اخوانيو قطر وقطريو الاخوان

الحديث عن قطر ما بعد الاخوان يبدو الآن على الأقل نوعا من الرهان الغامض.

بقلم: فاروق يوسف

أكان ضروريا بالنسبة لقطر وهي بلد خليجي، حديث العهد بالثروة أن تتخذ من جماعة الاخوان المسلمين حصانا تغزو به الآخرين؟ في المقابل يمكننا أن نتساءل أكان ضروريا بالنسبة لجماعة الاخوان وهي تنظيم سياسي قديم أن تضع كل بيضها في سلة قطر، لتراهن من خلالها على مستقبلها؟

لم تكن العلاقة بين الاثنين وليدة غبار اللقاح الذي انتجه الربيع العربي.

كان هناك دائما اخوانيون في قطر، قبل الثروة وبعدها. فالامر يتعلق بالحماية لا بالتمويل الذي جاء متأخرا. كما كان هناك دائما قطريون موالين للجماعة الدينية، قبل أن تتاح لتلك الجماعة امكانية أن تحول أوهامها إلى حقائق تمشي باقدام الناس في شوارع مدن عربية عديدة، كانت القاهرة نموذجها المتقدم.

كانت هناك حاجة إلى الآخر، وضعت العلاقة القطرية ــ الاخوانية في اطارها المركب والمعقد. وهو ما كان يستشعره كل وافد عربي إلى الدوحة حين يلقي نظرة متفحصة على بنية الدولة هناك.

فقناة الجزيرة، وهي ابرز ما تملكه قطر من جهة كونها قد نجحت في تقديم ذلك البلد الناشيء إلى العالم في ظرف استثنائي كانت دائما اخوانية بامتياز، بالرغم مما تخلل تركيبتها من كادر بعثي، تم الاستغناء عنه بعد احتلال العراق.

لذلك لم يكن مستغربا أن تعلن “الجزيرة” عن انتمائها الاخواني ما أن صعد الاخوان في مصر إلى سدة الحكم. وهو ما لم يكن التراجع عنه ميسرا بعد سقوط الاخوان.

لقد نجح الاخوان في غفلة من الدول الخليجية في أن يستولوا على قطر بتقنية خفية، كان من الصعب بسببها أن يتم الفصل بين قطر كونها دولة خليجية وبين قطر باعتبارها محمية اخوانية.

ولكن أين كان الدهاء القطري من كل ذلك؟

لقد مهدت قطر للاعلان عن وجودها العالمي بشراء عقارات وأسواق ومصارف واندية رياضية. في وقت لاحق انتقلت إلى شراء الثورات والشعوب. الم يكن في إمكانها شراء التنظيم العالمي للاخوان المسلمين، مثلما اشترت جماعات دينية مسلحة عديدة، صارت توظفها في الحرب السورية؟

لم يكن في إمكان قطر الادعاء في أنها قد استولت على جماعة الاخوان المسلمين، بالطريقة نفسها التي صارت أسواق هارودوز البريطانية جزءا من ممتلكاتها. فالجماعة التي تدربت على العمل السري، كانت حريصة على أن تخفي أكثر مما تظهر. وكان لسان حالها في الدوحة يوسف القرضاوي نموذجا للنفاق السياسي.

كان المهم بالنسبة للإخوان ن تكون قطر محكومة لاراداتهم، بطريقة سلسة وغير تعسفية. لقد تسللوا إلى قناة الجزيرة برضا قطري وهو ما فعلوه في كل مرافق الدولة. “ما لم تكن إخوانيا أو قريبا من الإخوان فلن يكون لك مكان بيننا” هذه كانت معادلتهم التي نجحوا في فرضها على الدولة.

وهي معادلة سيكون التخلص من تداعياتها أمرا صعبا، إذا كانت دولة قطر مخلصة في رغبتها في العودة إلى البيت الخليجي بعد ما جرى من انهيارات. لذلك فان الحديث عن قطر ما بعد الاخوان يبدو الآن على الأقل نوعا من الرهان الغامض.

فهل ستولد قطر جديدة من بين ركام التحالفات القديمة؟

يتمنى الخليجيون أن تعود قطر إلى مسارها العربي، بشرط أن لا تكون صناعة اخوانية. وهي أمنية تصدر عن قلب مفتوح، غير أن جروح ذلك القلب لا يمكن اخفاؤها هذه المرة.

فالعلاقة القديمة والمتأصلة بين قطر والإخوان وقد انتهت إلى تكريس شرورها لا يمكن أن تنتهي بمجرد توقيع الدوحة على اتفاق رسمي، جرى في سياق الرغبة القطرية في تفادي عقوبات خليجية قد لا تكون قادرة على تحمل تداعياتها.

ما لا يمكن الحديث عنه بيسر انما يتعلق ببنية قطرية جرى اختراقها من قبل الاخوان، فهل سينجح القطريون في تنظيف بنيتهم السياسية؟

فاروق يوسف
ميدل ايست أونلاين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..