طلب موت

ورد في صحيفة آخر لحظة الصادرة يوم الخميس الماضي أن مواطناً تقدم بطلب لمجمع الفقة الإسلامي يستفتيه بالموت الرحيم لإبنه الذي يبلغ عمره عاماً ونصف وهو يعاني من تشوهات في القلب منذ الولادة و يحتاج لعملية في الهند اعتبرها مكلفة مع أن قيمتها 7500 دولار ما يعادل بالجنيه اليوم 150 ألف جنيه فقط لاغير ، هو ليس مبلغاً كبيراً فهذا المبلغ يمكن لأي مسئول أن يأخذه من خزينة الدولة ولا أحد يسأله أو ينتبه إليه لتفاهته ، ولكن لأن الإنسان أصبح لا قيمة له لدى الحكومة فكثيرون يموتون لأنهم لم يجدوا علاجاً لا يتجاوز سعره عشرة دولارات.
لا أحد يستطيع أن يتصور إحساس هذا المواطن حين خطرت له هذه الفكرة فهو يمر بهذه التجربة للمرة الثانية، فقد سبق وأن مات له طفل بنفس المرض، السؤال الذي يفرض نفسه هل يعقل أن تكون الحكومة عاجزة عن علاج مثل هؤلاء الأطفال علماً بأنه ليس هو الطفل الوحيد الذي يعاني من مشكلة صحية ويحتاج إلى عملية ويواجه أهله نفس المأساة ولكنهم لم يطلبوا مساعدة الحكومة لأنهم يعلمون النتيجة مسبقاً، المواطن الوحيد الذي طرق بابها لم يسألها مساعدة بل فتوى تجوز إنهاء معاناة ابنه بالموت الرحيم، فهو يرى في الموت رحمة له مثل الكثيرين الذين أصبحوا يختارون الموت لأنفسهم انتحاراً، ولا شك أن الخيار ليس سهلاً عليه ، فالموت حين يأتي قدراً ويخطف فلذات الأكباد لا يستطيع أحد تحمله بسهولة فما بالكم حين يراه الوالد أفضل خيار لفلذة كبده؟! .
كثير من المواطنين في ظل حكومة المؤتمر الوطني لديهم أعزاء يعذبهم المرض ليل نهار ولا يجدون الدواء ويعيشون بصبر وجلد يستعجلون حكم القدر فالموت أصبح في هذه البلد فعلاً رحمة لأن الحياة نفسها أصبحت موتاً بطيئاً ، ولا أشك إن هناك كثيرون قد تمنوا الموت لمرضاهم حين عز عليهم العلاج ولكنهم لم يملكوا الشجاعة الكافية لطلب الموت الرحيم فالفكرة رهيبة ، و المواطن الذي طلب الفتوى من مجمع الفقه ليس أشجع منهم ولكنها الصدمة واليأس والإحباط ، وإن أفتى ديوان الفقه الإسلامي بالموافقة فإنه سيجد أمامه طلبات كثيرة كل لديه عذر أبلغ من الآخر.، إنها بشريات الحوار الوطني.
لا أعتقد أن الموت الرحيم يحتاج إلى فتوى من ديوان الفقه الإسلامي ويكفي أن يتقدم المواطن بطلبه لوزارة الصحة ولا شك إنها ستوافق وستكون الفكرة بالنسبة لها مقبولة خاصة لو اصطحب المواطن مع آخرين ودفعوا رسوم موت، حينها ستفتح وزارة الصحة مستشفيات للموت الرحيم وستعلن لكل من لديه الرغبة لإنهاء معاناة قريبه المريض أو يرغب هو نفسه في الانتحار والخلاص من الحياة ما عليه إلا أن يدفع آخر رسوم في حياته لوزارة الصحة وهي لن تتردد أن تتحمل كامل الذنب فهي أصلاً وظيفتها القتل بالإهمال والاستثمار والفساد، وبالمرة يكون وزير الصحة مأمون حميدة اصطاد عصفورين بحجر كسب مال وتخلص من المرضى (المضايقنوا) في الخرطوم.
التيار
الركادة زينة