطة ظلمات عهد الإمام أحمد !
وكان بن على أول الذين فهموا أخيرا .. فقرر أن يترك الجمل بما حمل فأخذ ما خف وزنه وغلا ثمنه وهو يرف جناحه فوق سماء تونس و ينظر الى الجموع التي كانت تتجه الى قصره لإقتلاعه من الكرسي الذي سرقه في أواخر مرحلة زهايمر معلمه الحبيب بورقيبة !
أما جماعتنا فأمركم آخر لآنهم لازالوا يتحدثون بالقول الشين ولا يسمعون إلا صدى أصواتهم المشروخة التي أعياها الكذب بالشعارات الدينية !
ولكنهم ربما يفهموا متأخرين جداً هذا إن كان لهم من عقول الفهم ذرة حينما تنجح دعوة الذين يرددون آية الله الكريمة وهو أصدق القائلين
( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا )
في ترتيل تسيل له الدموع و تتكاتف حوله الجموع دون رياء .. وفي أسمى لحظات الخشوع .
[email][email protected][/email]