القمح زمان .. وحصاد هذا الزمان ..!

حقاً تشابه علينا البقر حتى نحن أبناء الجزيرة الذين ارتوينا من قنواته وترعه التي كانت تفور كالمراجل حتى نخرت جرثومة البلهارسيا في إمعائنا ونزفت عبر السبيلين و قطعت حقن الأنتمون والفوادين أفخاذنا الصغيرة الى أن بلغنا معها مرحلة العلاجات الحديثة وكنا متمسكين بارضنا رغم كل المتاعب والشقاء وذلك المرض وقسوه مداوته لأنها تمثل عرضنا وشرفنا .!
ولكن لم نعد في هذا الزمان مدركين حقيقة لمن أصبحت أحقية هذا المشروع التي كانت إدارته في زماننا إنسيابية في تسلسلها مثل هندسة الري فيه والتي لم تكن من شدة وقوة إندفاعها تخطي طريقها من خزان مكوار وحتى آخر تقنت في أعالي تاسع بيت في حواشات التفاتيش عند تخوم العاصمة المجاورة له شمالا!
تلك الإدارة تبدأ من المحافظ الهيبة الذي كان بحجم رئيس دولة ويأتي بعده المدير العام ومثله الزراعي وهما بمثابة رئيس الوزراء ونائبه و من ثم يكون مديرو الأقسام في سلطة الولاة والباشمفتشين بدرجة المعتمد و المفتش كان يقال له جنابك ليس نفاقا أو خوفا وإنما لآنه كان ضابط المجلس الذي يشرف بحكم تخصصه كزراعي على أدق مراحل الزراعة منذ بذر التيراب في التربة وحتى يوم الحصاد الذي كان شراكة بين إدارة المشروع وهي تمثل الدولة والمزارع الذي يحرص على كثافة إنتاجه في شتى المحاصيل لآنه صاحب مصلحة حقيقية وليس أجيرا ولا مدينا لبنك وهو الذي ينتخب إتحاد المزارعين الذي يثق فيه ليقف خلفه عضداً له وليس عاضاً لكتفه ..وكان المزارع يشارك بماله في المشاريع الإنتاجية الموازية كالمطاحن ومصانع النسيج و فابريكات الحلج والقشارات وماكينات تحزيم الأعلاف وخلافه !
ولاننسى إنسيابية الإدارة الفنية في نظام وزارة الري التي من فرط أهميتها أن كان وكيل الوزارة مقره في عاصمة المشروع ود مدني .. ويتبع له فريق من المهندسين المنتشرين في كل مكان يتنزل إشرافهم الى درجة الباشخفير و الخفراء والصمودة وفي كل قنطرة لديهم عامل وهاتف لتملية المناسيب أولا باول هذا فضلا عن عمال مكافحة الحشائش التي تسد طريق المياه !
فمن اراد حصادا من سنابل القمح التى جف حلقها فلفظت مافي جوفها من طول إنتظار الحاصدات المضروبة ..لا يستقيم أن يدعم فسادا طال كل شبر في المشروع فانتفع رجال الإتحاد وأقارب الحكام من تشليح المكاتب وسراياتها و أسسوا لآ نفسهم مؤسسات وهمية تقترض المليارات من المصارف ولا ترد .. بينما يقبع المزارع المُعسر الذي بات أجيرا مدينا في السجن الى حين السداد !
كان رجال الإتحاد التعاوني في زمن النزاهة والشفافية والإخلاص لأهلهم ومخافة من الخالق أمام ضميرهم الوطني يذهبون لإستجلاب الحاصدات من منشأ صناعتها في المانيا وسويسرا ويتعاطون في شرائها بنظافة اليد و التقيد بجودة المواصفات .. وهي ليست كالخردة التي تأتي من بلاد تصدر لنا سقط متاعها لآن من يمثلوننا في عقد الصفقات هم من المنتفعين من خراب بيوت المزارع وهم يعلمون أنه لو ظل منتجا مقتدرا لضاعت مصلحتهم ولتضعضعت سلطتهم ولغضب منهم سادتهم في الخرطوم !
فحينما تغيب هيبة الدولة في المشروع الممثلة في محافظه وإدارته .. تنحدر درجة الخبرة .. وتتشتت المعينات ..!
طبعا لسنا مع عودة تلك الإنسيابية مترهلة لتصبح حملا ينوء به كاهل المشروع ومزارعيه و تنحسر بالتالي درجة مساهمته في الخزينة العامة ويتحول الى مستودع لفائض العطالة .. ولكننا مع الترشيد المدروس الذي يوازن بين البنود وفق الصالح المطلوب بالحاح !
من اراد ان يعيد المشروع لسيرته الأولى .. فليعد عقارب الساعة الى ذلك الزمان وهو أمر مستحيل التحقق ..و لسنا نعول على ذلك الأمر كثيرا لآن النظرة الى معطيات الحاضر و مستجدات المستقبل هي التي يجب أن تجعلنا نضبط حركة الساعة على زمن اليوم و السير في إتجاه الغد !
فالذي ضاع في أرض المشروع ليس القمح الذي نثرته رياح الفساد ولا هو القطن الذي تم تحويره فغدا كالنعجة دولي .. وإن كان أبيضا ناصعا شكلاً ولكنه يصبح كالبغل الذي ليس له مستقبل إنجاب.!
ولكن إنتهى المشروع لان مسألة بقائه قويا تكون دائماً ضد قوة سلطة الذين إغتصبوها في ليل بهيم لا ينسجم سواده مع بياض نية أهلنا التي تناطح لونية قطنهم ذلك الأصيل غير المزور و المتشبع من سماد ليس فاسدا .. فليس من أمل مع كل ذلك التردي أن نأكل قمحاً مما نزرع .!
بل سيطول بنا الإنتظار ونحن جوعى طالما سكتنا على عدم إستئصال كل الآورام التي فتكت بمشروعنا و زادت من وجعنا .. تلك الأفلام المملة و الأسطوانات المشروخة مما نرى ونسمع !
كان وكان وكان وكله أصبح في خبر كان يا أستاذ برقاوي ، كن ننام سعيدين ومتفائلين ومرتاحي البال وأصبحنا لا ننام إلا بعد أن يهدنا التعب والهموم والكدر ، كنا لا ناكل سوى لحم الضان وأصبحنا لا نشم رائحته إلا في منازل وقصور سادتنا الجدد أو عندما يكرمنا الله بسماية أو كرامة أو حولية أو أي عزومة عابرة بل نذهب أحيانا من غير عزومة ضاربين كرامتنا وعزة نفسنا بعرض الحائط ، كان هناك إنسان سوداني فأصبح شبحا لما كان عليه بالأمس ، وكان ياما كان في قديم الزمان
يا برقاوي أسألك بالله أن تقول خيرا أو تصمت. حتى الأسبوع الماضي تم حصاد ما يفوق ثلاثة ملايين جوال قمح ( 3000000مليون جوال ). وما زال الحصاد مستمرا حتى يوم 20 من شهر أبريل الحالي، يعني حصاد القمح هذا الموسم قد يفوق أربعة ملايين جوال. منذ متى كانت الجزيرة تنتج هذه الكميات المهولة من القمح ؟ أما القطن فقد أصبح سلعة بايرة مع دخول مواد اصطناعية synthetic أرخص سعرا وأفضل جودة لصنع الملابس بأنواعها المختلفة. لا تبخسوا الناس أشياءهم يا برقاوي ، انتظر إلى الموسم القادم وسوف ترى أن السودان لن يستورد قمحا ولا دقيقا. انتظروا إنا معكم منتظرين !
يا برقاوي أسألك بالله أن تقول خيرا أو تصمت. حتى الأسبوع الماضي تم حصاد ما يفوق ثلاثة ملايين جوال قمح ( 3000000مليون جوال ). وما زال الحصاد مستمرا حتى يوم 20 من شهر أبريل الحالي، يعني حصاد القمح هذا الموسم قد يفوق أربعة ملايين جوال. منذ متى كانت الجزيرة تنتج هذه الكميات المهولة من القمح ؟ أما القطن فقد أصبح سلعة بايرة مع دخول مواد اصطناعية synthetic أرخص سعرا وأفضل جودة لصنع الملابس بأنواعها المختلفة. لا تبخسوا الناس أشياءهم يا برقاوي ، انتظر إلى الموسم القادم وسوف ترى أن السودان لن يستورد قمحا ولا دقيقا. انتظروا إنا معكم منتظرين !