أزمة «أبيي» ولحظة التشظّي

لِمَن فاتتهم تفاصيل «التكوّن القُطري»، أو الوطني،كما يُحب البعض تسميتها، ولِمَن يعوزهم الخيال والمعرفة التاريخية، في تصوّر ما حدث في العقود الأولى من القرن العشرين، في القارة العربية، الممتدّة من الماء إلى الماء، ها هو زمن «الحقبة الأمريكية» الجديد يُقدّم لهم فرصة أخرى، لرؤية المشهد حياً، وعلى الهواء مباشرة. مع فرقٍ بسيطٍ واحدٍ، هو أنّ مَن يعرف ويُدرك لماذا تحدث الأشياء وكيف كانوا قلّة آنذاك، إضافة إلى «المُستعمِر»، الذي كان يدير كل عناصر المشهد و»سناريوهاته»، أما اليوم، فإنّ الجميع يعرف ويدرك كلّ شيء، ولا عذر لأحد.
فالسودان، الذي هو آخر الجغرافيا العربية عمقاً في إفريقيا، يتشظّى قُطرياً أمام الجميع، ومِن دون أن يتمكّن أحدٌ من وقف حالة التشظّي تلك. فبعد سنوات، من دحرجة الحالة السودانية إلى حقيقة إنفصال جنوبه عن شماله، كحتمية لا مفرَّ منها، بضغوط ومؤامرات وإغراءات، دولية وإقليمية ومحلية، سبقها عجزٌ وتقصير داخلي، ناهيك عن العربي، ها هي الأزمة يعاد اختصارها، في عنوان جغرافي صغير ولكنّه كاشفٌ، تحت إسم «أبيي».
على سطح منطقة «آبيي» الحزينة، الواقعة على «حدود..!» شمال السودان وجنوبه، لا يتبدّى للناظر سوى تلك المجموعة من الخيام وأشباه المنازل الطينية، إضافة إلى أسواق بدائية، وشوارع ترابية. أما في جوف أرضها، فإشاعات لا حدّ لها، نشرها المستكشِف الشره نفسه، الذي عرفه أسلافهم في بدايات القرن العشرين، بأنّ بلادهم الصغيرة «تعوم على بحر من النفط»، لتتأجّج غرائز الجائعين والمحرومين والمظلومين هناك، وهم الأغلبية، بآمالٍ وأوهام مفتوحةٍ على جدل الإنفصال والاستئثار بالموارد. فتستحيل «أبيي: المنطقة، والمحلية، والمنطقة المحرّرة..!» إلى «بيضة قبان» في التسويةالمأمولة، أو المتوقع إنتاجها في فترة ما بعد الاستفتاء الذي جرى فى التاسع من يناير الجاري ، ليتحدّد فيه وبه مصير السودان في الوحدة أو الانفصال..!؟
لا شكّ أنّ «آبيي» قد أنهكها وأهلها، المختلفين، عرقاً وديناً، ما عاشوه من حروب وموجات عنف عديدة. وعلى الرغم من ذلك، فقد عادت المنطقة، بما أوردته التقارير الغربية، حول اختزانها وإنتاجها من النفط، لتكون محطّ اضافة إلى المهتمين بها في العالم، والطامعين والطامحين بالسودان وبمستقبل جواره أيضاً. لكلّ هذا ولغيره، تحولّت «أبيي» إلى «بوصلة أمنية» لمصير المنطقة وجوارها المعقّد والمركّب في آنٍ معاً.
جغرافياً، تقع منطقة «آبيي» المتنازع عليها في غربي منطقة «كردفان». تحدّها من الشمال مناطق يسكنها أفراد من قبيلة المسيرية، وجنوباً بحر العرب القريب منها. ويعيش فيها مزيج من القبائل الأفريقية مثل «الدينكا»، التي يدين معظمهم بالديانة المسيحية، وكذلك القبائل العربية مثل المسيرية والرزيقات. ويدّعي كل طرف سيادته التاريخية على المنطقة، معتبراً الآخرين بـأنهم»غرباء». وتُعتبر «آبيي» منطقة تداخل بين المسيرية الشمالية، وهم من الرعاة، وبين «الدينكا» الجنوبية، وهم من رعاة الأبقار أيضا. ويعود تاريخ التداخل في «آبيي» إلى منتصف القرن الثامن عشر تقريباَ . وقد ظلّت «آبيي» تتبع إداريا للشمال، لكنها تحوّلت حالياً إلى منطقة نزاع بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، التي تريد ضمها إلى الجنوب، خصوصاً إذا ما نتج عن الاستفتاء المرتقب فصل الجنوب نهائياً في دولة مستقلة عن السودان.
أما التنازع حول «آبيي»، بين الشمال والجنوب، إدارياً وتاريخياً، فله خلفيات عديدة. ذلك أنّ اتفاقية «نيفاشا» (2005) قضت بإنشاء «مفوضية حدود آبيي»، من أجل تحديد منطقة سكن «مشيخات دينكا – نقوك التسع»، التي تنتمي إلى مديرية «كردفان» (نُقلت إليها عام 1905). ولهذا، وبحسب قرار محكمة «لاهاي» (2009)، فقد أصبحت مساحة منطقة «آبيي» تساوي (10460) كم مربعاً، أي ما يساوي مساحة لبنان تقريباً. ليختلف الشريكان بعدها، وكذلك أنصارهما المحليون، في قبول تقرير مفوضية حدود «آبيي». فقبيلة المسيرية(العربية) والمؤتمر الوطني يرفضانه، بينما تقبله الحركة الشعبية وقبيلة «دينكا ? نقوك»(الإفريقية). إضافة إلى اختلاف المجتمعين المحليين، على ترسيم حدود «منطقة آبيي»، بحسب قرار المحكمة الدولية في »لاهاي». وهنا تتراكم الاختلافات بين الفريقين، حول مسميات المستويات الإدارية، وبالتالي مساحة المنطقة المقصودة والمختلف عليها، فيتباين الوصف والمضمون لما هو مقصود بين: (منطقة أبيي – المفوضية)، أو (منطقة أبيي – لاهاي)، أو (منطقة أبيي – المحررة).
في الداخل والجوار، تجري منذ مدة محاولات لإيجاد مخارج للأزمة، منها «دعوة المنتدى المدني للتعايش السلمي بين مكونات المجتمع المحلي في آبيي»، ومنها أيضاً مقترحات «معهد السلام الأمريكي»، وكذلك ما يجري من حوارات في «أديس أبابا». وهنالك أيضاً «سيناريو المنطقة منزوعة السلاح»، الذي يمثلّ مقترحاً لجعل منطقة «آبيي منطقة محايدة ومنزوعة السلاح»، عبر تحويلها إلى « كيان محايد منزوع السلاح»، بمساحة (10460) كم مربعاً، انطلاقاً من الاعتراف بقرار التحكيم المقبول من الشريكين.
لا تتوقّف التحذيرات الداخلية في السودان، ولا خارجه، حول استمرار الصراع في غربي السودان ومخاطره، والعجز المحليّ والعربي عن تداركه ووقف تدهوره.
تلك المخاطر، التي تبدأ بإنفصال «اقليم دارفور»، ولا تنتهي بانفصال «الاقليم الشرقي»، ما سيقود حتماً إلى الكارثة الكبرى، وهي تمزّق السودان، على غرار ما حدث في » يوغوسلافيا» السابقة. ناهيك عن المخاطر الاستراتيجية الأكبر، التي قد تنتج عن تشظّى الحالة السودانية، كوطنٍ موحّد، الى دوائر اخرى من حوله.
وربما كان من ضرورات الكلام هنا، أو نوافله بحسب بعض الرؤى العربية اليوم، التذكير بما يمثّله السودان العربي الموحّد، في استراتيجية الأمن الجماعي العربي، غذائياً وبشرياً ومائياً ..!؟
راكان المجالي
عمان
المدعو راكان التخلف !!!!!!!!!!
أولاً : لن يفوتنا تفاصيل التكوين القطرى و الوطني كما تقول و لن يعوزنا الخيال و المعرفة التاريخية كما تقول.
ثانياً : أبيي كما تدعونه حزينة لم تكون كذا حتي في أيام المستعمر بل العرب و المدعون بالنفسهم عرب هم سبب الأساسي في مشكلة أبيي و تجاهل لتاريخ المنطقة طمس الحقائق إستبدالها بإفتراءات لا أسس لها من الصحة.
ثالثاً: جغرافية أبيي : تقع منطقة أبيي المتنازع عليها في غرب منطقة كرفان تحدها من الشمال مناطق يسكنها أفراد من قبيلة المسيرية و جنوب بحر العرب القريب منها من القبائل الإفريقية مثل الدينكا التي تدين معظمهم بالديانات المسيحية و كذالك القبائل العربية كالمسيرية و الرزيقات و يدعي كل طرف سيادته تاريخياً علي المنطقة معتبر الأخرين غرباء و تعتبر أبيي منطقة متداخل بين المسيرية شمالية و هم من الرعاه و بين الدينكا الجنوبية و هم رعاة الأبقار أيضاً و يعود تاريخ التداخل إلي القرن الثامن عشر تغريباً و قد ظلت أبيي إدارياً لشمال.
جعرافية أبيي : ليس لهذا الكاتب أدنى فكرة عن جغرافية أبيي و حتي التكوين السكاني.
رابعاً : أبيي منطقة إدارية قبل الإستقلال فقد تم تحويلة بحر الغزال إلي كردفان عام 1905 و هذا ما لم يذكره الكاتب.
ابيي شماليه في حال دخول الافارقه السودان وكتب التاريخ تقول عكس ذلك
ابيى جا اسمها من قصة شهيرة الا و هى ان بنات من المسيرية هجم عليهن ثور فصرخن ابوى ياى و هى عبارة تعنى يا ابوى الحقنى اذن فهى للمسيرية و هذا لايقصى الدينكا لانه اى شخص مقيم فى ارض منذ عام 1905 سوف يعتبر من المنطقة حتى و لو جاء من الجنوب و نفس المنطق يقال للمسيرية بانهم فى ابيى منذ عام 1905 لذا لن يستطيع اى جنوبى ان يطردهم مها الان و الدينكا يعرفون بان الخاسر الاول هم و المسيرية ام تجار الحرب الجنوبيين فلن يرضوا بغير تدمير ابيى