فاطمة أحمد أيقونة السودان الأخيرة

فاطمة أحمد أيقونة السودان الأخيرة
وسط هذا الزخم الذي انتصب الاسافير والصحف السيارة ، يرن في أذني صوت فاطمة وهي تقول ” يا ربي ان عملتا شنو… انا غلطا في شنو ” كان ردنا دوما بانها قد قدمت ما عجزت عنه هياكل!، فليتها تطل اليوم لترى وتسمع بانها ما قدمت إلا كل خير لبنات وابناء هذا الوطن فقد تسابق ليوم شكرها كل أطياف المجتمع السوداني بلا إستثناء، حتى أولئك الذين أقلقت مضاجعهم كريزما بنت السودان ” التي استولدته يوم أن رفعت شأن نصفه المقهور “، وهاهم اليوم يتبارون في ذكر افضالها أو محاولة النيل من أفعالها.
لقد كانت فاطمة تبحر بعيداً عن أهواء من يمتهنون السياسة جاهاً وسلطاناً لذا كانت في رقدتها الاخيرة تبتسم لزوارها بمختلف مشاربهم، و تخنقها العبرات في معية أطفالهم، وتشد من أزر شبابهم فهي كانت مطرقة في وجه سلاطين الجور وحكام الشعوب المقهورة، و كانت ملجأً للمضطهدين والمهمشين و المشردين، اناثاً وذكوراً ولم تكن تلتفت لمن يعوي او تعوي خلف ظهرها ومن ينبش او تنبش في مسيرتها، تلك المسيرة التي أشعت نوراً، نور أضاء دروب البسطاء ومهر حقوق النساء فكان إن احتفى بها الغرباء قبل الأقرباء و معارضيها قبل مناصريها، فقد تسلمت قيادة الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي واحتفت بها منظمة الأمم المتحدة و احتفى بها رعاة جائزة إبن رشد الالمانية وجامعات عدة، بل سعت نساء الفلبين لتكريمها ولم يقعدها عن تلبية دعوتهم الا نوائب دهر وظلم ذو القربى، قربى نذرت لها حياتها ولم يدركها هؤلاء إلا عند مماتها.
فهل ينجب السودان الذي كان! من هو في قامة فاطمة، المشهد الذي أرق فاطمة بأكثر مما أصابها في شخصها هو إنفصال نصف الوطن على أيد فئة باغية واعلاء نعرات عرقية وروحية مزقت لحمة وطن طالما ناضلت فاطمة ورفيقاتها من اجل وحدة مجتمعه.
دلق حبر كثيف يوم أن غادرتنا أيقونة النضال السوداني وتشبث بأهداب كفنها من ناصبوها العداء ورموها بجسدها النحيل في المنافي لكن عزيمة وشكيمة كنداكة العهد الجديد أخرستهم حتى في غربتها، فسعى من حاول إغتيال أمانيها ووأد نضالاتها أن ينعم بالسير خلف جثمانها، و ليتهم تركوه فحرقة الهزيمة لأشد إيلاما عند من يدعي الطيبة والتخلق بأخلاق إنسان السودان، فهولاء نبذهم يتأتى حين يصيبهم الهلع برؤية هذه الجموع الهادرة تغلي وتهدف في تشييع رموز نضالها.
اليوم وقد تيتم النضال السوداني فليذكر التاريخ أن فاطمة كانت لنا غدوة في رفض الظلم وتشبث البعض باهداب قتلة مأجورين تحت مسميات تنظيماتٍ متأسلمة، فلترقد سيدة النضال، راية أخذت بناصيتها نصف قرن من الزمان لن تنتكس ويشهد على ذلك يوم مأتمها.
د. العوض محمد أحمد
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. كنت تشعر بفرح طفولى فى عينيها عندما يناديها شخص يا فاطنة . كهذا كان يناديها اهلنا فى الريف الذى جابته فاطنة تبث الوعى وبوعى تام بالالتزام بالموروثات والقيم السودانية الاصلية . كانت تتكلم بلغتهم وتندمج فى مجتمعهم وهذا سر عبقريتها فى العمل العام . علينا ان ننتظر طويلا حتى تأتى فاطنة اخرى .

  2. حكت رحمها الله لاخيها صلاح والذي رحمه الله اورد الحكاية في المجلة الفلسطينية ذائعة الصيت يومها قصة الراعي البسيط من شرق السودان والذي اتي اليها حين سمع ان انتخابها عضوة في البرلمان يعني الدفاع عن نساء السودان .. طالبها ان تسترد لزوجته حقها في الميراث الذي استولي عليه اخوتها الذكور! اوضحت له بعد ضيافته انوتطييب خاظره ان ذلك ليس في يدها فهي ليست قاضية ولا محامية ولكن سوف تنظر في امره ما وسعها .. الشهيد الشفيع كان حاضرا ومستمعا رحمه الله وراي حال الرجل فاعطاه خمسة جنيهات وحتي لا يحرجه ولعلمه انه راعي خراف وغنم قال له” اشترِ لي نعجة وخليها معاك” ثم قدر ان المبلغ بسيط (ولم يكن بسيطا وقتها) اعطاه خمسة جنيهات اخري قائلا ” خليهم نعجتين” ..مر دهر طويل علي ذلك حين فوجئت فاطمة به يطرق عليها الباب ! رفع الفاتحة علي روح الشفيع معتذرا بحرارة انه لم يسمع بخبره واضاف : اها النعجتين بقن مراح كبير نبيعو ليكم ولانخليه يكبر .. اوضحت له فاطمة ان صاحب الوديعة قد مضي الي رحاب الله وانها اصبحت حلالا عليه وبرضاء كامل منها ! وقالت لاخيها ما معناه : هؤلاء العظماء كل كفاحنا من اجلهم (هبوب ساكت) بالمقارنة لعظمة نفوسهم) ! وعظمة نفسك يا رحمك الله

  3. كنت تشعر بفرح طفولى فى عينيها عندما يناديها شخص يا فاطنة . كهذا كان يناديها اهلنا فى الريف الذى جابته فاطنة تبث الوعى وبوعى تام بالالتزام بالموروثات والقيم السودانية الاصلية . كانت تتكلم بلغتهم وتندمج فى مجتمعهم وهذا سر عبقريتها فى العمل العام . علينا ان ننتظر طويلا حتى تأتى فاطنة اخرى .

  4. حكت رحمها الله لاخيها صلاح والذي رحمه الله اورد الحكاية في المجلة الفلسطينية ذائعة الصيت يومها قصة الراعي البسيط من شرق السودان والذي اتي اليها حين سمع ان انتخابها عضوة في البرلمان يعني الدفاع عن نساء السودان .. طالبها ان تسترد لزوجته حقها في الميراث الذي استولي عليه اخوتها الذكور! اوضحت له بعد ضيافته انوتطييب خاظره ان ذلك ليس في يدها فهي ليست قاضية ولا محامية ولكن سوف تنظر في امره ما وسعها .. الشهيد الشفيع كان حاضرا ومستمعا رحمه الله وراي حال الرجل فاعطاه خمسة جنيهات وحتي لا يحرجه ولعلمه انه راعي خراف وغنم قال له” اشترِ لي نعجة وخليها معاك” ثم قدر ان المبلغ بسيط (ولم يكن بسيطا وقتها) اعطاه خمسة جنيهات اخري قائلا ” خليهم نعجتين” ..مر دهر طويل علي ذلك حين فوجئت فاطمة به يطرق عليها الباب ! رفع الفاتحة علي روح الشفيع معتذرا بحرارة انه لم يسمع بخبره واضاف : اها النعجتين بقن مراح كبير نبيعو ليكم ولانخليه يكبر .. اوضحت له فاطمة ان صاحب الوديعة قد مضي الي رحاب الله وانها اصبحت حلالا عليه وبرضاء كامل منها ! وقالت لاخيها ما معناه : هؤلاء العظماء كل كفاحنا من اجلهم (هبوب ساكت) بالمقارنة لعظمة نفوسهم) ! وعظمة نفسك يا رحمك الله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..