بعيداً عن التهويل والتبخيس..(انقدت) من حلفا الجديدة

بسم الله الرحمن الرحيم
جذبت حلفا الجديدة الأضواء عبر حادثتين لهما رمزيتهما الكبيرة ومغازيهما للوطن الكبير.
الأولى بمثول مديري مدرستي أرقين ودبيرة الثانويتين أمام القضاء..الاستاذين الجليلين أحمد حسن ومحمد مبارك ،لمديونية المدرستين لدي بقالات لإطعام طلاب وطالبات الداخلية لعدم سداد الولاية .
أما الثانية ، فلتحرك طلاب داخلية كليتي الزراعة والتربية وإحراق مكاتب صندوق دعم الطلاب والمواجهات التي تمت مع الشرطة والإصابات بين الطرفين.
ونبدأ بإيجاز أسباب الأولى. فنظام غذاءات الداخليات ، قد اختار أهون الشرين وأقلهما تكلفة . لتفادي الأرباح العالية لمتعهدي الغذاءات، وإيكال الأمر على لجنة بالمدرسة بالشراء المباشر وتسديد المبلغ من قبل المالية الولائية.وقد انتظمت العملية لسنوات طويلة رغم وجود بعض الثغرات.وكانت المدارس تستدين بعلاقاتها من السوق حتى السداد .ولكن مع الأزمة الاقتصادية وتحويل كل أموال الولاية للدورة المدرسية. لم تقم الولاية بالسداد للفترة الأولى وربما تحت ذريعة ضبط الصرف .أما في الفترة الثانية ، فقد استفادت الولاية من فائض غذاءات الدورة المدرسية فيما يبدو..واتت بالغذاءات عيناً مع دفع تكلفة الوقود والخبز . ووصل الأمر في هذا العام إلى تزويد المدارس بالفول المصري والفاصوليا والعدس ودفع مبلغ الخبز فقط !!!. تم شطب القضية بتحرير محام لم يرض بمثول المديرين أمام القضاء صكاً بالمبلغ. والنتيجة ، مرور لجان على المدارس الداخلية كلها وطلب الاحتياجات والمديونيات لسدادها !! ؟؟ ولم يُجد (تحصن )الولاية (المسحورة) على رأي واليها للالتفاف على واجبات الولاية نحو الداخليات.
أما الحادثة الثانية ، فكانت باحتجاج طلاب داخلية كليتي الزراعة والتربية أساس لتردي خدماتهم وقيامهم بحرق مكاتب صندوق دعم الطلاب المجاورة لمخازن ديوان الزكاة والمواحهات بين الشرطة والطلاب .وعملت القوى الأمنية على عزلهم من السوق وتفريقهم بإطلاق قنابل الغاز التي تاثر بها تلاميذ مدرسة أساس خاصة. ها نحن مرة أخرى أمام عجز حكومي في مقابلة استحقاقات لا فرار منها. الكل بالطبع يدين إتلاف الممتلكات العامة والسلمية هي دائماً شعارات المعارضة المدنية .ومن الطبيعي هنا تضخيم الأمر من قبل بعض معارضي النظام في المواقع الأليكترونية ، عندما يتحول الجميع إلى ناقلي أخبار لا احترافية فيها. ومن الطبيعي أيضاً تفهم تبخيس مؤيدي الحكومة للأمر بأنها محض أحداث مطلبية تخص الطلاب وحدهم. لكن الواقع يطرح التساؤل المهم : وهل هنالك فصل بين المطلبية والسياسة ؟ ألا تطالب المعارضات بذهاب الأنظمة وتتظاهر جماهيرها لمطالب عجزت الحكومات عن الإيفاء بها؟
تحليل مغازي الواقعتين يقول بوضوح جملة بسيطة : مواجهة عجز النظام عن القيام بواجبه بوسائل مختلفة تجبر الأجهزة الحكومية والسياسية على التحرك وتقلق مضاجعها .وقد تم التحرك في الأولى مباشرة من الولاية لتدارك عجزها ، والذي لا يمر بدون (تحميرة عين) من المركز.أما الثانية فقد حركت كل ساكن.
لكن الهم في تقديري ،هو أن النظام بالطبع في هذه الظروف ، يسعى جاهداً بكل أجهزته لتلافي أي أحداث شغب حتى لا تصبح شرارة يصعب إطفاؤها.وغني عن القول أن كل الأجهزة السياسية والأمنية في كل الدولة .تُضغط لكيلا تكون الثغرة من قبلهم. وما حدث يقول بوضوح للأجهزة الحكومية في الولاية والمركز بأنها (انقدت) من حلفا الجديدة وولاية كسلا التيكما نقل عن واليها قد (تحصنت من عيون الحاسدين )في أكثر مظاهر تغبيش الوعي وصرف الأنظار عن عجز النظام. وسيأتي الدور على الولايات التي لا تستطيع ، ولن تستطيع التحصن.ويتسع الفتق على الراتق.