رسالة إلى السودانيين: لا تتركوا الوطن يحترق بين أيدي المتقاتلين

📝 أواب عزام البوشي
في هذا العالم المتغيّر، قد نخلط كثيراً بين مفاهيم البطولة والشجاعة، بين من يرفع السلاح ومن يحمي حياة الأبرياء، بين من يهدم ومن يبني. لكن الحقيقة التي لا جدال فيها: أن الشجاعة الحقيقية لا تبدأ من فوهة بندقية، بل من قلب إنسان يخاف على وطنه، ويحمي شعبه، ويمنع الشر قبل أن يولد. الشجاعة ليست صخب المعارك، بل هي ذلك الجندي الذي يسهر على حدود وطنه في صمت، والطبيب الذي ينقذ الأرواح تحت وابل القصف، والمعلم الذي يغرس في طلابه معنى الانتماء، والمواطن الذي يرفض الانزلاق في خطاب الكراهية ويختار طريق الوعي والسلام.
وفي السودان، الذي يئن من جراح الحرب والخذلان، تكون الشجاعة اليوم أن نقول الحقيقة، وأن نحمي الإنسان قبل الأرض، وأن نتوقف عن حرق ما تبقّى من أحلام في قلوب الناس. شجاعة السوداني اليوم هي أن يرفض أن يتحوّل إلى وقود لصراع الآخرين، وأن يتمسك بوطن موحّد، آمن، يسع الجميع. أوقفوا هذه الحرب اللعينة، ففي الفاشر، حيث تمطر السماء بالرصاص، يموت الأطفال الأبرياء من القصف والدمار بينما العالم يصمت. إن الشجاع حقاً هو من يرفض أن تتحول بلاده إلى مسرح لصراعات لا تنتهي، من يرفع صوته دفاعاً عن حق الناس في الحياة الكريمة، من يقدّم روحه لا ليقتل، بل ليحمي. وما أحوجنا اليوم، في ظل ما نعيشه من ألم وشتات، إلى هذا النوع من الشجاعة. شجاعة العقل، لا الانفعال. شجاعة البناء، لا الهدم. شجاعة الإنسان، لا الميليشيا.
الشباب هم روح الأمة ومستقبلها، وشجاعتهم الحقيقية تكمن في رفض العنف والمشاركة الفاعلة في بناء السلام. المجتمع المدني ومبادرات القبائل هم الجسر الذي يوحّد بين السودانيين ويزرع بذور التفاهم. النساء السودانيات، اللاتي يحملن أثقال الحرب، هن أعظم روافد السلام ونبض الوطن في زمن الشدائد. ولا يضعف الأمل في قلب كل سوداني يحمل أمل التغيير، فالأمل نور ينير طريق الحرية والكرامة. والوحدة الوطنية هي الشجاعة الكبرى التي تحمي السودان من الانكسار وتحفظ مستقبله.
الوطن ليس أرضاً فقط، بل كرامة، وأمان، وأطفال يلعبون دون خوف. والوطن لا يحيا إلا حين نجد فينا من يقول “كفى”، ويمنع الدماء قبل أن تسيل، ويزرع بدلاً عنها خبزاً وعلماً وأملاً. فلتكن شجاعتنا أن نحمي، لا أن نفجّر. أن نحاور، لا أن نقتل. أن نطفئ نار الفتنة لا أن نزيدها وقوداً. قد يبدو طريق السلم صعباً، ولكنه وحده الطريق الذي يعبر بنا إلى وطن نستحقه ونفخر به.
يا لبتهم يفهمون هؤلاء المجرمون