سلاح المعركة

تمورُ الأرضُ فيما يبدو بخلافات عميقة تكادُ تأخذ بخناق ونواصي وأقدام المؤتمر الوطني الحاكم… الموضوع الخلافي الأكثر عُمقاً كما يتراءى من خلال بعض المعطيات والمؤشرات، هو التباين “المكبوت” حول إعادة ترشيح الرئيس البشير في انتخابات 2020م…. هذا التباين من فرط حساسيته الشديدة لا يُعبر عنه أكثر الأعضاء جرأة إلا بابتسار شديد وإشاراتٍ تكفي اللبيبَ وحسب، لكونه مُحاط بملفات خطيرة للغاية.. فأكثر الأعضاء جرأة إذا ما سألت يجبك بأن هذا الأمر لم يُطرح حتى الآن للنقاش وأن وقته لم يَحن بعد، باستثناء الدكتور أمين حسن عمر الذي جاهر برأيه في هذا الصدد منذ العام 2015م وحتى اليوم.
الإسلاميون في الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني يتراءون على أنهم متنازعون الآن بين شعورين متناقضين… الأول يرى أن إعادة ترشيح البشير هو صمام الأمان لأوضاعهم “الخاصة” السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن وجود البشير على سدة الحكم ضمان لاستمرار “أمجادهم” التي اكتسبوها باستمرار “الإنقاذ” في السلطة لثلاث عقود.. وأن زوال سلطة البشير ستكشف ظهورهم لسياط المحاسبة و”الفلفلة”… والثاني شعور يُعبر عن ضرورة احترام المواثيق والعهود والدستور والمؤسسية، هذا الشعور المتناقض مع وضد، يحمله كل أعضاء المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية لأسباب تخصهم وحدهم…
الإسلاميون الآن منقسمون على أمر إعادة ترشيح البشير إلى ثلاث طوائف: الأولى مؤيدة وصاحبة صوتٍ عالٍ وجهير… الثانية رافضة لكن هذا الرفض لم يتجاوز المجالس الخاصة.. باستثناء أمين حسن عمر وقليل ما هم… الثالثة وهي الأكثرية وهذه الطائفة تستعصم بالصمت فلا هي عبرت عن رأيها بالتأييد ولا هي جاهرت بالرفض، وذلك ربما لإعطاء نفسها مساحة من المراوغة واللعب على الحبلين..
أتوقع أيضاً أن تحتدم الحرب بين الطائفتين الأولى والثانية، وأن السلاح الوحيد الذي يُتوقع أن يستخدم لحسم المعركة هو التلويح بـ” ملفات الفساد”…
بات جلياً أيضاً من خلال كثير من المؤشرات والمعطيات وقرائن الأحول أن ثقة الرئيس في كثير من المدنيين قد تناقصت بشكل واضح، ولعل لجوء الرئيس إلى المؤسسة العسكرية والأمن والدعم السريع والدفاع الشعبي ومخاطباته لتلك المؤسسات في الآونة الأخيرة وإحياء بعث كتائب الجهاد والتركيز على تحديث الجيش وتسليحه، كل تلك الخطوات تعزز تلك الفرضية… كما أن تكوين مجالس رئاسية خصمت كثيراً من صلاحيات مجلس الوزراء ووزارتي المالية والخارجية أيضاً يصب في ذات الاتجاه..
ثم يبقى القول أن ما يحدث الآن يمضي في اتجاه الانقلاب الناعم ويمضي أيضاً في اتجاه سحب صلاحيات الجهاز التنفيذي الذي يسيطر عليه المدنيون…
اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
الصيحة