أخبار السودان

جنوبياً هوانا

جنوبياً هوانا

كمال كرار

على أيام دراستنا الجامعية كنا قد ملأنا الميدان الشرقي لتشجيع فريق الكلية (الاقتصاد) في مباراته أمام الآداب وكان مازدا نجم فريقها، وكانت المباراة حاسمة لنيل لقب البطولة.
عكس الحكم مخالفة كانت لفريقنا على مشارف خط 18 ولم يستمع لرأي مساعده فصحت به ? يا حكم يا ديكتاتور? فضحك الذي بجانبي وقال بعربي ? مكسر ? الحكم دا نميري ولا شنو؟ .
كان ذلك ستيفن أكوت مكواج زميلي بالكلية والجنوبي اللماح والذكي فصرنا أصدقاء من يومها وفرقتنا دروب الحياة بعد التخرج ولا أعرف حتي الآن أين انزوى أو اختفى.
وكان بالكلية أيضاً الشيوعي الجنوبي سانتينو دينق الأصيل ود البلد الذي حلم دوماً بتنمية الريف الجنوبي وبالاشتراكية من حلفا إلى نمولي.
وفي مكان عملي بالطاقة والتعدين كان هنالك ?أباديو وات ? الجنوبي الغلباوي الذي جنن عبد الباقي فقد حلم وات بوظيفة مدير عام مصفاة بانتيو المقترحة آنذاك ولكن نميري وسدنته اقترحوا بعد ذلك مدينة كوستي فوأدوا أحلامه المتواضعة.
وكان في نفس المؤسسة جوزيف ابن الجنوب في وظيفة ساعي، فجاءت حبيبة حمد ( زوجته لاحقاً ) فأرسل هذا الأخير جوزيف لشراء ? حاجة باردة ? فعاد بعد مدة خالي الوفاض وقال لحمد : لقيت حاجة باردة حارة وما جبتها.
بعد تلك الحادثة تبادل الشيوعيون بالطاقة تعليم جوزيف لإكمال دراسته فنجح وتفوق ودخل حنتوب الثانوية.
ويوماً ما بعد الانتفاضة وجدت مها الزين وصديقتها محاسن في حالة من الحزن الشديد والعويل لدرجة الإغماء فعرفت منهما باستشهاد الشاب الشيوعي وزميلهما الجنوبي ايزودورو عيسي في حادث إسقاط طائرة مدنية فوق ملكال وتحدثتا كثيراً عن التزامه وصفاته النادرة.
أما مشار اشيك فقد نعي السودان يوم أن رفض الصادق المهدي مبادرة الميرغني فقال لي ? مندوكورو ضيع البلد ? وكان ذلك قبيل انقلاب يونيو المشؤوم.
وعلى مر الأيام صادفت جنوبيين أصيلين وجنوبيات مرهفات فاتنات يضحكن من الأعماق في ظل نظام سياسي رجعي يجعلهن مواطنات من الدرجة الثانية أو الرابعة لكنهن مفعمات بالأمل في سودان ديمقراطي واشتراكي عادل.
الآن ينفصل الجنوب عن الشمال، لكنه لم يغادر رقعته الجغرافية ولن يستطيع السدنة محو التاريخ المشترك والنيل الواحد ولو امتلأت الدنيا بتصريحات الكراهية التي سببها البترول الذي فلت من أيدي العلوج ( أقصد العجول ).

الميدان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..